إذا كانت قيمة الصادرات اللبنانية، التي كانت تعبر معبر “نصيب” قبل الحرب، تصل لنحو ملياري دولار وتراجعت بشكل تدريجي لتصل إلى نحو مليار دولار قبل إغلاق المعبر في نهاية شهر آذار من العام 2015 ، فالأمر ليس بالأفضل بالنسبة للصادرات السورية من هذا المعبر إضافة للواردات والترانزيت، خاصة أن الأرقام تدلل على أهمية هذا المعبر اقتصادياً كمنفذ حدودي مهم ونقطة عبور إلى العديد من الأسواق المجاورة، وتحديداً دول الخليج التي كانت تعتمد بشكل أساسي على المنتجات السورية.
فحسب البيانات الإحصائية، فإن حجم الصادرات السورية التي تمت عبر معبر نصيب خلال العام 2010 وصل إلى نحو 1,100 مليون طن، بقيمة تصل لأكثر من 35 مليار ليرة سورية، بينما كان حجم الاستيراد عبر المعبر 1,141 مليون طن بقيمة تصل لنحو 47 مليار ليرة سورية، في حين وصل حجم الصادرات خلال العام 2014 ولغاية تاريخ إغلاق المعبر في نهاية شهر آذار من العام 2015 إلى 340 ألف طن بقيمة تصل لأكثر من 27 مليار ليرة سورية، بينما كان حجم الاستيراد 460 ألف طن بقيمة 78 مليار ليرة.
شريان إيرادات
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر خليل قال : في حال عودة فتح معبر نصيب الحدودي فإن ذلك يعني استعادة شريان النقل البري، الذي كانت أغلب الصادرات السورية تمرّ عبره إلى الأردن أو إلى الأردن ومنه إلى دول الخليج. والأمر الآخر كما يوضح الخليل، يتعلق بالإيرادات التي ستتحقق نتيجة انتعاش تجارة الترانزيت من خلال المرافئ السورية باتجاه المعبر نفسه إلى الأردن أو من لبنان باتجاه الأردن والخليج.
فكرة المعابر الحدودية البرية هي نوافذ على العالم الآخر، أي نوافذ تجارية إضافة لكونها نوافذ لعبور الأشخاص، وحسب الدكتور عدنان سليمان أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق، فإن هناك مؤشرات عديدة لتنشيط الصادرات السورية بدت واضحة بعد وصول الجيش العربي السوري إلى دير الزور، ما يعني توجه الصادرات السورية وتحديداً الخضر والفواكه إلى العراق السوق الأكثر طلباً للمنتجات السورية.
ويضيف: الأمر سنراه بصورة أكثر إيجابية إذا تمت إعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، والذي يعني تنشيط الصادرات السورية إلى دول الخليج إضافة للصادرات اللبنانية عبر سورية إلى دول الخليج، وهي كبيرة إضافة للواردات التي لاتقل أهمية عن الصادرات من دول الخليج إلى سورية ومن سورية إلى العراق وصولا إلى إيران ولاحقاً إلى روسيا.
ويتابع سليمان : هذا الخط البري الذي يعد جزءاً من العملية العسكرية والتسوية السياسية اللاحقة المسألة، سيمكن سورية من أن تكون اللاعب الاقتصادي لكونها نقطة توزيع للقارات الثلاث إلى روسيا فإيران والعراق وصولاً إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا.
وعلى ذلك فإن إعادة فتح المعبر فيها تنشيط للتنمية الاقتصادية الصناعية والزراعية في سورية وتنشيط للتجارة كعوائد نقل كبلد عبور “ترانزيت” للدول المجاورة.وحول العائدات المتوقعة في حال عودة المعبر للعمل
يذكر سليمان أن الأمر يحتاج إلى مقارنة الإحصائيات ما قبل الأزمة وصولاً إلى عام 2011 إلّا أن العائدات ستكون حتماً جيدة، قد تبدأ الأرقام متواضعة مع بداية التبادل تدريجياً وترتفع مع الانتهاء من العمليات العسكرية، ناهيك عن ما سيحقق من عملة صعبة جراء الواردات.
تخفيض تكاليف
لا يخالف الدكتور محمود زنبوعة رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد في جامعة دمشق حديث سليمان، فإعادة فتح معبر نصيب مهمة جداً بالنسبة للاقتصاد السوري خاصة أن هناك حصاراً على النقل الجوي، وبالتالي سيكون بديلاً مهماً بالنسبة لنا باتجاه ليس الأردن فقط بل نحو الأسواق الخليجية عبر الأردن، ولا ننسى الأهمية الأخرى بالنسبة للركاب أو البضائع كلها ستذهب باتجاه دول الخليج براً عن طريق الأردن بتكاليف أقل مما هي عليه الآن مع روسيا وإيران، وهذا سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري.
زنبوعة قال : رغم الفائدة الاقتصادية نتيجة تصريف المنتجات السورية، ولاسيما الخضر والفاكهة والمواد الغذائية إلى الأسواق المجاورة، إلّا أن المستفيد الأكبر من فتح هذا المعبر هو الأردن.
ويضيف: الأهمية الأخرى من إعادة فتح معبر نصيب هي في زيادة الحركة على المرافئ السورية وتحديداً مرفأ طرطوس باتجاه معبر نصيب لكونه آمناً وهذا سيشجع الاستيراد ويزيد إيرادات المرفأ.
متوقعاً أن نحصّل عائدات 50 % مما كانت عليه قبل إغلاق المعبر كمرحلة أولى وزيادة الإيرادات ستتوقف على حجم الإنتاج المحلي.
تطورات الميدان
بدوره الدكتور أكرم حوراني قال : الاستقرار السياسي في سورية بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري أدى لانتعاش في العملية الإنتاجية مدعوماً بسياسات الحكومة التي قدمت العديد من التسهيلات سواء التشريعية أم التمويلية أم الإجرائية التي تساعد على انطلاق عملية الإنتاج وتحظى بأولوية لدى الحكومة، وهذا سيفسح المجال إلى عرض منتجات أكبر في السوق المحلية وسيتم التطلع إلى الأسواق المجاورة، وعلى هذا نأمل بفتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، هذا المعبر شريان رئيسي لتدفق البضائع سواء من لبنان عبر الأراضي السورية إلى دول الخليج العربي أم الصادرات السورية لدول الخليج العربي، ولاسيما أن هناك فائضاً يمكن أن يزداد تدريجياً، وبالتالي تزداد عوائد الصادرات.
لا أرقام دقيقة لدى حوراني عن الصادرات السابقة من خلال هذا المعبر، لكن يمكن أن تتحسن بشكل سريع لتعطش السوق الخليجية للبضاعة السورية إضافة لرسوم الترانزيت التي تأتي من لبنان وبعض التجار الذين يستوردون عبر الموانئ اللبنانية ولكن بأقل التقديرات سترفد الخزينة بملايين الدولارات.
” جريدة الأيام السورية ”