خاص B2B-SY
في كل دول العالم يعتبر خبر زيادة الرواتب خبراً مفرحاً ويدعو للبهجة والسرور، إلا في سوريا حيث يفضل المواطن السوري سمع خبر وفاته بدلاً عن سماع خبر زيادة الرواتب.
كيف لا والمواطن السوري متنعم في ترف وحياة رغيدة ولا ينقصه زيادة في الراتب الذي يكاد لا يكفيه أسبوعاً واحداً في الشهر!
موقع بزنس2بزنس سورية | فاطمة عمراني
ويواجه السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي أي خبر يخص زيادة الرواتب باستنكار شديد رافضين الأمر جملةً وتفصيلاً، ليكون المواطن السوري عكس التيار عن باقي دول العالم برفض زيادة الرواتب.
فما سبب هذا الرفض؟
مقاربات عديدة قدمت خلال الآونة الأخيرة لتصحيح حالة عدم التوازن والتوافق بين الاستهلاك والدخل تتمثل بزيادة الرواتب والأجور من جهة وهي حل سريع لكن نتائجه تضخمية، والمقاربة الثانية تتعلق بإعادة هيكلة السوق ولكنها متوسطة الأجل.
وكشفت الدراسات التي أجراها المرصد العمالي للدراسات والبحوث في الربع الأول من عام 2017 عن فجوة شاهقة بين الإنفاق والدخل من الرواتب والأجور، ما أدّى إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية من (فقر، وسرقة، وتسوّل، وعمالة أطفال)، إضافة إلى تشكيل تحدٍّ جوهري أمام الحكومة في عملية الإصلاح الاجتماعي الذي ستكون تكلفته أعلى بأضعاف مضاعفة أمام تكلفة الإصلاح الاقتصادي المطلوب في الوقت الراهن.
مطالبات بزيادة الرواتب 50 %
وأشار أمين الشؤون الاقتصادية في اتحاد المرصد العمالي للدراسات والبحوث عمر حورية، إلى ضرورة التوجّه نحو معالجة الواقع على مستويين أحدهما إسعافي يهدف إلى زيادة الرواتب والأجور بالارتباط مع زيادة الإنتاج، بشرط أن تكون تلك الزيادة جريئة بمعدل (50%) من الراتب الشهري المقطوع أو من خلال رفع الحدّ الأدنى المعفى من ضريبة الرواتب والأجور إلى /30/ ألف ليرة وتعديل التعويض العائلي من مبالغ ثابتة إلى نسب من الراتب المقطوع، ولا شك أن زيادة الرواتب والأجور لها تأييد كبير من قبل العاملين في القطاع الحكومي فعملياً ستقوم الدولة بزيادة الرواتب والأجور، ورفع مستوى التعويضات المالية التي يتقاضاها العاملون، من خلال الإصدار النقدي أو الاقتراض الداخلي، أو من خلال مصادر تمويل استثنائية أخرى (وهي مصادر باتت في جميع الأحوال معدومة)، أما بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص فغالباً لن يحصوا على زيادة.
الأسعار ارتفعت 12 مرة
قدم المرصد العمالي للدراسات والبحوث مذكرة إلى الحكومة توصّف الوضع المعيشي للأسرة السورية مطالباً بزيادة الأجور والإنتاج، خاصة أن "الأسعار ارتفعت 12 مرة وتكاليف المعيشة لم ترافقها"، حيث أن تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أشخاص في الربع الأول من عام 2017 بلغت أكثر من 230 ألف ليرة شهرياً، أي: حوالي 7 أضعاف متوسط دخل الفرد الواحد البالغ 33 ألف ليرة.
ويشير التقرير إلى أنه يجب (زيادة الرواتب والأجور بالارتباط مع الإنتاجية)، أي زيادة الراتب المقطوع بنسبة 100% ليصبح متوسط دخل الفرد 66 ألف ليرة، أي بفارق يصل إلى 164 ألف ليرة عن متوسط تكاليف المعيشة المحسوبة من قبل المرصد، وتعديل التعويضات من مبالغ ثابتة إلى نسبة من الراتب المقطوع، ورفع الحد الأدنى المعفى من ضريبة الرواتب والأجور إلى 30 ألف ليرة، بالإضافة إلى ضبط الأسعار ومعالجة مشكلة احتكار القلة للسلع، وضرورة ممارسة مؤسسات التدخل الإيجابي لدورها.
تصريحات حكومية متناقضة!
أوضح حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام في تصريح سابق، حول ما نُشر مؤخراً في وسائل الاعلام السورية عن احتمال زيادة الحكومة لراتب الموظف، نافياً كل ما جرى تداوله. وأوضح أنه ليس من المنطق زيادة الراتب في ظل عدم وجود الإمكانيات الكافية من أجل ضبط الأسعار.
وأضاف أنه "إذا رفعت الرواتب سنكون أمام مشكلة كبيرة، والقيمة الشرائية لا تتناسب مع مستوى الدخل".
الأمر الذي أكده أيضاً وزير المالية مأمون حمدان في حديث له حيث قال: لا زيادة مرتقبة على الرواتب والأجور خلال المرحلة المنظورة مشيراً إلى أن دراسة هذا الموضوع من خلال مراسلات بالصحف أمر غير مجدٍ وهو يحتاج لدراسة معمقة.
وأضاف إن زيادة الرواتب والأجور لا تتم بشكل عفوي بل تحتاج لدراسة اقتصادية كي لا نقع في فخ التضخم إضافة إلى أن هناك جهات عديدة تنتظر زيادة الرواتب كي ترفع أسعارها مباشرة أضعافاً مضاعفة.
أما من جهة أخرى، فقد كشف رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشعب، حسين حسون، أن موازنة العام القادم ستولي أهمية أساسية لزيادة الرواتب والأجور، وأكد حسون أنه سيتم التأكيد خلال إقرار موازنة العام القادم على أهمية زيادة الرواتب والأجور وضبط الأسعار في الأسواق، والحدّ من تآكل دخل المواطن وخفض معدلات التضخم.
وبيّن حسون أن الموازنة حالياً ستناقش لدى هيئة التخطيط ووزارة المالية ومن ثم لدى مجلس التخطيط الأعلى ثم تعرض مع بداية شهر نوفمبر القادم على مجلس الشعب، وأنه تم رفع توصيات حول الموازنة على مستوى كل وزارة وتوصيات على مستوى رئاسة مجلس الوزراء.
المواطن يفضل خفض الأسعار بدلاً عن زيادة الرواتب
اعتبر العديد من المواطنين السوريين أنه من الأفضل تحسين الدخل الحقيقي للمواطن من خلال السعي إلى تخفيض الأسعار في السوق، عبر اعتماد سياسة نقدية تستهدف تحسين سعر الصرف، وقمع الاحتكار، حيث أن طرح مخازين المحتكرين في السوق كفيل بتخفيض الأسعار بنسبة معينة.
وفي إستبيان قام بها موقع "بزنس2بزنس سورية" عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ، بعنوان " هل أنت مع زيادة الرواتب في سورية أم خفض الأسعار في الأسواق بنسبة 50%" فكانت النتيجة أن نحو 366 شخص ما نسبته 73% مع خفض الأسعار في الأسواق بنسبة 50 أو 70 بالمئة، و نحو 134 شخص ما نسبته 27% مع زيادة الرواتب و يواصل الموقع استبيانه والذي يهدف من خلاله توجيه رسالة إلى الحكومة أن خفض الأسعار حالياً أهم من زيادة الرواتب.
وقال آخرون عند سؤال الفريق الاقتصادي لموقع "بزنس 2 بزنس" لهم أن زيادة الرواتب ستتسبب تلقائياً بزيادة الأسعار في الأسواق لمختلف السلع، فالموظفين في القطاع العام حصلوا على زيادة بينما موظفي القطاع الخاص ما زالوا على حالهم، وحتى الزيادة المحتملة لموظفي القطاع العام لن تتناسب مع مستوى ارتفاع الأسعار لذلك رفض السوريون قرارات زيادة الرواتب والأجور.