خاص B2B-SY
من الطبيعي أن يفرض شهر رمضان المبارك نوعاً من التسابق للشراء بالنسبة للكثير من المواطنين، ولكن من غير الطبيعي أن تكون النسبة العظمى من المواطنين عاجزة عن شراء أبسط مستلزمات الشهر الذي لطالما عرفناه بالكريم.
ويتكرر السيناريو الرمضاني في كل عام والمتعلق بارتفاع أسعار المواد الغذائية ليصبح المواطن السوري في سباق محموم مع الوقت لتأمين احتياجاته الغذائية تزامناً مع اقتراب الشهر المبارك.
خاص موقع بزنس2بزنس سورية | فاطمة عمراني
ما حقيقة أسباب ارتفاع الأسعار خلال رمضان ؟!
يوضح خبراء اقتصاديون لموقع "بزنس 2 بزنس" أسباب ارتفاع الأسعار في رمضان والتي تتفوق على معدلات التضخم العالمية، فإن التضخم يُحدِث لدى المستهلكين توقعات وتخوفاً غير عقلاني من ارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى شراء كميات كبيرة في وقت واحد لاعتقاد المستهلك بأن الأسعار سترتفع فجأة، وهي ظاهرة تغذيها الشائعات في ظل غياب المعلومات الصحيحة، ولأنها تعدت الحدود العقلانية، أصبحت ظاهرة عالية الضرر فيما يعرف في علم الاقتصاد بشراء الهلع.
بالإضافة إلى جشع التجار، من خلال زيادة الأسعار لتحقيق أرباح كبيرة في فترة زمنية قياسية، الأمر الذي يتعارض مع الأخلاق المتعارف عليها اجتماعياً، كما أن التجار لا يقومون باستيراد بضائع جديدة ومختلفة في شهر رمضان، بل الكثير من التجار يكون لديهم سلع مخزنة قبل شهر رمضان، وبالتالي يستغلون ذلك لرفع الأسعار من جهة وللتخلص من البضائع القديمة من جهة أخرى، كل هذه الظروف توفر بيئة مواتية لارتفاع الأسعار في رمضان.
غلاء أسعار البضائع وزيادة الطلب عليها
تقول السيدة سامية (موظفة) لموقع "بزنس 2 بزنس": "الأجواء في الشارع السوري هذا العام أصعب من العام الماضي، في ظل غياب الرقابة على الأسعار، جميع التجار ترفع من أسعارها، السوق عرض وطلب، وفي رمضان الطلب يزيد، والتجار يستغلون هذا الأمر ويرفعون الأسعار والناس تستمر في الشراء".
وتتابع: "كل أسبوع نطبخ مرة واحدة، الموظف لا مجال له للادخار، فالقروض أثقلت كاهله، والقدرة الشرائية لديه أصبحت قليلة جداً، الجميع بدأ يلجأ للبضائع المجمدة من لحوم ودجاج وحتى خضار لغلاء أسعار اللحوم الطازجة".
وأوضحت: "أوزع ثلثي راتبي عند استلامه على سداد ديون المحلات التجارية، ودفع فواتير الإنترنت والهاتف، وتأمين بعض متطلبات الأولاد، ويبقى القليل من الراتب، وأضطر للاستدانة مرة أخرى".
في الإطار ذاته، يقول خالد (معلم): "إن الارتفاع بات تقليداً للتجار مع بداية شهر رمضان خاصة أنه لا يوجد رقيب ولا حسيب عليهم، وأضحينا نختصر أموراً عديدة لنتكيف مع الوضع".
ويضيف: "نتمنى أن يخفضوا من أسعار اللحوم والدجاج والخضار، قبل رمضان كان الوضع أسهل قليلاً، لكن في رمضان الأسعار كلها صارت مرتفعة، والشاطر الذي يستغل الآخر".
ويكمل خالد حديثه ل "بزنس 2 بزنس": "أصبحت معظم الأسر السورية تعيش أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، حالت دون تجمع العائلات في الشهر الفضيل، فالغلاء غيب عنا عادات وتقاليد اجتماعية سورية حميمة، لكن الحال قد تغير ولم يعد بوسع الكثيرين الاحتفاظ بتلك العادات بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية".
ارتفاع الأسعار قبل رمضان ليس بجديد، فما الحل؟
يقترح خبراء اقتصاديون حلول عديدة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار قبيل الشهر المبارك منها استيراد السلع الرمضانية مباشرة وتوفيرها لتجار التجزئة بسعر التكلفة لإيجاد منافس لتجار الجملة اللذين قد يقومون بتقليص المعروض وبالتالي زيادة الأسعار، وزيادة المنافسة بين التجار تزامناً مع زيادة الرقابة للتأكد من التزام التجار بالأسعار الرسمية، وأخيراً نشر الوعي الاستهلاكي بين المواطنين.
التجارة الداخلية تشدد رقابتها على الأسواق
في خطوة إيجابية، تحاول التجارة الداخلية فرض سيطرتها على الأسواق السورية مع اقتراب الشهر الكريم، وتأمين بدائل حكومية للمواطن بهدف تأمين احتياجاته بأسعار مدروسة ولحمايته من جشع التجار، حيث وجّه وزير التجارة الداخلية عبد الله الغربي «السورية للتجارة» لإقامة مهرجانات رمضانية قبل أسبوع من بداية شهر رمضان المبارك في فروع المؤسسة في المحافظات، على أن يتوفر فيها تشكيلة واسعة من السلع والمواد الغذائية والخضر والفواكه بأسعار منافسة ونوعية جيدة وذلك في صالات ومنافذ البيع التابعة للمؤسسة، مع تكثيف الدوريات الرقابية، وطالب الغربي بأن يتم التركيز على المواد الأساسية من مواد غذائية (الخضر والفواكه – ألبان وأجبان – حبوب) وغيرها من المواد الغذائية الأساسية التي تهم المائدة الرمضانية.
لا يختلف الوضع هذا العام عن الأعوام الماضية، فمع اقتراب شهر رمضان وتزاحم المواطنين على شراء خزين هذا الشهر من السلع، يأتي هذا الشهر كموسم رزق للتجار، فيما يكون المواطن محاصرًا في هذا الشهر بعبء زيادة الأسعار التي ستؤثر على كميات شرائه وقد تحرمه تأمين أبسط احتياجاته الغذائية.