في كل اجتماع أو ندوة أو ملتقى أو حتى عرس يجمع أصحاب المطبخ الاقتصادي وخبراء الاقتصاد “تنط” أمام عيونهم “الدبلانة” فجأة وكأنهم لا يعرفون أساس المشكلة وجوهرها، حقيقة معروفة وساطعة سطوع الشمس تتمثل بافتقار وزارتنا ومؤسساتنا العامة إلى رقم واضح تبنى عليها خططها مهما بلغ طولها قصيرة أم متوسطة أو طويلة، لتغيب فجأة أيضاً بنفس سرعة اكتشافهم غياب الرقم واضمحلال تنفيذ الخطط بسبب هذا الخلل الكبير، الذي بدأ حينما اعتبر أهل الشأن والمقام الرفيع أن مديرية الإحصاء في الوزارات أو المؤسسات مجرد مديرية إدارية لا تقدم ولا تؤخر بحيث يعين بها أشخاص خارج اختصاصهم أو أي موظف ليس له عمل يتم نقله إلى هذه المديرية المهملة، التي يفترض رفدها بكوادر مختصة وكفؤة بعلم الاحصاء والأرقام بغية إعداد دراسات وخطط فاعلة مبنية على رقم صحيح بحيث تكون المخرجات صحيحة بالنهاية، وليس كما يحصل اليوم، دائماً الخطط الموضوعة على الورق في واد والتنفيذ في واد، والإشكالية معروفة منذ عقود ولكن هناك من لا يرغب في رؤيتها لغايات في نفس يعقوب.
ما حصل في مديرية إحصاء حماة عن قضاء أحد موظفيها جل وقته في لعبة التريكس، مثالاً حياً عن إهمال هذه المديرية الهامة وعدم النظر بعين الاهتمام لها، وربما والله يكون هذا حال أغلبية الموظفين، لكن شئت الصدف أن يجري المحافظ جولته “المباركة” وتقع عينه الغافلة على هذا الموظف السوبر في لعبة التريكس، فإلى متى ستظل مديريات الاحصاء تكملة عدد ومجرد رقم ضمن هيكلية الوزارات والمؤسسات الإدارية في حين يفترض أن تكون من أهم المديريات وترفد بالكفاءات والمؤهلات الضامنة لحسن أداء موظفيها وتقديم كل السبل الممكنة لتنفيذ الخطط بشكل يخدم تطوير عمل هذه المؤسسات عند بنائها على أرقام واضحة ودقيقة، أم هدف صناع قرار مطخبنا الاقتصادي الدسم تحويل جميع مديريات الإحصاء إلى دكاكين لقصصة البزر ولعبة التركس والشدة؟!. ولا تسألوا لماذا، فالسر المكشوف وواضح للعيان والعميان ويبرز جليا ًفي خطط متخبطة وغير واقعية تزيد معيشتنا بلة وطيناَ؟.
سينسيريا