كشف " المركز الوطني لبحوث السياسات" في بحث أجراه عن تراجع مكون الثقة المجتمعية بنسبة تصل إلى 47% مقارنة بسنوات ما قبل الأزمة، وقد "نتج هذا التدهور في مكون الثقة من انهيار الشعور بالأمان لدى السوريين بنسبة وصلت إلى 60%، وتراجع الثقة بين الأفراد بنسبة 31%".
ففي حلقة نقاشية خاصة دعت إليها مؤخراً جمعية العلوم الاقتصادية عدداً من الاقتصاديين والمتخصصين والمهتمين، قدم الباحث زكي محشي ورقة عمل حملت عنوان "التصدع الاجتماعي في سورية: أثر الأزمة على رأس المال الاجتماعي" اعتمد فيها على نتائج البحث المعد من قبل المركز الوطني لبحوث السياسات، والذي يعد محشي أحد أبرز باحثيه.
بعد استعراضه لجملة تعارف ومفاهيم لرأس المال الاجتماعي، يستعين الباحث محشي بتعريف البحث المذكور، والذي يشير إلى أن "رأس المال الاجتماعي هو ما يراكمه المجتمع من قيم مشتركة وثقة متبادلة وروابط وشبكات اجتماعية بين أفراده وجماعاته، مؤثرة ومتأثرة بالمؤسسات الناظمة للحياة العامة. ويرسخ رأس المال الاجتماعي أسس التماسك والاندماج الاجتماعي، وتعتبر القيم والأخلاق المشتركة جوهر رأس المال الاجتماعي، بما تُرسخه من حريات عامة وخاصة تحفظ كرامة الإنسان واستقلاله، وتدفع باتجاه خدمة المصلحة العامة".
ووفقاً لنتائج مسح السكان الذي جرى في العام 2014، فقد تراجع دليل رأس المال الاجتماعي في سورية حوالي 30% أثناء الأزمة مقارنة بما قبلها، كما تراجعت مكونات هذا الدليل الثلاثة لكن بدرجات مختلفة، إذ انخفض كل من مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية ومكون القيم والعادات بنحو 20%، في حين سجل التراجع في مكون الثقة المجتمعة نسبة كبيرة بلغت نحو 47%.
في واقع المكونات الثلاثة، تظهر النتائج- وفق ما أكد الباحث محشي- تراجع مكون الشبكات والتشاركية ومحتوياته على المستوى الوطني خلال الأزمة حيث انخفض بنسبة 20%، حيث شهد مؤشري مشاركة المرأة والمشاركة في اتخاذ القرار انخفاضا بلغت نسبته لكل منها نحو 25%. كما تراجع مؤشر التعاون على حل المشاكل والعمل التطوعي بحدود 16% و13% على التوالي.
في المكون الثاني، والخاص بالثقة المجتمعية، كان الانخفاض كبيراً حيث وصل إلى نحو 47% مقارنة بفترة ما قبل الأزمة، وقد نتج هذا التدهور في مكون الثقة إلى انهيار الشعور بالأمان بالدرجة الأولى، والذي شهد انخفاضاً على مستوى سورية بلغ حدود الـ 60%، وبحسب الباحث فهذا يعتبر نتيجة طبيعية لانتشار الظواهر السلبية في المجتمع. كما تراجعت الثقة بين الافراد 31%.
المكون الثالث " القيم والتوجهات المشتركة" لم يخرج عن حال المكونين السابقين، فقد حقق انخفاضاً بلغت نسبته نحو 20%، ونتج هذا عن تراجع واضح في مؤشري الاتفاق على مستقبل المنطقة والاتفاق على مستقبل سورية.
يوضح الباحث أن تراجع وضع هذا المكون يعكس زيادة حدة الخلافات بين أفراد المجتمع حول رؤية مناطقهم وبلدهم وذلك نتيجة استمرار الأزمة والنزاع المسلح وتعدد قوى التسلط، كما أن تراجع مكانة المرأة أثناء الأزمة، وإن بدرجة أقل، يدل على ما تتعرض له المرأة من استغلال وقمع وظروف معيشية قاسية.
المصدر: سيرياستبس