بين الباحث الاقتصاد الدكتور سنان علي ديب، ورئيس فرع جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية، أن غوطة دمشق تشكل خزان أمن غذائي لسكان العاصمة، إضافة إلى دورها في تحريك عجلة الاقتصاد السوري عبر تشابكات التبادل التجاري بينها وبين الأسواق المحلية والخارجية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أهالي الغوطة، تراكمت لديهم خبرات ومعارف هائلة في كل العمليات الزراعية والتصنيع الزراعي، كما أثبتوا براعتهم في تربية الحيوانات والاستثمار في هذا القطاع ، ففلاح الغوطة لا يترك أرضه خالية على مدار العام ، حيث يقوم بزراعتها باستمرار، لذا كانت منتجات الغوطة توفر حاجات سكان دمشق ومحافظات أخرى من السلع الزراعية، فضلاً عن تصدير كميات كبيرة من السلع ، ولاسيما عند معرفة أنه في الغوطة وحدها توجد أكثر من 58 وحدة تصنيع للمنتجات الزراعية وأكثر من 85 وحدة وورشة لتصنيع الألبان، وعودتها إلى دائرة الإنتاج ستؤدي إلى تخفيض أسعار هذه المنتجات.
وبين ديب في تصريحه لموقع "بزنس 2 بزنس سورية"، أن للثروة الحيوانية الضخمة التي تحتويها الغوطة قدرت بمئات الالاف من الغنم و الأبقار و الماعز وما تنتجه من مواد غذائية ستزيد العرض في سوقها مما سيؤثر على الأسعار >
أما بالنسبة للصناعة و المهن و الحرف فغوطة دمشق تضم مئات الورش والمعامل التي تصنع مختلف الأصناف، لكنها تضررت على نحو كبير جداً تسبب في خروج نسبة كبيرة منها من الخدمة نهائياً، ما ترك أثره السلبي في الصناعة المحلية، وتالياً في المواطن، عبر رفع أسعار منتجات هذه السلع بسبب عدم وجود كميات تكفي حاجة السوق>
لكن مع بدء عودة الغوطة كاملة بدأت الآمال تنتعش في نفوس الصناعيين والحرفيين بالعودة إلى منشآتهم،وكلنا يعلم أن الغوطة وحولها تضم لمعامل كبيرة للقطاع العام (الخماسية ، تاميكو)، و مؤسسسات إنشائية ، وآلاف من الورش والمصانع المتوسطة والصغيرة (ورش الدباغة، المفروشات، قص الرخام والبلاط، الصابون، الورق، المنتجات الغذائية وغيرها) ، وأغلب مالكيها بهمة لإعادة إقلاع منشآتهم و بانتظار اتخاذ الإجراءات اللازمة للعودة إليها ، وكل هذا سيوفر على الدولة تكاليف استيراد الضروريات بالعملة الصعبة و كذلك سيزيد العرض من المواد ما سيؤثر على تخفيض الأسعار ، وكذلك سيشجع على زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وخاصة بأنه بالإضافة للأمن و الأمان بمحيط الغوطة هناك المنشآت الحاضنة لهذه الاستثمارات كالمنطقة الصناعية و المنطقة الحرة، بالإضافة لذلك فإن عودة الأمان إلى الغوطة سيؤدي إلى تنشيط السياحة ، عبر إعادة الحياة إلى دمشق القديمة بشكل سيؤدي إلى تنشيط السياحة الداخلية, وكذلك عودة كثير من الآثار الدينية للدولة ، ويزداد الأمر تحسناً عند استرجاع الأمن إلى الأوتوستراد الدولي من جهة حرستا، ما يوفر الكثير من الوقت ويعيد النشاط التجاري والصناعي للجهة المقابلة، لذا ستسهم حركة التنقل في تنشيط السوق ورفد سوق العمل بعمالة جديدة كانت محاصرة،وهكذا فإن نصر الغوطة سيكون له أثر كبير عبر زيادة النشاط التجاري والصناعي على مستوى سورية بشكل كامل وتشجيع عودة الأموال والاستثمارات والكفاءات.
وأضاف لموقع " b2b-sy" يجب إعداد برنامج واضح متضمن توزيع الحرف والحيازات والتهيئة لآلية الدعم والتعويض للإسراع في عودة أهلها، والانطلاقة السريعة بالعمل لاستثمار هذا النصر المهم، و بالنسبة إلى أن موضوع الاستثمار الزراعي أسهل من غيره لكونه مرتبطاً فقط بتسهيل الإجراءات والخلاص من الروتين والتعقيدات الإدارية، و التفاؤل بموضوع يختلف عن موضوع حلب، لكون حلب كانت مشلولة وبحاجة لجهود كبيرة لاستثمار نصرها الكبير، في حين أن إعادة إعمار الغوطة أسهل لأنها تضم حرفاً ذات تكلفة مالية صغيرة ،فهل سنجد استثمار صحيح لهذا الانتصار العسكري بشكل برامج وسياسات تماهيه أم سيستمر السياق المألوف , هل ستتحسن المؤشرات الاقتصادية بشكل يحسن مستوى معيشة المواطنين و تقويض تجار الأزمة و الدم و دواعش التأزيم , هل سيصوب مسار الإدارات المدنية عبر إصلاح إداري حقيقي منطلق من تعيينات وأدوات وقوانين وإحاطة بالفساد أم يصبح الجيش للحرب و الإعمار و البناء هو ضرورة حل وطني شامل".