خاص B2B-SY
بعد أن أصدرت بلدية منطقة "البداوي" التابعة لمدينة طرابلس شمال لبنان قراراً ينص على إغلاق المحال التجارية والصناعية للسوريين ومنعهم من العمل كأرباب عمل، وحصر عملهم كعمال عاديين، لاقى هذا القرار استنكاراً كبيراً من قبل السوريين وعبر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم قائلين:" لولا الاستثمارات السورية في لبنان لأصبح في خبر كان".
دمشق| فاطمة عمراني
قوانين تمنع السوريين من الاستثمار المباشر
تؤكد مصادر رسمية في لبنان تضييق الخناق على السوريين، فحتى لو طلب السوري إذناً للعمل قد لا يحصل عليه وتغلق بعض المحلات بحجة عدم وجود إقامة أو إذن عمل مع صاحب العمل، مع أن أكثر المهن التي يعمل بها السوريون في لبنان الزراعة والإسمنت والأعمال الإنشائية ذات الأجور المتدنية وذلك بحسب قول السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم.
وكانت الحكومة اللبنانية قد قامت بإصدار قانون يمنع السوريين من الاستثمار المباشر في لبنان ويقيدهم بشكل إجباري بالعمل في شركات لبنانية وضمن وظائف محددة ضمن قطاعات معينة مثل قطاع النظافة والبناء. وبالتالي فإن هذه الأموال المودعة في المصارف لا يُستفاد منها فعليا في الاستثمار بل مودعة بهدف الادخار فقط.
العمالة السورية في لبنان
يشير خبراء اقتصاديون لموقع "بزنس 2 بزنس" إلى أن بعض اللبنانيين يرفضون تعيين العمالة السورية كأرباب عمل لهم، لكنهم مضطرين لتشغيلهم بمهن "أقل شأناً" حسب تعبيرهم بسبب رفض كثير من اللبنانيون العمل بها كأعمال البناء والمهن البسيطة ذات الدخل المتدني ويجحفونهم حقوقهم مقابل أجور زهيدة.
وهل تعتبر هذه الإساءة المقصودة إلا إهانة كبرى بحق العمال السوريين الذين عمروا لبنان وما زالوا إلى الآن يساهمون في بناء لبنان؟!
ومع أن العمالة السورية ليست بجديدة على الساحة اللبنانية فالعمال السوريون متواجدين في لبنان منذ 1980 فما سبب هذه الإهانات الموجهة لهم حالياً بعد كل الخدمات التي قدموها إلى لبنان؟
تسول لبناني باسم اللاجئين السوريين
استنكر الكثير من السوريين تصرفات بعض الأحزاب اللبنانية بالتسول من المجتمعات الدولية تحت اسم اللاجئين وبذريعة تواجد عدد كبير ممن اعتبرتهم "نازحين سوريين" على أراضيها، واعتبر البعض أن في ذلك مساس بكرامة السوريين وإهانة لهم.
ولو كانت الدولة اللبنانية دولة قانون لكان من الممكن التوصل لحل بالنسبة للاجئين السوريين، لكن لولا العمالة السورية لتدهور الاقتصاد اللبناني فماذا سينتظر اللبنانيون من حكومة تتخبط في قراراتها؟ هل يتوقع أن تعيل هذه الحكومة شعبها؟
فكيف لدولة تعتبر نفسها "دولة سياحية" ألا تحترم زوارها وأن تنعتهم بصفات سيئة وتهينهم على الحدود وتسيء معاملتهم أيضاً، إلا إذا كانت هذه الدولة لا تحترم نفسها أصلاً.
كما يتساءل خبراء اقتصاديون عن سبب إبداع السوريين في دول الاتحاد الأوروبي الذي أشادت حكوماته بتميز السوريين، فكيف يتميزون في أوروبا ويتعرضون لأسوأ أنواع الإهانات في لبنان الذي قضى على أحلامهم وطموحاتهم حينما لجأوا إليه هرباً من ويلات الحرب؟
موقف الحكومة السورية
من جهتها رحبت الحكومة السورية بعودة اللاجئين السوريين في لبنان وقدمت لهم تسهيلات عديدة على لسان عدد كبير من مسؤولي الحكومة السورية وعلى رأسهم سفير سوريا في لبنان، ولكن الاغراءات المقدمة من بعض الأحزاب اللبنانية لاستمرار تواجد اللاجئين السوريين عبر تقديم مبلغ 200 دولار لكل عائلة نازحة، هذه الاغراءات حالت دون عودة البعض بالإضافة إلى أسباب أخرى تخص البعض الآخر تتلخص في الوضع المعيشي والأمني الذي لا زالت تعاني منه سوريا.
18% استثمارات السوريين مصرفياً من إجمالي الودائع في لبنان
يقول خبراء اقتصاديون لموقع "بزنس 2 بزنس" أن مجموع الاستثمارات السورية حوالي 24 مليار دولار، في حين أن تصريحات الحكومة اللبنانية تقول بأن حجم الودائع السورية في مصارفها يتراوح بين 18 و30 مليار دولار، هو من أصل 158.20 مليار حجم الودائع في البنوك اللبنانية مع نهاية كانون الأول 2016 ، أي ما يساوي 15-18% من إجمالي الودائع.
وبلغت استثمارات السوريون بسندات حكومية بفائدة 5.5 % لمدة 5 سنوات بمبلغ تقريبي يصل إلى 12 مليار دولار. كما بلغت استثمارات السوريين على الصعيد الصناعي والسياحي تقريباً 12 مليار دولار أيضاً.
وظهرت بداية ازدياد حجم الاستثمارات في احتياطي مصرف لبنان الذي ارتفع بشكل خاص من 29 مليار إلى 37 مليار، في فترة شهدت انخفاضاً في واردات السياحة وضعف التحويلات من الخليج وأوروبا، ما دل في حينها أنّ مصدر الأموال سوريا.
وفي الماضي كان التجار السوريون يعتمدون على المصارف اللبنانية في فتح اعتماداتهم التجارية للاستيراد، لكن مع ظهور المصارف الخاص والسماح بالتعامل بالعملات الأجنبية تراجع حجم ودائع السوريين في المصارف في لبنان.
والودائع السورية موجودة في لبنان في شكل عام، تقليدياً، وحتى قبل اندلاع الحرب السورية عام 2011، وإن بوتيرة مختلفة ربما، وتعتبر عاملاً مهماً ساهم في الحفاظ على استقرار العملة اللبنانية، باعتبار أن الودائع موجودة بالعملة اللبنانية، بمعزل عن التجاذبات السياسية التي حكمت البلاد على مر العقود الثلاث الأخيرة.
و كان قد أشار صندوق النقد الدولي في تقرير سابق له، إلى إنكشاف المصارف الكبير في لبنان تجاه الدين السيادي، الذي بلغ 138% من الناتج المحلّي، بينما بلغ العجز ما يوازي 9 إلى 10% من الناتج المحلّي. وإذ تشكّل المصارف المصدر الأساسي لتمويل الدين، تشكّل سندات الدين الحكوميّة نحو 28% من موجودات هذه المصارف، بينما تشكّل المطلوبات من مصرف لبنان 40% من هذه الموجودات المصرفية. بالتالي، تمثل الموجودات لدى مصرف لبنان وسندات الدين الحكومية ما مجموعه 68% من الموجودات المصرفية. ويشير التقرير إلى كون المصارف معرضة إلى خفض تصنيفاتها الائتمانية بسبب هذا الانكشاف.
يلاحظ التقرير ارتفاع نسبة الديون المتعثرة إلى 10.4% في حزيران 2016، في ظل قطاع عقاري متباطئ. ما يشكّل مخاطر متزايدة على المصارف. كما أن نحو 90% من محفظة ديون المصارف مرتبطة بمخاطر السوق العقاري، إما بشكل مباشر كما في حالة القروض العقارية والسكنية، وإما بشكل غير مباشر عبر الرهونات العقارية. وفي حالة القروض العقارية، فقد بدأت عوارض التعسر في هذه القروض بالظهور، في ظل وجود كميات كبيرة من العقارات غير المباعة
استثمارات تجارية وصناعية و حتى تلفزيونية و صحية
بالنسبة للاستثمارات السورية في لبنان، فشهدت رواجاً وتنوعاً على عدة أصعدة تجارية وصناعية وسياحية وخدمية، وتم إنشاء واستثمار العديد من معامل المشروبات الروحية والمعامل الغذائية ومعامل البلاستيك ومعامل الحلويات والمعامل الصناعية بكافة نواحيها التي لم يعرفها اللبنانيون إلا عند قدوم من اعتبروهم "نازحين" إلى أراضيهم تزامناً مع الأزمة السورية.
ناهيك عن المعارض السورية التي تقام في لبنان وتشارك بها أهم الشركات السورية مثل معرض سيريامودا ومعرض موتكس الذين حظيا بحجم مشاركات دولية فاقت التوقعات وتسببت بأرباح كبيرة للحكومة اللبنانية، بالإضافة إل المشاركة السورية في معارض لبنانية مثل هوريكا
بالإضافة إلى الكثير والكثير من الاستثمارات منها المؤقتة مثل تصوير المسلسلات التفلزيوينة و الخدمات الصحية و غيرها
من ناحية أخرى يستورد لبنان المنتجات السورية بكميات كبيرة لا سيما الألبسة والأغذية والخضار والفواكه، ويتساءل مراقبون عما سيحل بلبنان إذا توقفت سوريا عن التصدير للبنان أو حتى إن عاملت الحكومة السورية نظيرتها اللبنانية بالمثل.
استثمارات في سوق العقارات أيضاً
عملياً فإن المال السوري أثر على سوق العقارات اللبنانية بشكل أساسي، فهناك واقع ديموغرافيا مع وصول أعداد كبيرة من السوريين واستثماراتهم عقارياً ما بين شراء واستئجار للعقارات، فإن عائدات إيجارات المنازل التي يدفع السوريون رسم إيجارها سنوياً ما بين 50 إلى 60 ألف دولار يضاف إلى رصيد استثمارات السوريين في لبنان ويدعم الاقتصاد اللبناني.
المطارات لها نصيبها
عدا عن عائدات المطارات اللبنانية التي لم تجني أرباحاً طائلة إلا بسبب الأزمة السورية والعقوبات المفروضة على سوريا، وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المواطنين السوريين الذين اضطروا للسفر عبر مطارات لبنان لم يحبذوا هذه الفكرة، وقالت السيدة سمر لموقع "بزنس تو بزنس" على المسافر الذي يريد السفر عبر المطارات اللبنانية التوجه براً من سوريا إلى لبنان والعبور عبر الحدود وتحمل المعاملة السيئة التي يعامل بها السوريون على الحدود والسفر عبر طيرانهم الجوي ودعمهم مادياً أيضاً ؟! إن هذا حقاً يثير استيائي، وأنا أعلم أن الكثيرين مثلي يعانون من نفس المشكلة".
تناقض في المواقف اللبنانية
من جهته يزعم رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير أن عدد الاستثمارات السورية في لبنان قليل جداً، وأن السوق اللبنانية متخمة بالمشاريع التجارية الصغيرة وغير القانونية التي يشغلها عدد كبير من النازحين السوريين. إلا أن هذه المشاريع هي محال تزيد من خراب الاقتصاد اللبناني" بحسب تعبيره.
والمثير للدهشة أنه مع كل هذه الإساءة الموجهة للسوريين، لا يزال مسؤولون لبنانيون يبدون رغبة شديدة في إشراك حكومتهم بإعادة إعمار سوريا في مشاريع البنى التحتية والكهرباء والمياه التي يعاني لبنان أصلاً من مشاكل جمة فيها !!