خاص B2B-SY
تعتبر الجلسات الامتحانية ظاهرة قديمة متجددة تعقد على شكل لقاءات قبل فترة الامتحانات، حيث تعمل المعاهد الخاصة على ترتيبها، لأهداف متعددة قد يكون من أهمها بالطبع الشهرة والربح المادي،فهي تجمع من خلالها بين الطلاب المسجلين لديها أو الراغبين في اللحظات الأخيرة، بالالتحاق في صفوفها، والمدرسين المخضرمين، الذين يعملون على إجراء مراجعة مكثفة للمنهاج بهدف ترميم النقص عند الطلبة.
خاص موقع بزنس2بزنس سورية | فاطمة عمراني
لتختتم موسمها بإعطاء نماذج لأسئلة متوقعة، إلى هنا لا غبار على الموضوع وقد يكون مقبولاً وعادياً، ولكن ما يلفت الانتباه وبات مثيراً للجدل حقيقة أن الكثير من الطلاب بدأ بالفعل الاستغناء عن معلومات وأوراق الكتاب المدرسي، والاعتماد في دراسته على ما يرد في وريقات تلك الجلسات التي صارت اليوم أشبه بموضة يتبعها الطلبة المتفوقون والمقصرون على حد سواء، حالها في ذلك حال الدروس الخصوصية، ولكن بشكل متطور أكثر من حيث الشكل والمدة والأهم السعر، فمؤشرات البورصة تبدأ من 3000 لتحلق فوق الـ 6000 ليرة سورية للجلسة الواحدة.
مؤشرات البورصة تبدأ من 3 إلى 6 آلاف!
وتختلف أسعار هذه الجلسات بحسب المادة وبحسب المعهد الذي يقيمها وبحسب المدرس، حيث بلغ سعر الجلسة الامتحانية لمادة الفلسفة 6000 ليرة، فيما وصل سعر كل من جلسات اللغة العربية والإنكليزية إلى 4000 ليرة، واللغة الفرنسية 3500 ليرة، وكل من مواد الجغرافية والتاريخ 4000 ليرة.
أما للقسم العلمي فبلغ سعر الجلسة الامتحانية لمادة الرياضيات 6000 ليرة، ولكل من مواد الفيزياء والكيمياء والعلوم 4000 ليرة.
ويزداد سعر الجلسة كلما كان المدرس مخضرماً، وكلما كان المعهد الذي يقيم الجلسات مشهوراً في الأوساط الطلابية.
ولكن هل يحقق الطلاب الاستفادة المطلوبة من هذه الجلسات؟
200 طالب في الجلسة الامتحانية الواحدة !!
تقول سارة (طالبة بكالوريا أدبي) لموقع "بزنس 2 بزنس": " سجلت في الجلسات الامتحانية للغة العربية في معهد الحضارة بدمشق، في الجلسة الواحدة كنا حوالي 200 طالب، وأحياناً لا أجد مكاناً داخل الصف فأجلس في الخارج عند الباب".
وتضيف: " في الجلسات الامتحانية لبعض المواد كالفلسفة مثلاً، لا ألاحظ أن المدرس يقدم معلومات مفيدة بل غالباً ما تكون الجلسة سرداً شفهياً للمعلومات أي بعبارة أخرى "تضييع وقت".
800 ألف ليرة أرباح المعهد في جلسة امتحانية واحدة!
وإذا كانت تكلفة الجلسة للطالب الواحد لمادة اللغة العربية على سبيل المثال 4000 ليرة، ومع حضور 200 طالب نجد أن أرباح المعهد تقارب 800 ألف ليرة سورية خلال جلسة امتحانية واحدة، مع العلم أن المعهد يقيم أكثر من جلسة خلال اليوم، وبحساب بسيط نجد أن أرباحه تتجاوز الملايين يومياً، فالجلسات الامتحانية تجارة رابحة لبضاعة غير كاسدة في هذا الوقت من العام.
الطلاب والأهالي: لا جدوى من هذه الجلسات
أما علي (طالب بكالوريا علمي) فيقول لموقع "بزنس 2 بزنس": "لم أسجل في هذه الدورات الامتحانية لأنها لا تتعدى كونها مراجعة لكل المنهاج، ولها سلبيات كثيرة كالتركيز على بعض الأفكار وإهمال الأفكار الأخرى، وهذا يؤدي إلى تشويش الطالب لأنه سيعتمد على التوقع، على حين تأتي الأسئلة الامتحانية شاملة لجميع أفكار الكتاب المدرسي، وتنميط الطالب ونمذجة تفكيره لأنه سيعتمد على الحفظ لبعض المواضيع والمسائل والأفكار، في حين تركز الأسئلة الامتحانية على مستويات التفكير المختلفة من المعرفة والفهم والتفسير والتحليل والتطبيق والتقويم، إضافة إلى أسئلة المهارات، وتضييع وقت الطالب لأنه اتكل على الجلسات والمعاهد، ولو قضى هذا الوقت في الدراسة والتحضير لكان أفضل وأكثر فائدة له.".
من جهة أخرى تقول أم محمد لموقع "بزنس 2 بزنس": " لم أسجل أولادي في جلسات امتحانية ففضلاً عن أسعارها التي لا يمكنني تحملها، أعتقد أنه يجب على الطلاب الدراسة المنظمة للمواد وفق برنامج يتم فيه وضع الأولويات، وتنظيم الوقت واستثماره بشكل صحيح، والابتعاد عن التوقعات لأن المطلوب المقرر كاملاً، والابتعاد عن الملخصات التي تختصر المحتوى، وهذا يؤدي إلى عدم اكتمال الإجابة والابتعاد عن العوامل والمؤثرات التي تزيد من القلق الامتحاني".
وزارة التربية تحذر من الجلسات الامتحانية
من جهته حذر وزير التربية هزوان الوز في تصريح سابق له من مخاطر الجلسات الامتحانية واعتماد الطلاب عليها قائلاً: " أن هذه الجلسات الامتحانية غير مفيدة لأنها تجارية، هدفها الربح المادي لبعض المدرسين وللمعاهد التي تجريها مثل هذه الجلسات، مستغلين حالة القلق الامتحاني لدى بعض الطلاب وأولياء أمورهم، مع التنويه بأن هذه الجلسات لن تفيد الطلاب، ولن تمكنهم من اكتساب المعارف والمهارات المطلوبة، بل تشويش الطلاب وتستغلهم وتهدر وقتهم، ويمكن للطلاب متابعة القناة الفضائية التربوية التي تبث دروساً تعليمية للمواد الامتحانية التي تساعدهم على تجاوز بعض الصعوبات في فهم بعض الأفكار من شرحها وإعادة بثها ثانية، بشكل يومي وطوال فترة الامتحانات، وأيضاً للإجابة عن تساؤلات الأبناء التلاميذ والطلبة".
وأخيراً السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تقوم مدارسنا بالعمل على إحياء تلك الجلسات على مقاعدها خارج أوقات الدوام الرسمي لتنظيمها والإشراف عليها لحماية عقول الطلاب من تشتت معلوماتهم وهم يقفون على أبواب الامتحانات، وللتخفيف عن الأهالي ما أمكن وطأة الضغط المادي والنفسي، لاسيما أصحاب الدخل المحدود الذين اضطر بعضهم لصرف مبالغ طائلة لتحقيق رغبات أبنائهم الدراسية.