ما يزيد قليلا على عقد من الزمن بعد أن بدأت الموجة الأولى من شركات الانترنت باكتساح منطقة الشرق الأوسط، يقول المبادرون من رجال الأعمال والمستثمرين ان البنية التحتية لدعم الشركات المبتدئة في المنطقة لم تكن أبدا أفضل من هذا الوقت.
في الأيام الأولى لأعمال الانترنت في المنطقة في أواخر التسعينات وأوائل الألفية الثالثة، لم يكن أمام المبادرين من رجال الأعمال سوى أماكن قليلة يمكن الرجوع اليها عند البحث عن الاستثمار والدعم الأوليين المطلوبين لتأسيس شركة.
عدد قليل من تلك الشركات نجح مثل الشركة الأردنية مكتوب التي اشترتها ياهو بمبلغ 164 مليون دولار في عام 2009. لكن بالنسبة للغالبية كان المناخ العام لشركات الانترنت المبتدئة قاسيا للغاية.
يقول هاني سنباطي، المستثمر في المشاريع المبتدئة الذي يعمل مع سواري المصرية لرأس المال المخاطر والذي كان أول مستثمر خارجي في مكتوب أثناء ادارته لصندوق التكنولوجيا التابع للبنك الاستثماري اي اف جي هيرمس «كان لدينا عدد قليل للغاية من رجال الأعمال المبادرين قبل عقد من الزمن وقد كانوا يتسمون بالصلابة الشديدة لأن العظماء والأقوياء حقا هم من كانوا قادرين على القيام بتلك المشاريع وانجاحها».
لكن الأمور تغيرت. اذ تم اطلاق حفنة من برامج الاستثمارات والدعم الممولة جيدا للمشاريع العربية المبتدئة، والتي تعرف بالحاضنات، في السنوات الأخيرة والتي لعبت دورا حاسما في تأسيس شركات الانترنت.
مستثمرون وممولون
يقول سنباطي «في الوقت الراهن، لم أكن ابدا بمثل هذا التفاؤل. فالأمور تأتي دفعة واحدة». وتعد «الواحة 500» (Oasis 500) مقرها العاصمة الأردنية، عمان، أكبر الحاضنات في المنطقة، التي وضعت لنفسها عند اطلاقها هدفا بتمويل 500 شركة جديدة في غضون 5 سنوات. وفي مقابل المرحلة الأولى من استثمار حوالي 32 الف دولار، الذي يأتي معه التوجيه والتدريب والوصول الى شبكة من المستثمرين الداعمين والممولين للشركات المبتدئة الصغيرة من ذوي الخبرة، تتملك «الواحة 500» حصة نسبتها %20 من الشركة المبتدئة. فلات 6 لابز (Flat6Labs) المصرية والتي تمولها سواري لرأس المال المغامر تتبع النهج نفسه، حيث تستقبل فرقا من رجال الأعمال المبادرين في معسكر مدته ثلاثة أشهر في مكاتبها في القاهرة. وتستثمر ما بين 10 آلاف دولار - 12 ألف دولار في كل فريق مقابل حصة نسبتها %10 - %15 فضلا عن خيار الاستحواذ على حصة أخرى عندما «تتخرج» الشركة من برنامج الحضانة.
حنان عبد المجيد، الرئيسة التنفيذية لشركة أو تي في فينتشر للانترنت التابعة لشركة أوراسكوم تيلكوم للاتصالات واحدة من عديد من قادة الصناعة من ذوي الخبرة الذين يعملون كمرشدين للشركات التي بنيت في فلات 6. وتعتقد حنان أن شركة واحدة في كل مجموعة فصلية من الشركات التي عملت معها سوف تصبح شركة رائدة أو ستحقق على الأقل تقييما جيدا.
وتقول في هذا الصدد «البعض سيصبح شركات كبيرة لكن الجميع سيكون لها تأثير. ان ما يتم القيام به هناك مفيد للصناعة برمتها، انهم بالفعل يشكلون هؤلاء الرجال. لقد شاهدتهم كيف كانوا وكيف أصبحوا وينتابني شعور بالرهبة حيال ذلك».
شركات مبتدئة
لكن مع ظهور العشرات من الشركات المبتدئة من حضن عدد متزايد من حاضنات المشاريع، يخشى المخضرمون في الصناعة من أن تلك الشركات ستعاني من أجل العثور على استثمارات بملايين الدولارات، التي تحتاجها من أجل النمو بالشركة. اذ تفضل البنوك عادة
اقراض الشركات المدعومة من الحكومة أو الشركات الراسخة المرتبطة بالعائلات التجارية المعروفة في المنطقة فضلا عن أن صناديق رأس المال الاستثماري المغامر لا تزال ضعيفة وغير قوية على الأرض.
يقول سميح طوقان، الرئيس التنفيذي لمجموعة جبار لشركات الانترنت والمؤسس الشريك لمكتوب «ستكون تلك المشكلة المقبلة. الكثير من الشركات الجيدة تخرج من تلك البرامج لكنها تجد صعوبة في الارتقاء الى المستوى التالي».
ويتفق سنباطي مع هذا الرأي «نحن في خضم عملية تستغرق بضعة عقود من الزمن وتتطلب الكثير من القطع لتنتظم. ويعتبر رأس المال الاستثماري المغامر واحدا من آخر الحصون لاقتحامها، حيث يعتبر واحدا من فئات الأصول القليلة التي يدفع المستثمر من خلالها المال للاستثمار في مخاطر كبيرة، وهو أمر يتطلب عقلية خاصة».
التجارة الالكترونية
وتعتبر التجارة الالكترونية، التي تنمو بوتيرة سريعة في المنطقة، نقطة مضيئة في الصناعة. اذ تتوقع شركة يورومونيتور للأبحاث أن يتضاعف حجم سوق التجارة الالكترونية الاقليمية الى ملياري دولار بحلول 2016.
غير أن موقع جادوبادو JadoPado لتجارة التجزئة الالكترونية ومقره دبي يتوقع نموا أسرع. ففي غضون 10 أشهر على انطلاقته تجاوزت دورة مبيعات الموقع مليون دولار، ويتوقع عمر قاسم، المؤسس، أن تتضاعف المبيعات ثلاث مرات هذا العام. وكما يقول قاسم فان خصائص الامارات كسوق صغير وثري ويتسم بثقافة استهلاكية قوية، يجعل منه السوق المثالي للتجارة الالكترونية.
ويضيف «في هذا البلد تستخدم أجهزة السحب الآلي اثناء قيادة السيارة، انها ثقافة الملذات الآنية. وزبائننا يفكرون بهذه الطريقة: اذا كان يمكن أن تأتي السلعة الي، فلماذا أذهب الى مركز التسوق؟».
ومع ذلك يعتقد قاسم أن الأمر سيستغرق وقتا من شركات التجارة الالكترونية المبتدئة في الشرق الأوسط لتحقيق أرباح حتى وان كانت شركات عملاقة مثل أمازون دوت كوم تعمل ضمن هامش ضيق. ويقول في هذا الصدد «هناك بعض الناس في المنطقة يحققون بعض الايرادات الجيدة، لكنني لم أر أحدا حتى الآن يحقق أرباحا كبيرة». ويتوقع أن تتعادل مصروفات وايرادات جادوبادو في غضون 18 شهرا.
وتعتبر ماركا في آي بي Marka VIP لتجارة الملابس الالكترونية التي تتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرا لها، واحدة من الشركات الالكترونية الأسرع نموا في المنطقة. اذ جمعت اخيرا استثمارات بقيمة 10 ملايين دولار من صناديق أوروبية وأميركية. ونجح الموقع الذي أطلق في أواخر 2010، في استقطاب مليوني مستخدم ويضيف 10 آلاف زائر يوميا، وفق مؤسسه أحمد الخطيب. ومع نمو الانفاق علي الموقع بمعدل يتراوح بين %20 - %25 شهريا فان الخطيب لا يرى «مؤشرات على التباطؤ».
المصدر: القبس الكويتية