خاص B2B-SY
لم تصدق سمر (موظفة) أذنيها عندما طلب منها صاحب أحد محلات الملابس بمدينة دمشق 30 ألف ليرة سورية مقابل فستان لابنتها البالغة خمس سنوات، واعتبرت أن البائع قد أخطأ في السعر، لكنها تفاجأت بأنها هي المخطئة حين أصر البائع على السعر ذاته دون أي مراعاة أو تخفيض، طالباً منها مغادرة المحل إذا لم تعجبها الأسعار.
خاص موقع بزنس2بزنس سورية| فاطمة عمراني
المحلات "للفرجة فقط"
للوهلة الأولى يبدو سوق الملابس نائماً، الشوارع ممتلئة لكن أحداً لا يشترى، المحلات أصبحت "للفرجة فقط"، الناس تخرج من المحلات بلا أكياس.
حالة من الكساد التجاري تشهدها محلات الملابس بدمشق؛ فعلى الرغم من أنه لم يتبق سوى أيام قليلة على عيد الفطر، إلا أن الأسواق رغم ازدحامها شهدت حالة من العزوف عن الشراء بسبب الارتفاع الشديد في الأسعار، وأصبحت الملابس كما قال تجار ومواطنون "للفرجة فقط".
لم تتوقف شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار الملابس بصورة خيالية في ظل ركود شديد في حركة الأسواق وبطء في حركة البيع والشراء وتراجع عن معدلاتها الطبيعية مقارنة بالأعياد السابقة.
التجار كعادتهم ينتهزون الفرصة
ومع اقتراب العيد يستعد التجار لتحقيق أرباح قدر المستطاع مستغلين ظرف الموسم وتمسك الأطفال بالحصول على كل ما هو جديد نظراً لارتباط العيد بأذهانهم بالملابس الجديدة والألعاب.
ومع ارتفاع الأسعار تبدأ الأسر في تحديد أماكن الشراء وفقا لميزانيتها ومقدرتها، حيث تتباين قدرة الناس المادية على الشراء فمنهم من يتوجه إلى الأسواق الشعبية، ومنهم من يفضل المولات والمراكز التجارية الكبيرة لشراء ملابس العيد لأطفالهم.
الأسعار ارتفعت 50 %
ومن خلال جولة "بزنس 2 بزنس" على عدة محلات في أسواق دمشق (الصالحية – الشعلان – الحمرا – باب توما) لبعض المحلات التجارية المتخصصة في بيع الملابس، بدا أن تعب الصيام وحرارة الصيف لم تكن لتقف حائلا أمام المتسوقين الراغبين في شراء ملابس العيد لكن الارتفاع الكبير للأسعار غلب رغبتهم، وبحسب رواد هذه الأسواق، ارتفعت أسعار معظم الملابس أكثر من 50 % مقارنة بالسعر الذي كانت عليه خلال الأعياد الماضية، وبلغ سعر متوسط كل من القمصان النسائية والرجالية 10 آلاف ليرة سورية، أما البنطال النسائي فوصل متوسط سعره إلى 15 آلف، بينما الرجالي 20 ألف، أما الجاكيت النسائي أو الرجالي فلا يقل سعره عن 20 ألف.
وعند سؤال الفريق الاقتصادي لموقع "بزنس 2 بزنس" لبعض رواد السوق، قال سعيد (معلم) إن التجار يحاولون استغلال مشاعر الآباء الذين يرغبون في شراء أفضل المنتجات لأبنائهم كما يستغلون تعلق الأطفال بسلعة معينة للمطالبة بأسعار مرتفعة.
وأضاف إن عدداً قليلاً من التجار يقبل مبدأ "المفاصلة" مبررين ذلك بأن الأسعار محدودة، وأن ربحهم لا يغطى نفقات ايجارات المحلات أو رسوم استيراد البضائع وأجور العاملين في المحل.
إلى ذلك قالت نور (ربة منزل) أنها بدأت التسوق للعيد من الأسواق والمجمعات القريبة لمكان سكنها في ريف دمشق لكنها فوجئت بارتفاع الأسعار في هذه المناطق وبدأت التفكير إلى التوجه إلى أسواق أخرى كسوق الملابس المستعملة "البالة" والتي ربما تتناسب أسعارها مع الميزانية التي خصصتها لملابس العيد لأبنائها.
وأضافت نور إنها تجد البضائع متشابهة في كل المناطق لكن أسعارها تختلف وفقا لإيجارات المحلات.
البالة سلاح الفقراء في محاربة الغلاء
وأدى ارتفاع الأسعار إلى إقبال الكثير من الزبائن على محلات الملابس المستعملة المنتشرة هنا وهناك خلال موسم العيد، على حد قول أحد أصحاب المحلات، ويضيف بأنه كان بالأساس هناك إقبال في الأشهر الماضية من قبل الزبائن، إلا أن هذا الإقبال ازداد في هذه الأيام تحديدا، لما توفره هذه المحلات من ملابس ذات مواصفات عالية الجودة من جهة، وبأسعار معقولة من جهة أخرى.
أما المولات .. حدّث ولا حرج
الأسعار بلغت أشدها في المولات حيث تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً صوراً بحسب ما إطلع عليه الفريق الاقتصادي لموقع "بزنس2بزنس سورية" لقطع من الملابس وصل سعرها إلى 150 – 200 ألف بحجة أنها من "الماركات"، والحقيقة أنه يوجد بتلك المولات أنواع من الألبسة غالية الثمن، إذ يصل سعر بنطال الجينز مثلاً إلى 300 دولار أي ما يعادل 150 ألف ليرة، وجاكيت جلد تباع بسعر 180 ألف ليرة، ونظارات شمسية بماركات مشهورة يبدأ سعر الواحدة من 160 ألفاً ليصل إلى 200 ألف، وبالطبع هناك من يطلبها أو يشتريها.
ومن يتجول في مولات دمشق المشهورة يرى العجب لجهة السلع وأسعارها، بعض منها نراه في المحال التجارية الفاخرة بدمشق، والبعض الآخر يتوفر بناءً على طلب أناس محددين من الطبقة المخملية والدفع بأغلب الأحيان بالدولار
ملابس الأطفال أغلى من ملابس الكبار
ملابس الأطفال لم تكن بحال أفضل حيث وصل سعر الطقم الولادي لعمر السنة في بعض المحلات إلى 20 ألف ليرة سورية، ليتجاوز بذلك أسعار ملابس الكبار.
يقول عمار (موظف في إحدى الشركات الخاصة) أن الغلاء الموجود في السوق لن يجعله يقف مكتوف اليدين ويحرم أسرته من فرحة العيد كغيرهم من الناس، الأمر الذي دفعه لطلب الحصول على سلفة من عمله على أن يسددها فيما بعد، ليتمكن من شراء الاحتياجات اللازمة من ملابس وأحذية لأبنائه وزوجته ضمن الإمكانيات المادية المتوفرة وبكميات محدودة.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: أين دور جمعية حماية المستهلك التي وجدت خصيصاً لحماية وترشيد المستهلك ومقاطعة المواد والسلع التي ترتفع أسعارها بصورة لا تتناسب والمستهلك؟!