خاص B2B-SY
تزامناً مع اقتراب نهاية شهر أيار، وبدخول فصل الصيف بدأت معاناة الأسرة السورية تزداد اقتصادياً، ومع بدء موسم تخزين المواد الغذائية واقتراب شهر رمضان الكريم، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي لا تتناسب أبداً مع ميزانية ذوي الدخل المحدود، باتت بعض هذه الأسر تفكر بالاستغناء عن كثير من الأغذية أو حتى خفض الكمية المعتادة إلى النصف، سواء كانت هذه الأغذية من أجل المونة لفصل الشتاء أم لشهر رمضان.
خاص بزنس2بزنس سورية | فاطمة عمراني
تكلفة مونة الشتاء
ولو أردنا أن نجري حساباً بسيطاً لتكلفة مونة الشتاء لوجدنا أن بعض الأسر الميسورة مادياً تصل تكلفة مونتها السنوية لأكثر من مئة ألف ليرة. فمثلا: الأسرة المكونة من ستة أشخاص حاجتهم من مونة البازلاء وسطياً حوالي 40 كيلو ومن الفول 25 كيلو وعلى ذلك من المفترض أن تنفق الأسرة كحد أدنى 15 ألف ليرة إذا بقي سعر الكيلو الواحد 300 ليرة ويختلف سعر الكيلو حسب جودة المادة ونخبها وإذا افترضنا أن سعر كيلو الفول 150-200 ليرة فإن الأسرة تحتاج إلى ما يقارب 6 إلى 7 آلاف ليرة مع العلم أن متوسط راتب الفرد يتراوح بين 30 -40 ألف ليرة.
وتقول أم أحمد وهي أم لخمسة أطفال لموقع "بزنس 2 بزنس" أنها اضطرت إلى تقليص حجم مشترياتها للسلع التي تريد تخزينها بعد تصاعد أسعارها الكبير الذي يدفع المستهلك ثمنه في كل مرة مع اختلاف الأساليب والطرق، كما حملت الجهات المعنية مسؤولية ارتفاع الأسعار حيث تقول: لا تزال الجهات المعنية ثابتة على مواقفها بتحميل الأزمة مسؤولية فوضى الأسعار القائمة.
من جهة أخرى تقول سلمى: "إن الأسر كانت تلجأ إلى اتباع سياسة الادخار من أجل تأمين مونتها، لكن للأسف فإن هذا الخيار لم يعد متاحاً نظراً لأن هذا الادخار لم يعد ممكناً فالراتب بالكاد يستطيع شراء الحاجات والسلع الأساسية".
وتضيف: " إن المونة هذا الشهر قد تكون مستحيلة فأنا أحتاج أكثر من نصف راتبي لتموين البازلاء ومواد أخرى مع العلم بأن راتبي الشهري من دون المونة غير كاف للطعام والشراب وبقية الاحتياجات".
ولا يختلف رأي أبو إبراهيم عمن سبقوه من المواطنين عند لقاء الفريق الاقتصادي لموقع "بزنس 2 بزنس" معهم، فيقول: "لم أستطع تموين كل من البازيلاء والفول لهذا العام واقتصرت مونتي على نصف كمية الفول التي اعتدت على تموينها وهي 30 كيلو غرام، في السابق كنت أخزن 60 كيلو غرام فول و60 كيلو بازلاء، لكن تزامن موسم المونة مع اقتراب شهر رمضان منعني من شراء حاجتي".
مسلسل ارتفاع الأسعار هو الأبرز في الدراما الرمضانية السورية
وكأن هم المونة لا يثقل كاهل الأسر السورية بما فيه الكفاية في شهر أيار، فتأتي استعدادات تخزين المواد الغذائية من أجل شهر رمضان لتكون بمثابة الضربة القاضية لهم.
يقول أحد تجار الخضروات في سوق الشيخ محيي الدين بدمشق لموقع "بزنس 2 بزنس" بأن ارتفاع أسعار السلع ظاهرة عالمية ولكن في سورية لا نستطيع ضبط الأسعار بما يتفق مع قيمة السلعة، ويؤكد ان أسعار الخضروات دائما ترتفع قبيل شهر رمضان بحوالي أسبوع ثم تعود للانخفاض ثم يزيد سعرها قبل العيد، والسبب يرجع إلى الإقبال المتزايد على الشراء والتخزين لموسم رمضان والعيد خوفاً من زيادة الأسعار، ويرى أن سبب ارتفاع أسعار الخضروات يرجع إلى ارتفاع الأسمدة الزراعية وتحكم التجار الكبار في السوق.
أما أبو وسيم تاجر الألبان في نفس السوق فيقول لموقع "بزنس 2 بزنس": ومن جهته أكد على أن ارتفاع أسعار الألبان المحلية يرجع إلى ارتفاع التكاليف كارتفاع عبوات وأكياس البلاستك، وارتفاع أسعار الحليب في المزارع، وهناك كثير من السلع ترتفع أسعارها ثم تنخفض مثل الزيت حيث وصل إلى 12 جنيه ثم انخفض إلى 9 جنيهات، أما الألبان أسعارها ترتفع ولا تنخفض".
تقول سامية (موظفة) لموقع "بزنس 2 بزنس": "يأتي شهر رمضان بميزانية خاصة في كل بيت وتتزايد فيه نسبة الشراء، لكن للأسف كثيرا ما نتعرض للاستغلال بسبب جشع التجار، ولا يوجد أي ضابط يحكم السوق والأسعار (وانت وشطارتك في الفصال مع التجار) فأسعار الخضار تختلف من منطقة إلى أخرى، وتتساءل عن أسباب ارتفاع الأسعار هل هو جشع التجار أم ارتفاع التكاليف وقلة المعروض أم بعض الممارسات الاحتكارية.
هل فعلاً الحكومة تبذل جهدها؟!
على الرغم من التصريحات الحكومية التي نسمعها ليلاً نهاراً عن سيطرتها على الأسواق، لا زال شبح شهر أيار يطارد السوريين ما بين الجولات على الأسواق والتصريحات الحكومية الأخيرة من وزارة التموين التي أعلنت فيها على لسان مدير حماية المستهلك، أن إجمالي عدد الضبوط المنظمة خلال الشهر الماضي بلغ 2283 ضبطاً، كما تم إحالة 3 أشخاص للقضاء بسبب ارتكابهم مخالفات جسيمة.
وبالرغم من كل هذه الضبوط التموينية تبقى الأسواق السورية ميداناً للغش والنصب من قبل التجار، ويبقى المواطن السوري ضحية جشع مستغلي الأزمة.
ويطالب العديد من المواطنين الحكومة بإجراءات أكثر صرامة مع التجار، بالإضافة للإعلان عن الخطة الحكومية التي ستطبق في شهر رمضان للسيطرة على الأسعار بعد التفاوت الكبير في هذه الأسعار من سوق لآخر وحتى من بائع لآخر في نفس السوق، لأن المواطن مجبر على الشراء لعدم توفر بدائل أخرى أمامه فهو إمام خيارين إما التعرض للسرقة والنصب طوعاً أو الموت جوعاً.