لم تعد اربيل ارض الاستثمار التي كانت عليه في العام 2010 سيما بعد الأزمات المتتالية التي تعرضت لها بدءا من العام 2014. اليوم، وبعد الاستفاء الشعبي لاعلان دولة للاكراد في اقليم كردستان، تزيد العراق ودول اخرى الخناق على الاقليم الذي يعاني اصلا من مديونية وتراجع في المداخيل.
حيث تراجعت حجم الاستثمارات الأجنبية والعربية في اقليم كوردستان خلال العام 2016 بنسبة 50% مقارنة مع العام 2015، و هذا دليل واضح عن تردد و خوف المستثمرين الذي بدأ واضحاً منذ العام 2014، فهل تؤثر الأزمة المستجدة هناك على حجم الاستثمارات السورية واللبنانية ؟
و ردا على استفتاء الاستقلال الذي أجرته حكومة كردستان العراق يوم الاثنين، أبلغت هيئة الطيران المدني العراقية، بناء على طلب رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، شركات الطيران الأجنبية بوقف الرحلات الدولية إلى مدينتي اربيل والسليمانية في اقليم كردستان اعتبارا من يوم الجمعة على ان يسمح فقط بالرحلات الداخلية.
و استجابة لطلب الحكومة العراقية الذي جاء ردا على استفتاء إقليم كردستان العراق، أعلن عدد من شركات الطيران الكبرى، من بينها عربية، إيقاف جميع رحلاتها الجوية من وإلى الإقليم إعتباراً من يوم الجمعة 29-9-2017 إعتباراً الساعة السادسة مساءً
وشركات الطيران التي أعلنت وقفها رحلاتها هي " الخطوط الجوية التركية، وأطلس غلوبال، وبيغاسوس و الخطوط الملكية الأردنية، شركة "فلاي دبي" الإماراتية للطيران المنخفض التكلفة ، و شركتي "طيران الشرق الأوسط" اللبنانية و"مصر للطيران"
وفي هذا الاطار، اوضح رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية "محمد الحوت"، إن الشركة «ملتزمة تنفيذ قرار السلطات العراقية وانها ستؤمن عودة اللبنانيين من اربيل عبر مطارات البصرة وبغداد والنجف وستزيد عدد رحلاتها من تلك المطارات».
في المقابل، أعلنت الخطوط الجوية القطرية ان رحلاتها إلى مطاري أربيل والسليمانية في شمال العراق ستتواصل ما دام المجال الجوي مفتوحا.
الاستثمارات السورية و اللبنانية
ووصل إجمالي الاستثمارات المحلية والأجنبية التي استقطبها إقليم كردستان العراق خلال الفترة 2006-2016 إلى مبلغ 47.2 مليار دولار أميركي
وفي التفصيل فإن حجم الاستثمارات اللبنانية في الاقليم تصل إلى 2.7 مليار دولار، كما اللبنانيين العاملين هناك وعددهم يفوق الـ17 ألفاً، في مهب القلق. علماً أن هذه الاستثمارات تتوزع على قطاعات مختلفة أبرزها الإنشاءات والبناء والفنادق والهندسة والتأمين والمصارف (10 مصارف) والخدمات المختلفة.
أما على صعيد الاستثمارات السورية في الاقليم فإن تنمو بشكل بطيء والسبب انها استثمارات صغيرة و تقتصر على المشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة، على عكس الاستثمارات اللبنانية التي تتركز في أكبر قطاعين العقارات والمصارف، و يبلغ عدد السوريون المقيمين في الاقليم نحو 25 ألف يتركزون في العاصمة إربيل والسليمانية، وتصل الاستثمارات السورية إلى نحو 350-400 مليون دولار و تتوزع في قطاعات المطاعم و الشركات الخدمية و الانشائية و البناء و الفنادق.
و تتركز استثمارات اللبنانيين في اربيل في قطاع التطوير العقاري، الخدمات، الفنادق التجارة والمصارف وهي مزدهرة جداً وتحل في المرتبة الثانية بعد الخليجية وتوفّر فرص عمل للعديد من اللبنانيين. مع هذا الحجم من الاستثمارات هل يمكن للبنان أن يتأثر بالأزمة الحديثة في اقليم كردستان وهل سيكون لها تأثيرات على التوظيفات؟
رئيس مجموعة «ماليا هولدنغ» جاك صراف قال لصحيفة الجمهورية، انه لا يزال من المبكر الحديث عن مدى تأثر الاستثمارات الأجنبية والعربية بشكل عام و اللبنانية بشكل خاص مستقبلاً بقرار السلطات العراقية، كما قد يخلق حلولاً عدة حتى يوم الجمعة موعد تطبيق القرار. ولفت صراف الى ان للجيش الاميركي لديه نحو 5000 جندي في مطار اربيل، لذا برأيه لن يكون من السهل اغلاق هذا المطار.
وأوضح صراف ان البضائع اللبنانية و السورية تصل الى العراق واقليم كردستان عن طريق تركيا، علماً ان المعابر الاردنية والسورية كانت مغلقة بسبب الاحداث الامنية.
ولفت صراف الى ان الاستثمارات تراجعت أصلاً في الاقليم من العام 2014 بسبب داعش، ويمكن القول ان الاستثمارات بدأت بالتحسن بدءا من العام 2016-2017.
وأشارت مصادر مطلعة ان البضائع والمنتجات السورية تدخل الاقليم حديثاً عن طريق دير الزور و القامشلي ، إلا النسبة الأكبر من تلك البضائع كانت تدخل عبر الشحن الجوي.
ولفت رداً على سؤال الى ان المؤسسات الصغيرة في اربيل لم تتمكن من الصمود خلال هذه الفترة فأقفل العديد منها، وأربيل التي كانت عام 2010 ارض الاستثمار بالنسبة الى المستثمرين، تغيرت كثيرا من العام 2014 بسبب الأزمات التي تأثرت بها منها تراجع مداخيلها بشكل ملحوظ والتي كانت تأتي خصوصاً من البترول، اضف الى ذلك رفض الحكومة المركزية في بغداد دفع 17% من عائدات النفط لإقليم كردستان، تدني العملة العراقية، وتواجد داعش... أما اليوم فيسجل لبعض المؤسسات اللبنانية و السورية هناك حركة ناشطة وهي تعتزم المباشرة بعدد من المشاريع في كردستان خصوصاً وأن الاقليم سيلجأ الى نظام الـ BOT.
واكد صراف انه رغم هذه الظروف لم يوقف العمل بالمشاريع الاستثمارية هناك وكشف عن مشروع الجامعة الاميركية الذي ينتهي العام المقبل، بالاضافة الى افتتاحه لفندق هناك في الربيع الماضي ولا يزال يتوسع في القطاع السياحي.
في الصادرات
في الارقام، لا يمكن الفصل بين الصادرات الى العراق والصادرات الى اربيل، الا ان العراق في الاجمال يعتبر واحدا من البلدان القليلة جدا التي يكون فيها الميزان التجاري لصالح لبنان، وهو يمثل 10 في المئة من سوق الصادرات اللبنانية. وقد بلغ إجمالي الصادرات إلى العراق 162 مليون دولار مقابل واردات بقيمة 4 ملايين دولار في عام 2016.
وتركز الصادرات اللبنانية إلى العراق بشكل رئيسي على الفواكه والخضروات والمشروبات والآلات الكهربائية ومستحضرات التجميل والمنتجات الورقية مثل الكتب والأوراق.
أما على صعيد الصادرات السورية فقد ذكرت معلومات صادرة عن اتحاد غرف التجارة السورية أن صادرات القطاع الخاص السوري الى الاسواق العراقية تجاوزت ال 800 مليون دولار عام 2005 جاءت عبر صفقات تجارية مباشرة مع تجار ورجال اعمال عراقيين وبتمويل كاش لمعظمها بسبب الظروف الامنية وعدم وجود تعاملات مصرفية بين البلدين بالشكل المطلوب.
وتركزت الصادرات السورية بشكل اساسي على المواد الغذائية وحاصلات زراعية وألبسة وأدوات منزلية وانابيب ومنظفات، وتشير مصادر ان معظم الصادرات تدخل الاقليم عبر وسطاء و تجار عراقيين لديهم تعاملات في الاقليم.
يشار إلى أن قطاع الاستثمار في اقليم كوردستان سجل تراجعاً ملحوظاً نتيجة الأزمة المالية، بالاضافة الى توقف العديد من المشاريع وسحب الاجازة من أصحابها، بسبب عدم اكمالها في الأوقات المحددة.
وفي عام 2016 الجاري حصل 35 مشروعاً استثمارياً على تراخيص بقيمة ملياري دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع الاستثمارية في اقليم كوردستان العام الماضي 4 مليارات دولار.
إعادة تحرير موقع بزنس2بزنس سورية | الجمهورية