خاص B2B-SY | فاطمة عمراني
قد تحاول جملة "البضاعة مو وطنية" التي يستخدمها التجار في الأسواق السورية، اقناع المواطن بشراء معروضاتهم المستوردة أو المهربة بعد حالة فقدان الثقة التي تصيب المستهلكين عندما يعلمون أن المنتج المعروض منتج ذو صناعة وطنية.
فلا زال عدد كبير من السوريين يفضلون شراء سلعة من إنتاج خارجي (عربي أو أجنبي) على شراء السلعة المصنعة محلياً، سواء كانت مستوردة أم مهربة، بالرغم من الميزات التي تتمتع بها السلعة المحلية وانخفاض ثمنها مقارنة بالمستوردة.
إذا السؤال الذي لطالما لم نحصل على على الإجابة عليه " منتجاتنا السورية التي نتفاخر بها خارج سورية أم محلياً فهي ذو سمعة سيئة و خارج نطاق المنافسة والأكثر من ذلك فهي بائعي الأسواق يتغنون بجملة #البضاغة_مو_وطنية!! لماذا ذلك ومن مسؤول عن تغيير الصورة؟
المهرب الغالي مرغوب أكثر من المحلي الرخيص
يحاول تاجر ألبسة في سوق الطلياني بدمشق إقناع الزبونة بشراء قطعة ثياب غالية الثمن، فهو يوضح لها أن هذه القطعة مهربة من تركيا وذات جودة مرتفعة لذلك من الطبيعي أن يكون ثمنها مرتفعاً، ويبدو أن خطة التاجر تكللت بالنجاح حيث اشترت الزبونة تلك القطعة مؤكدة أنها ستدفع ثمناً مرتفعاً لقطعة أجنبية جيدة بدلاً من أن تدفعه لقطعة وطنية سيئة.
تتكرر حالة تلك الزبونة ليس فقط في محلات الألبسة، بل في متاجر الأغذية والمنظفات والمعلبات والزيوت وحتى البسكوت والشيبس، مما يدل على انحدار ثقة المستهلك السوري بجودة صناعته الوطنية.
وحتى بالنسبة للأطفال، يقول محمد (12 سنة) لـ "بزنس 2 بزنس سورية" أنه يشتري البسكوت الوطني حين لا يملك ما يكفي لشراء البسكوت الأجنبي، ويماثله في ذلك جميع أصدقائه، لأن الحلوى والشيبس المنتجة وطنياً ليست بنفس جودة المنتج الأجنبي مع أنها أيضاً غالية الثمن.
المهرب أم المستورد؟
يشير تاجر أدوات كهربائية (رفض الكشف عن اسمه) في حديثه لـ "بزنس 2 بزنس سورية" إلى أن أغلب البضائع المستوردة الموجودة في السوق حالياً مغشوشة ولا تحمل شهادة كفالة حقيقية، بالإضافة إلى أن ثمنها غال ولكنها تكسب ثقة المستهلك عندما يعلم أنها مستوردة.
أما البضاعة المهربة فيقبل الناس على شرائها لرخص ثمنها مع أنها غير مكفولة أيضاً لكن يكفي أن تقول أمام الزبون أن هذا المنتج تركي مثلاً ليقبل على شرائه.
الحكومة تخلي مسؤوليتها!
من جهتها، تنفي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مسؤوليتها عن الغش في البضائع المستوردة، حيث أوضح معاون الوزير جمال شعيب أن الوزارة تتأكد من مطابقة البضائع المستوردة للمواصفات والمقاييس المعتمدة، وأنها تقوم بسحب عينات بشكل عشوائي وإرسالها إلى المخابر المختصة لفحصها وفي حال ورود أي شكوى يتم متابعتها وسحب المنتج وإجراء الفحوص عليه وفي حال كان مخالفاً للمواصفات تتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالف.
أما بالنسبة للبضائع المهربة، لطالما كشفت مديرية الجمارك العامة عن نشاطها المكثف لمكافحة التهريب براً وبحراً وجواً.
هل أصبح المنتج السوري غير قابل للتصدير؟
كتب الصناعي السوري فيصل العطري منشوراً على صفحته في الفيس بوك واطلع موقع "بزنس 2 بزنس سورية" على ما جاء فيه، حيث كتب العطري عن لقائه بتاجر خليجي أوضح له الأخير استغرابه لانحدار جودة المنتج السوري لا سيما خلال فترة الحرب مبيناً أنه حاول استيراد الراحة بالفستق الحلبي والمشبك، وبعد أن وصلت الشحنة المطلوبة تفاجأ بجودتها الرديئة، وطالب التاجر الخليجي الصناع السوريين بعدم الانسياق وراء المنافسة بالسعر بل بالجودة أولا والسعر ثانياً فالصين اليوم وبعد سنوات طويلة من إغراق العالم بالبضائع الرخيصة بدأت برفع أسعار منتجاتها وأصبحت تتطلع نحو السمعة الجيدة.
حلول إسعافية: معارض لاستعادة السمعة والثقة
يقيم اتحاد المصدرين السوريين بالتعاون مع غرفة صناعة دمشق مجموعة معارض "صنع في سوريا" للترويج للبضائع السورية داخلياً وخارجياً ولإعادة الألق للمنتج السوري الذي يسعى ليبقى حاضراً ومتميزاً، كما يثبت معرض دمشق الدولي الذي عاود انطلاقه العام الماضي جدية الحكومة وسعيها لترويج المنتج الوطني من جديد.
لكن يشير مراقبون إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في جودة المنتج الوطني وليس بالترويج له، لذلك يجب أن تتضمن الحلول إصلاحاً جذرياً في الإنتاج الوطني ليتناسب مع متطلبات مرحلة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار التي تمر بها البلاد.