خاص B2B-SY | فاطمة عمراني
لا زالت بصمات الأزمة في سورية تبدو واضحة على معدلات النشاط الاقتصادي الذي انخفض بنسب عالية جداً ما أدى إلى تراجع وتيرة الأنشطة الإنتاجية وتوقفها في أحيان عديدة لتلفظ بذلك عامليها نحو شبح البطالة المخيف، أمام تراجع الإنفاق الحكومي والاستثمارات العامة في القطاعات التابعة لها والتي كانت تستوعب سنوياً جزءاً لا بأس به من الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
السوريون يخسرون 538 ألف وظيفة سنوياً
تبين تقارير اقتصادية أن السوريون يخسرون 538 ألف وظيفة سنوياً، ويوجد حوالي 78% عاطل عن العمل، كما يوجد ثلاثة من أصل أربعة سوريين في سن العمل، أي ما يقارب تسعة ملايين شخص، لا يعملون ولا هم منخرطون في أي شكل من أشكال الدراسة أو التدريب.
معدلات البطالة تضاعفت عدة مرات خلال الأزمة
وكانت معدلات البطالة قد وصلت قبل بدء الأزمة لحدود 9% رسمياً، ومع تراجع القدرة الاستثمارية لدى القطاع الحكومي فقد أظهرت بيانات الموازنة العامة للدولة لعام 2016 أن حجم الاعتمادات الاستثمارية بلغت 510 مليار ليرة سورية وهذا الرقم يساوي فقط 1.17 مليار دولار وفق سعر الصرف السائد في السوق.
أما خلال الأزمة فقد احتلت سوريا المركز الأول عربياً بنسبة البطالة، فبعد أن كان معدل البطالة فيها 8.6% عام 2010 بحسب الإحصاءات الرسمية، وصلت إلى 57.7% أي أكثر من نصف أعداد القادرين على العمل في نهاية عام 2014 بحسب دراسة صادرة عن مركز البحوث والأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية.
وما زاد الوضع سوءاً دخول الآلاف من خريجي الجامعات لسوق العمل سنوياً، وقلة المشاريع الاستثمارية المنفذة، وبالتالي يزداد عرض العمل وينخفض الطلب عليه مما يؤدي لتفاقم أزمة البطالة.
البطالة ليست متحيزة ضد الإناث فقط وإنما ضد الشباب أيضاً وتشير الإحصاءات المنشورة من قبل المكتب المركزي للإحصاء إلى ارتفاع معدلات البطالة في الريف عن المدينة، "إضافة إلى عدم التناسب بين معدل النمو السكاني في المحافظات المختلفة ومعدل البطالة السائد في تلك المحافظات؛ مما يعني أن البطالة في هذه المحافظات تتأثر بعوامل أخرى غير الزيادة السكانية الطبيعية".
وحسب المسوحات التي قام بها المكتب المركزي للإحصاء، كانت نسبة العاطلين عن العمل من فئة 15-24 عاماً تقارب 72.3% من مجموع العاطلين عن العمل، أي ما يزيد على ثلاثة أمثال حصتهم من السكان والمقدرة بـ 22.8%، أي أن البطالة ليست متحيزة ضد الإناث فقط وإنما ضد الشباب أيضاً، حيث تبدو المشكلة بين شريحة الشباب، سواء الذين يفتقرون إلى مهارات وخبرات تدريبية أو الخريجون الجدد من الجامعات والمعاهد المتوسطة وحتى المدارس الفنية والمهنية.
أين دور الحكومة مما يحصل؟
وكان الخبير الاقتصادي عامر شهدا قد انتقد الأداء الحكومي على حسابه على الفيس بوك قائلاً: "لا أعلم إن كانت الحكومة ومجلسها الاستشاري يدركون أن ما حدث في سوريا سببه الرئيسي البطالة، وذلك إثر القرارات الحكومية من منع زراعة البادية التي ترعرعت فيها كوادر لتهريب السلاح والمخدرات، كما هاجر أهلها إلى المدن فازدادت نسبة العاطلين عن العمل وأصبحوا يبحثون عن لقمة العيش بأي وسيلة ولو كانت غير شرعية".
التسول والدعارة والانحراف والعنوسة .. آثار البطالة
وأشار" الباحث شوقي محمد" لموقع "بزنس2بزنس سورية" إلى خطورة نتائج تفشي البطالة في المجتمع السوري، معتبراً أنها سبب رئيسي لانهيار القيم والأخلاق لدى العاطلين عن العمل الأمر الذي قد يدفع بهم نحو العمل في قطاعات مشبوهة ومؤذية اقتصادياً واجتماعياً، عدا عن الانحراف والتشتت النفسي، وتفكك الروابط الأسرية نتيجة عدم القدرة على إعالة الأسرة، بالإضافة لانتشار ظاهرة عمل الأطفال وتأخر سن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة وآثار سلبية متعددة.
كما اضطرت بعض النساء للعمل في أعمال غير أخلاقية ولا قانونية كالتسول والدعارة اللذان زاد انتشارهما خلال السنوات الماضية.
ومن المؤكد أن معالجة مشكلة البطالة في سورية تتركز في زيادة معدل الاستثمار في الاقتصاد السوري وخاصةً في القطاعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمالة، وتحسين ظروف سوق العمل، ووضع خطط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع مستوى التنمية البشرية والتطوير العلمي-التقاني في فروع الاقتصاد جميعها.