خاص B2B-SY | فاطمة عمراني
تناقلت صفحات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً عن حفل زفاف في مدينة اللاذقية بتكلفة ما يقارب 450 مليون ليرة سورية.
واحتدت التعليقات بين المتابعين فهناك من دعا لترك الأغنياء يتمتعون بـ "نعمة الله" عليهم، بحسب تعبيرهم، مطالبين بعدم التدخل بمصدر أموالهم أو محاسبتهم عليها، ومن جهة أخرى أثارت التكلفة الخيالية لحفلة الزفاف غضب شريحة كبيرة من المعلقين على الخبر حيث أشاروا إلى ضرورة تذكر أننا نعيش في بلد لا يجد فيه للبعض ما يقتات عليه.
الحديث عن تكاليف الزواج ومهور الأعراس لم يعد من أولويات العائلات السورية هذه الأيام، فمع تحول سوريا إلى “كوكب زمردة” للفتيات فقط بسبب الهجرة الكثيفة، عزف الشباب السوري عن الزواج لأسباب مختلفة أبرزها قلة فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة وعدم الاستقرار.
ما تبقى من الصيغة المحبس فقط
دفع ارتفاع تكاليف الزواج وأسعار الذهب بالسوريين إلى اللجوء إلى الذهب البرازيلي أو الروسي من أجل إتمام مراسم العرس، فيما لجأ آخرون لشراء الفضة على نطاق محدود، وأصبحت "الصيغة" تقتصر على المحبس فقط بعد أن كانت تتألف من عدة قطع ومصاغ ذهبية تقدم كهدية للعروس، ويبلغ اليوم سعر غرام الذهب عيار 21 تقريباً 19000 ليرة سورية، فيما وصل سعر الغرام عيار 18 إلى 16200 ليرة سورية.
صالات أفراح بالملايين
باتت صالات الأفراح تسعر خدماتها دون أي رقابة فأجرة الصالة في الليلة الواحدة كانت بحدود 50 – 100 ألف ليرة وتشمل الضيافة، واليوم يفوق السعر الملايين!!
وتختلف أجرة صالات الأفراح حسب مستواها وموقعها والخدمات التي تقدم فيها وتبدأ الأسعار من 150 ألف ليرة للصالات البسيطة في المناطق الشعبية، وتتجاوز الملايين في صالات أخرى.
وفي حديثه لـ "بزنس 2 بزنس" يقول نورس الذي يعمل بصالة أفراح في العاصمة دمشق: "لم يعد الإقبال كبيراً على الصالات نظرا لارتفاع أسعارها حيث تتراوح بين 150 ألف لتصل إلى الملايين".
فستان العروس بـأكثر من مليون ليرة
يبلغ سعر فستان العروس متوسط الجودة حوالي 200 ألف ليرة، وهو ما دفع الفتيات للإقبال على استئجاره بحوالي 30 – 50 ألف ليرة لليلة الواحدة.
يبدأ سعر الفستان متوسط الجودة من 200 ألف ليرة ليصل إلى 1.8 مليون ليرة سورية، بحسب تجار من سوق الحميدية بدمشق، وأن أكثر الفساتين مبيعاً وإقبالاً عليها من قبل العرسان هي من 300 ألف حتى 500 ألف ليرة، أما أجارها اليومي فيبدأ من 25 ألف ليرة ويصل إلى 200 ألف ليرة.
وأحياناً يتم العرس دون فستان لضيق الأحوال المادية، ولكن درجت العادة بالاستئجار دون الحاجة للشراء نظراً لمحدودية استخدام الفستان واقتصاره على ليلة واحدة، فالأجار يكفي لكن بعض العائلات لا يروق لابنتها أن تستأجر لأنه "مو حلوة بحقها" فتقْبِل على الشراء.
من جهة أخرى، تقول خبيرة التجميل سماح العلي لـ "بزنس 2 بزنس" إن تكاليف التزيين لليلة الزفاف، تتراوح بين 100إلى 300 دولار لتزين الشعر، أما بالنسبة إلى وضع الماكياج، فإن الأسعار تكون عادة بين 500 إلى 700 دولار، وتصل إلى 5 آلاف دولار بحسب خبير التجميل، وفقاً للعلي.
وفي جولة "بزنس 2 بزنس" على متاجر الألبسة الرجالية تبين أن بدلة العرس الخاصة بالرجل، تتراوح أسعارها بين 100 دولار وتصل إلى 10 آلاف دولار في محلات الماركات.
الشقق أحلام تراود الشباب
يعد امتلاك شقة في وقتنا الراهن ضرباً من ضروب الخيال بالنسبة لأغلب الشباب السوريين، لذلك يلجأون للإيجار، ويبلغ وسطي أجرة شقة في حي ركن الدين حوالي 70 ألف ليرة سورية دون فرش، وفي المزة جبل نحو 80 ألف، وفي الشيخ سعد 50 – 60 ألف، وفي التجارة والعدوي 80 ألف، ومساكن برزة 40 ألف، والبرامكة 90 ألف، وهذه أسعار وسطية بحسب مكاتب عقارات في وسط دمشق.
أثاث البيت اقتصر على الأساسيات فقط
حالة عدم الاستقرار التي تعيشها الأسر السورية دفعتها إلى تجاوز البيت المؤثث بشكل لائق، بل أصبح البعض منها يكتفي بالحدود الدنيا من الأثاث ويعتمد على الأساسيات فقط ونتيجة للأوضاع تحولت الشقة إلى غرفة فقط، وقبل عدة سنوات كان سعر غرفة النوم ذو نوعية جيدة بحلول 75 ألف ليرة، واليوم أصبح السعر حوالي 500 ألف ليرة، ويصل في بعض الأحيان إلى مليون ليرة لتلك المستوردة، وبلغ سعر تجهيزات المطبخ أكثر من مليون ليرة.
المهر ،، يكسر الظهر!
عادة تختلف تكاليف المهر في سوريا، وبحسب العادات السائدة فإن المهر لا يقل عن مليون ليرة سورية بالحد الأدنى، ويبدو أنه ومن باب “ضمان” الأهل لحقّ بناتهم طلبوا، وبالفم الملآن، مهورًا بالعملات الأجنبية ووصلت إلى الذهب والعقار، وتقول أم سارة لـ " بزنس تو بزنس": "طلبت مهراً لابنتي 40 ألف دولار لأن العريس مقتدر، كما طلبت ذهباً بقيمة مليون ليرة سورية".
وأضافت: "من يريد أن يتزوج يجب أن يدفع".
يبدو أن مقولة الدكتور علي شريعتي " المرأة التي تقضي سنة تتحدث بشأن جهازها وتساوم في مهرها والجواهر التي تهدى إليها وفخامة حفل الزفاف، لا تزال جارية بالمعنى الكامل للكلمة"، هذه المقولة لا تزال تنطبق على بعض شرائح المجتمع السوري، ففي حين أن بعض العائلات في الطبقات الغنية أو الميسورة تسعى للإتيان بكل الكماليات لحفلة لزواج، لأنه ليس من المعقول أن يتمّ الحفل دون ديكور أو دي جي أو ورود وزفّة تليق بالعروسين، مع الأكل الفاخر والكاتو المميّز والصالة الراقية وطريقة الزفّة الملائكية، في خضم هذه التفاصيل يتناسون الهدف الرئيسي من الزواج وتأسيس الأسرة والذي يعتبر بعيداً كل البعد عن هذه الكماليات والمصاريف الطائلة و "البريستيج".
و إن دخلنا بحسابات دقيقة و تفصيلية لما يتوجب على العريس دفعه كما جرت العادات والتقاليد فإن الأرقام تفوق الخيال و الأحلام، ولن يستطيع أي شاب ان يتزوج إلا بمساعدات تقدم له من هنا وهناك من عائلته و أصدقائه و ان يقوم بالدين من قبل الأصدقاء و المقربين منه.
وفي الختام تبقى حفلات الأعراس حق مشروع لكل عروس و عريس يقبلان على الزواج ، لكن لغة الحرب التي دخلت بلادنا منذ سبعة سنوات و ما زالت مستمرة أوقفت كل شيء من تلك الحقوق و اقتصرت على فقط على جوانب بسيطة إلا ما كان ميسوراً و لديه الإمكانيات فإنه لم يشهد أي تغييراً في عادات عائلته.