تجاوز ما أصاب المواطنين هذه الأيام ما يمكن أن يسمى مقاربة «الهم» وربما أصبح مرضاً جديداً أو حالة نفسية لم تجد من يعاينها بعد، وأصبح ذكر التطوير والتنمية يسبب لهم التكدر والانزعاج أمام ما يرونه من تدهور في القيمة الشرائية، عدا ما يسمعون عنه من انكماش اقتصادي وتراجع في إجمالي الإنتاج والحاجة إلى وضع رؤى اقتصادية، ومعالجة أسباب الواقع الاقتصادي السيىء في ظل غياب لأي إجراء والسعي للخروج بنتائج.
هذه النقاط كانت أبرز محاور الندوة الحوارية التي أقامتها جمعية سورية المدنية ضمن فعاليات سبت سورية المدنية في المركز الثقافي في أبو رمانة بعنوان «اقتصادنا بين الهم المعيشي والتطوير التنموي».
طارق الأحمد رئيس جمعية سورية المدنية أكد أنّ هدف الندوة رفع مستوى الوعي وهو أول الأهداف الحقيقية فحتى يكون هناك وعي بقضية معينة فتلك مهمة كبيرة بحدّ ذاتها وهدف حقيقي لنصل إلى توصيات وقرارات بعدها، فنحن في ظرف غير اعتيادي نريد تقديم حلول آنية وللمستقبل، ولذلك حاولنا في هذه الندوة جمع ممثل عن التجار مع ممثل عن الباحثين الاقتصاديين حتى يعرف المتلقي كيف تطرح المواد والسلع وكيف يختلف سعرها وما المؤثرات التقريبية الحقيقية لارتفاع وانخفاض سعر الصرف وما تأثيره بعيداً عن التكهنات، ومن ثمّ في خطوة تالية سندعو الحكومة إلى القيام بورشات عمل بحيث نحقق من خلالها النتائج المرجوّة.
عمار البردان نائب رئيس غرفة دمشق تحدث عن أزمة ثقة بين المواطن والتجار وعن صورة مغلوطة سببها الإعلام بما فيه الدراما بعكس صورة التاجر الجشع السبب في غلاء المواد على المواطن، وعن الأزمة بين رجال الأعمال والحكومة وبين وزارة الحكومة كالمالية والتجارة مثلاً وبين مسؤولي الوزارة أو المؤسسة الواحدة حتى، ما ينعكس على الواقع الاقتصادي ومعيشة المواطن.
د. شادي الأحمد الخبير الاقتصادي قدم مقارنات لواقع الاقتصاد والأرقام قبل الأزمة وخلالها، وطالب بتحويل المستهلك إلى منتج ومستهلك، وإلى تقسيم سورية اقتصادياً على شكل أقاليم طارحاً منطقة الغاب التي تقع بين أربع محافظات مثالاً لتربية الأبقار التي كانت متقدمة فيها ولكن عدم تقديم قيم إضافية والتي تميز الاقتصاد المتقدم أدى إلى تراجعها بشكل كبير، وأشار إلى أخطاء سابقة تتمثل بتوزيع الاستثمارات في مناطق بعيدة عن مناطق استغلالها بشكل مناسب كعدد المطاحن ال29 الموجودة في ريف حلب من أصل 64 مطحنة في سورية كلّها، مبيناً أنّ إعادة الاعتبار لليرة السورية أهم من متابعة سعر الصرف لأنّه لا يؤثر فيها، وما يجري الآن هو إعادة لإعمار الليرة لتكون قادرة على إعادة إعمار سورية.
تشرين