خاص B2B-SY | فاطمة عمراني
كشف تقرير لمركز دمشق للدراسات والأبحاث "مداد" وحصل موقع "بزنس 2 بزنس سورية" على نسخة منه أن نسبة 80 % من الشعب السوري تحت خط الفقر.
فتزامناً مع دخول الحرب السورية عامها الثامن على وقع تداعيات اقتصادية خطيرة كان أبرزها تدهور وسطي سعر صرف الليرة السورية تجاه الدولار، تراجعت القوة الشرائية للدخول والرواتب، إلى عُشر ما كانت عليه قبل الأزمة (أي عشر دخل عام 2010)، هذا في الوقت ارتفع معدل البطالة إلى حدودٍ، تجاوزت نسبة (55%) بحسب بيانات الأمم المتحدة، ما جعل نسبة من هم تحت خط الفقر تقارب بحسب بيانات الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي حدود (80%) من الشعب السوري.
أسباب التدهور الاقتصادي
وبحسب تقرير "مداد الذي حصل موقع "بزنس 2 بزنس سورية" على نسخة منه، هناك عدة عوامل سببت انكساراً اقتصادياً واضحاً في البلاد كان أبرزها العقوبات الاقتصادية الدولية، التي تركت تداعيات سلبية كبيرة على مستوى المعيشة، بالإضافة للنشاط الكبير للسوق السوداء وتنامي دور اقتصاد الظل، وارتفاع الأهمية النسبية للأسواق غير النظامية على حساب السوق النظامية، ما أدى إلى خروج قسم كبير من دورة النشاط الاقتصادي خارج نطاق الرقابة الحكومية.
كما أن الارتفاع الكبير في معدل التضخم وما رافقه من ارتفاع نسب من هم تحت خط الفقر وتزايد موجات النزوح الداخلي والخارجي والتي سببت هجرة الكوادر والكفاءات العلمية، كل ذلك أدى لظهور كثير من المشكلات الاقتصادية، لا سيما مع الندرة شبه المطلقة لمستلزمات عملية الإنتاجية من تكنولوجيا وتقنيات وغيرها.
وجاء تراجع مستوى الأداء الاقتصادي، في قطاعات الإنتاج المادي (الزراعة والصناعة)، بسبب الدمار الهائل الذي طال الأراضي الزراعية والمنشآت والمدن الصناعية، ليكمل على ما تبقى من النشاط الاقتصادي في البلاد.
عدا عن العجز المالي الكبير وارتفاع نسب المديونية الداخلية والخارجية، جراء التراجع الكبير في قدرة الدولة على تحصيل الموارد المالية والإيرادات الطبيعية ( أي عن طريق جبي الضرائب والرسوم وفائض القطاع العام)، ما جعل الدولة تلجأ إلى مصادر التمويل الاستثنائية التي دفعت الدين العام الداخلي للارتفاع إلى مستويات كبيرة، تجاوزت بحسب بعض التقديرات حدود (5000) مليار ل.س، في الوقت الذي ترتبت فيه على الدولة السورية ديون والتزامات مالية خارجية، تجاه بعض الدول كإيران (عملاً بالخط الائتماني)، وروسيا الاتحادية.
الأجور الشهرية تشكل 50% فقط من تكلفة الغذاء!
حسب التقرير الذي اطلع عليه موقع "بزنس 2 بزنس سورية" ،كشفت دراسات المكتب المركزي للإحصاء أن وسطي الأجر الشهري في الوقت الراهن يشكل نحو ( 50%) فقط من تكلفة الغذاء الشهري الذي يحتاج إلى ( 34000) ل.س، ومع ذلك تشير الأرقام الرسمية إلى أن نسبة الآمنين غذائياً قد ارتفعت من ( 15.6% ) عام 2015 إلى (23.4%) عام 2017، وتراجعت نسبة من هم غير آمنين غذائياً بصورة محدودة جداً وبسيطة من (33%) عام 2015 إلى (31%) عام 2017 . بينما تراجعت نسبة من هم على هامش الأمن الغذائي من (51.6%) عام 2015 إلى (45.6%) عام 2015.
كيفية تحسين سبل المعيشة في سوريا
يتم ذلك عبر اتباع سياسات لتحسن مستوى المعيشة في الأجل القصير والبعيد، واتخاذ الحكومة لعدة إجراءات أهمها تشجيع المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية في الصغر وتمويلها، مع تنشيط المدارس المهنية والحرفية لصلتها المباشرة بسوق العمل وذلك عبر إعادة هيكلة العملية التربوية للخروج من المأزق الاقتصادي، بالإضافة لزيادة الرواتب والأجور والسيطرة على الأسعار في الأسواق ومنع الاحتكار، وذلك حسب تقرير مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد" والذي حصل موقع "بزنس 2 بزنس سورية" على نسخة منه.
كما يجب البدء بتطبيق سياسة مالية ونقدية توسعية (عن طريق تفعيل استخدام أدوات السياسة النقدية والمالية) بصورة تدريجية، ولتنفيذ سياسة نقدية ومالية توسعية فعّالة ومؤثرة، ورافعة لتحسين مستوى المعيشة، على الحكومة تحرير السوق من قبضة القوى الاقتصادية غير النظامية والقضاء على أشكال الأسواق السوداء، مع إعادة النظر بالسقوف الاحتياطية للمصارف العاملة في سورية، بعد إجراء دراسات علمية دقيقة لبنية الودائع، وحجم التوظيفات المالية في القطاع المصرفي، وإعادةُ النظرِ بواقعِ النظامِ الضريبيِّ (إصلاحاً وتطويراً) بالسرعةِ القصوى.
هل تمتلك الدولة السورية إمكانات النهوض بمستوى المعيشة؟
لا شك في أنَّ التحديات والمعوقات التي تواجه الدولة السورية، هي تحديات كبيرة، إلا أن إمكانات الدولة السورية وقدراتها، أصبحت مقبولة في الوقت الراهن، أن الدولة حققت نجاحاً كبيراً في تعزيز ثقة المواطن السوري بقدرتها على الصمود، ما يعني أن إمكانات النهوض أصبحت متوافرة بحدود معينة، لكنها تعزيز ثقة المواطن السوري بحكومته عبر القضاء على الفساد والاعتماد على الكفاءات الحقيقية والاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية.
د. مدين علي