لا شك أن تشييد أي بناء هو عبارة عن دائرة مستديرة تكمل بعضها البعض وإن حدث أي خلل أو تباطؤ في الدائرة يعود سلباً على باقي المجموعة، وما حدث خلال سنوات الأزمة هو فقدان هذه الدائرة لمركزها الأساسي المتمثل في مادة الإسمنت والتي شهدت ارتفاعاً مخيفاً في سعرها على مدار سنوات الأزمة، ما أدى لإشعال سوق العقارات بأسعار خيالية لم يعد يقوى المواطن على تحملها، ومن يتتبع تصريحات المسؤولين خلال السنوات الماضية حول محاولاتهم لاستمرار عجلة الإنتاج بالدوران وتأمين المادة ورفد السوق بحاجته يلحظ التناقض الكبير بين هذه التصريحات وما كان ملموساً على أرض الواقع خلال الفترة الماضية، واليوم وبعد عودة عدد من الشركات للإقلاع من جديد لم يطرأ أي تغيير يذكر على سعر هذه المادة بل على العكس نشهد ارتفاعاً يطالعنا به أصحاب القرار كل فترة متخذين من نقص الفيول الذي هو الوقود الرئيس في معامل الإسمنت، وعدم تأمين التغذية الكهربائية الدائمة للمعامل مبرراً لتوقف وتعطل شركات الإسمنت..!.
شركة حلب تنهض
رئيس الاتحاد المهني لنقابة عمال البناء والأخشاب خلف حنوش أكد أن شركات الإسمنت كغيرها من الشركات ومفاصل الدولة التي طالتها يد الإرهاب وأوقفتها عن الإنتاج، لكن وبعد تحرير مدينة حلب من رجس الإرهاب تم تأهيل البنية التحتية والكهربائية للوحدة الاقتصادية هناك، وهي قيد التشغيل خلال الأيام القادمة بتمويل ذاتي من المؤسسة العامة، أما الشركة العربية للإسمنت ومواد البناء في حلب والمتوقفة منذ عام 2012 فقد بدأ العمل بإعادة ترميمها وتأهيلها وهي تحتاج لمبلغ 7.5 مليارات ليرة سورية لتأهيل المطاحن والأقسام المساعدة، موضحاً الآلية التي تم اعتمادها لتأمين 7.5 مليارات، حيث يتوفر في شركة الشهباء للإسمنت في حلب والذي لا يمكن إعادة تأهيل المعمل حالياً “إسمنت المسلمية” بسبب سرقته بالكامل من المجموعات الإرهابية المسلحة كمية كلينكر 195 ألف طن، وقيمتها 5 مليارات ليرة سورية يمكن بيعها لمؤسسة الإسكان العسكري والقريبة من المعمل، ويتوفر كمية فيول بالشركة العربية بقيمة 12 ألف طن قيمتها 2.5 مليار وفق السعر الحالي، وبهذا يتم تأمين المبلغ، كذلك يتوفر كمية كلينكر وإسمنت في الشيخ سيد والشركة العربية هي قيد التحليل والتأكد من صلاحيتها حيث يمكن الاستفادة منها مستقبلاً.
وأضاف حنوش: إن حال شركة إسمنت الرستن لصناعة الإسمنت ومواد البناء بحمص لم يختلف عن باقي الشركات المتوقفة بسبب الظروف الأمنية المحيطة بالشركة، حيث تقع ضمن محيط يسيطر عليه حالياً عناصر العصابات الإرهابية المسلحة، لكن حال هذه الشركات مؤقت، حيث ستعود للعمل بحال أفضل من السابق في وقت قريب.
طاقات إنتاجية
وفيما يخص الطاقة التصميمية لمعامل الإسمنت العامة في سورية أشار حنوش إلى أن الطاقة الإنتاجية الفعلية للخطوط الثلاثة في عدرا 2200 طن يومياً، كذلك الطاقة الإنتاجية الفعلية في حماة للخط الثالث 3000 طن كلينكر يومياً، والخط الثاني 950 طن كلينكر يومياً، أما شركة إسمنت الشهباء في حلب فهي متوقفة حالياً، كذلك شركة إسمنت الرستن متوقفة عن العمل، أما شركة إسمنت طرطوس فتبلغ الطاقة الإنتاجية الفعلية 1320 طن كلينكر يومياً للخط الواحد، وتم كسر جزئي للحصار الاقتصادي من خلال تأهيل بعض القطع التبديلية كعجلات الأفران ومسننات المطاحن وقواطع الكهرباء، ما وفر القطع الأجنبي واستمرارية العملية الإنتاجية، وبعد تعثر عدة سنوات في إسمنت طرطوس حققت الشركة المذكورة ربح أكثر من ملياري ليرة سورية خلال 2016.