لدى محمد الزعبي، 65 عاماً، رد واحد ووحيد يلقي به في وجه من يسألونه: لماذا تركت الزراعة التي زاولتها لأكثر من أربعين عاماً؟.. كنت أغطي خساراتي المتتالية ببيع ما أملك، ولكن لم يعد لدي ما أبيعه.. تباً لمهنة يربح كل من حولك وتخسر أنت..! الزعبي واحد من كثر أرهقتهم زراعة البندورة.
تكاد تتقارب الأسعار في مناطق المحافظة كلها، فهي تتراوح بين 10-15 ليرة سورية للكغ الواحد أرض المزرعة، وبين 25-35 ليرة للبيع بالتجزئة ضمن الأسواق الداخلية، وببضعة ليرات للمادة المسلمة لمعامل الكونسروة داخل المحافظة وخارجها، علماً أن هذه المعامل لاتستوعب الإنتاج كاملاً، وهناك نحو 43 معملاً، 14 منها في المناطق الساخنة، يعمل تسعة منها، وتتراوح الطاقة الإنتاجية للمعمل الواحد، وفقاً لمدير الصناعة المهندس عبد الوحيد العوض، بين 50- 400 طن، حيث إن معظم هذه المعامل لديه خطوط إنتاج حديثة تستطيع أن تنتج رب البندورة ذا الكثافة العالية، والذي يباع ضمن عبوات مختلفة الأحجام أو دوكما.
الأسعار الحالية ليست خاسرة وحسب، بل لا تغطي سوى نصف تكاليف إنتاج الكغ الواحد، والتي تتراوح، حسب المزارع أحمد البردان، بين 35-45 ليرة، وتفاصيل ذلك: ثمانية آلاف ليرة لضمان الدونم الواحد، ومثلها للحراثة والري، ثلاثون ألفاً للسماد، 15 ألفاً للبذار، 70 ألفاً للمحروقات، فضلاً عن أجور الصناديق والنقل والعمالة وغيرها..
وبالنظر إلى إنتاج المحافظة الكبير من البندورة، فإن ثمة تراكم خسارة كبيرة يتكبدها المزارع هناك، حيث تقدر مديرية الزراعة الإنتاج للموسم الحالي بنحو 276 ألف طن تغطي 50 بالمئة من حاجة البلاد، علماً أن المحافظة تنتج 35 بالمئة من الإنتاج الوطني العام، و48 بالمئة من الزراعة المكشوفة، التي يعمل فيها أثناء أشهر الموسم الستة أكثر من مئة ألف عامل.
ويطالب مزارعو البندورة الحكومة بتقديم دعم للإنتاج، حيث لم يتلقوا مثل هذا الدعم سوى خلال عامي 2009- 2010 عندما قدم صندوق دعم الإنتاج الزراعي خمسة آلاف ليرة للهكتار، والتوسع في إقامة معامل الكونسروة لامتصاص الفائض، وفتح أسواق خارجية، ولاسيما أن البندورة السورية مفضلة لدى المستهلكين في دول الجوار، بعد أن حققت شهرة واسعة خلال سنوات ما قبل الأزمة، وحسب سلسلة الدراسات الإحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية لعام 2012، احتلت سورية المرتبة 19 عالمياً في إنتاج البندورة.
صحيفة الأيام السورية