موجة انتقادات عارمة ضجّت بها الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» على خلفية تصريح مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق الدكتور ماهر ريا لصحيفة «الوطن» المحلية الشهر الماضي بأن «تربية الكلاب ممنوعة في المناطق السكنية تحت أي سبب كان ولا يسمح اصطحابها في الشوارع، وحتى تربيتها في البيت إذا كانت هناك شكوى من الجوار، وتتم مصادرة هذه الحيوانات وإيداعها في حديقة الحيوانات في المدينة، موضحاً أن هذه المسألة منظمة وفق مرسوم تشريعي والقانون واضح في هذا الجانب».
ولدى زيارة لإحدى العيادات البيطرية في إحدى مناطق ريف دمشق، لإعداد مادة تحقيقية حول تربية الكلاب والقطط وكلفها، إنهال أحد الزبائن بعبارات اللوم للصحافة لتدخلها في هذا الموضوع الذي اعتبره شأناً خاصاً، وانفتاح وحضارة..!
هذه ليست حالة فريدة، بل يمكن لمن يتابع صفحات «الفيسبوك» المختصة برعاية الحيوانات الأليفة ومناصري حقوق الحيوان؛ أن يقرأ عبارات أكثر مباشرة تصل درجة التهديد، وكأن الموضوع يتعلق بفرد من العائلة. علماً أن الموضوع ينظمة القانون في النهاية، وهو فوق الجميع لو أردنا الحديث على الرقي والحضارة.
وخلال لقاء مع أحد الأطباء البيطريين في عيادته الخاصة بإحدى مناطق ريف دمشق، حيث تنتشر ظاهرة تربية الكلاب والقطط بكثافة، وتبادل الحديث مع عدد من الزبائن، لا حظنا وجود إقبال كثيف على اقتناء الحيرانات الأليفة، رغم ثمنها وكلف الاعتناء بها المرتفعة، وكأن الحرب لم ترى من هذه المناطق، إذ تفوق كلفة الاعتناء بكلب او قطة شهرياً ما يتطلبه أي طفل!
الطبيب (الذي شدّد في طلبه عدم ذكر اسمه) بيّن أن كلفة طعام الكلب الواحد يومياً تبدأ من 250 ليرة سورية وتصل الى 2500 ليرة سورية، وذلك بحسب النوعية، أي بين 7500 ليرة وصولاً إلى 75 الف ليرة في الشهر.
هذا عداك عن نظام المكافأت «أكلات طيبة» والتي تعطى للحيوان لتحفيزه على عمل معين، وهي مكلفة أيضاً، بحسب نوعيتها.
والكلب بحاجة للرفاهية أيضاً، وهذا متوافر أيضاً في مزارع خاصة تنتشر في ريف دمشق، على مبدأ مدينة الملاهي، مجهزة ببيوت خاصة وفسحة واسعة ونظام غذائي وعناية طبية وأنشطة ترفهية مثل بعض الألعاب الخاصة والحواجز للقفز.. وكلفتها أيضاً مرتفعة جداً.
من أصول التربية المثالية للكلب، تخصيص مدرب له ذو خبرة، يتقاضى أجراً قد يصل 50 ألف ليرة سورية شهرياً، من أجل تدريب الكلب على طاعة اوامر صاحبه، بتعليمه بعض الكلمات الواضحة وباكثر من لغة منها الانكليزية والفرنسية والروسية.. وغيرها، وكلما كان المدرب ذكي في تعامله بالتدريب مع الحيوان كلما ارتفع اجره.
وهكذا تبلغ الكلفة التقديرية الشهرية لتربية الكلب «تربية مثالية» تزيد على 125 ألف ليرة، بين طعام وتدريب، والمبلغ مرجح للإزدياد مع متطلبات الرفاهية واللقاحات وزيارات الطبيب البيطري والأدوية ولوازم التنظيف والاكسسوارات، في حين يمكن الاكتفاء بمبلغ بنحو 20 ألف ليرة في أدنى الحالات، أي في اعتماد التقشف المفرط، في حين تنحفض كلفة الاعتناء بالقطط إلى نحو 4 آلاف ليرة بين طعام ونظام مكافآت وترتفع إلى نحو 10 آلاف ليرة من بعض الدلال، أويزداد الرقم مع اعتماد نوع غذاء خاص!
وعن أسعار الكلاب، بين الطبيب أنه تبدأ بمبلغ 25 ألف ليرة، لتصل إلى نحو 800 ألف ليرة، اما القطط فتتراوحت اسعارها بين 5 ألاف ليرة، وتصل 75 الف ليرة، وطبعا هذه المبالغ قابلة للزيادة والنقصان بحسب ارتفاع وانخفاض سعر الصرف.
واوضح الطبيب البيطري ان الانواع الفاخرة من هذه الحيوانات وخاصة الكلاب تقتنى من اجل الرفاهية بسبب مظهرها الجميل، والبعض الاخر يقتنى من اجل جراءها والمتاجرة فيها، اي من أجل الانتاج والبيع.
وأكد أن أغلب هذه الحيوانات تملك أوراقاً نظامية من البلد المستورد منه، مع دفتر لقاح وشهادة أصل (منشأها) وعند استقباله في البلد (المستورد) يتم الكشف عليها وفحصها من قبل طبيب بيطري مختص ليعطي تصريح بالدخول.
أما عن اقتناء الطيور، وخاصة الببغاءات، التي انتشرت مؤخراً، فقد أصبحت مظهراً من مظاهر «الفشخرة» بين أبناء الطبقة الأرستقراطية، إذ أكد تاجر طيور وحيوانات أليفة في منطقة الشعلان أن سعر بعض أنواع طيورر الببغاء ذات المنشأ الافريقي يصل الى 3 ملايين ليرة، وهو متوافر عند الطلب، موضحاً أن سبب ارتفاع سعره هو عدد الكلمات التي ينطقها، إذ إنه يحفظ مقاطع صوتيه كاملة مثل سورة قل هو الله أحد أو الفاتحة.
وبيّن أن الببغاء الذي ينطق 25 كلمة سعره بحدود 400 ألف ليرة سورية، وهو إفريقي أيضاً، وهنا نوع يباع بنحو 700 ألف ليرة و1.5 مليون ليرة، بحسب عدد الكلمات. أما النوع غير الناطق، والذي يباع لشكله فقط، فتتراح الأسعار بين 10 آلاف إلى 150 ألف ليرة للطير الواحد، وكلها أنواع مطلوبة، ولكن من شريحة محددة في المجتمع.
المصدر: صاحبة الجلالة