مازالت الأسواق السورية تُعاني من انعدام "كامل" أو شبه كامل لمادة "المتة"، إلا لدى الباعة "الحرابيق" الذين لديهم القدرة و"المعارف" على جلب بعض "اﻷنواع النادرة" من المتة وطرحها للبيع بأسعار فاقت سعرها الأصلي، أي قبل إجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتخفيض سعرها.
جولة صغيرة على بعض المحافظات السورية، يرى المتابع أن "المتة" باتت "عملة نادرة" هذه الأيام، وهو ما يذكّر المواطن السوري بأيام فقدان مادتي "الغاز والمازوت"، حيث أصبح باعة هذه المواد "المفقودة قصداً" من أهم "رجالات الأعمال" وأكثرهم شهرة، وبات الحصول على علبة "متة" من عندهم يحتاج إلى "توصاية" أحياناً و"واسطة" أحياناً أخرى، وكل ذلك للأسف تحت إشراف دوريات التموين المكلفة "اصلاً" بحماية السوق من لهيب الأسعار.
وبما أن أسعار "المتة" باتت شبه موحدة في غالبية المحافظات السورية، فلابد أن نتجاوز الكشف عن أسعار المادة "المفقودة" في كل محافظة، ونكتفي فقط بالكشف عن أسعار الأنواع المرغوبة لدى المستخدم السوري، فمثلاً علبة "الببورين" التي يفترض أن تباع "بحسب تسعيرة الموين" بـ300 ليرة سورية، تُباع اليوم بـ600 ليرة، بينما كان سعرها قبل إجراءات وزارة التجارة الداخلية بـ"525 ليرة" فقط، ومتوفرة بالأسواق بوفرة.
أما الخارطة، فيفترض بعد تسعيرة الوزارة أن تباع بـ290 ليرة سورية، تُباع اليوم بـ500 ليرة "هذا إن وجدت"، باستثناء سوق طرطوس التي تتوفر فيه النوعيتين بذات الأسعار السالف ذكرها، أي الببورين بـ600 والخارطة بـ500" ليرة سورية.
ناهيك عن انتشار أنواع "ارخص" في الأسواق غير معروفة المصدر حيث يعتبرها المستخدمين "غير صالحة للاستخدام البشري"، فيما لايتجاوز سعر العبوة منها الـ200 ليرة سورية.
كان من المفترض على وزارة التجارة الداخلية أن تتخذ تدابير أكثر جدية في تأمين المواد التي تم خفض سعرها "فجأة"، وعدم السماح للتجار المستوردين لها بتحدّيها والتعامل مع القرارات الحكومية من باب "النكاية" كما يفعل "كبّور" صاحب شركة استيراد وتعليب المتة "الوحيدة" في سورية، فبالرغم من كل وعوده وبياناته التي زعم فيها التزامه بأسعار "الدولة" الجديدة وطرح كميات كبيرة للسوق، ترى أن ما يفعله هو العكس، فلا الكميات المتفق عليها طُرحت في السوق، ولا تم توزيعها "كما وعدت الوزارة" بشكل عادل على الأسواق أو المؤسسات التابعة للوزارة والتي يفترض أن تتولى هي بيع هذه المواد لكبح طمع تجار "الأزمة" كما يحب السوريين تسميتهم.
للأسف، إجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تشارك في تخفيض أسعار "المتة" في السوق السورية، بل أن إجراءاتها زادت الطين بلة وسلّمت دفة الأسعار الملتهبة لتجار السوق السوداء برعاية "لجانها" التي يفترض منها الإشراف على الأسواق، ورعاية أصحاب الشركات المستوردة لتلك المواد، الذين على مايبدو نجحوا في تحدّي قرارات الوزارة وتجاوزوا كل "تهديداتها ووعيدها" للمخالفين، وخالفوا وهم مطمئنين.
شبكة عاجل الإخبارية