ترددت مؤخرا انباء خروج نحو 10.5 مليار دولار من سوريا منذ بدء الأزمة، وتشير التوقعات الى احتمال انحدار احتياط العملات الصعبة في المركزي السوري إلى 1.1 مليار دولار في نهاية العام الحالي، وهو رقم لا يغطي شهرا كاملا من فاتورة الاستيراد.
وكانت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية قد كشفت العام الماضي أن حجم الأموال السورية المهربة إلى الخارج منذ بدء الاحتجاجات بلغ 20 مليار دولار، وأن جزءا من هذه الأموال نقل من دمشق إلى بنوك لبنانية ولكنها لم تحدد اسما معينا.
ويتابع الاقتصاديون بقلق مماثل ما يرد في التقارير الدولية حول الاستنزاف الحاد لاحتياط العملات الصعبة في سوريا، وترقب انحداره إلى نحو مليار دولار فقط في نهاية العام الحالي بما لا يغطي شهرا كاملا من فاتورة الاستيراد.
ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن مصرفي لبناني قوله إن أغلب مصادر تمويل الاحتياط من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي السوري شبه مسدودة أو تواجه تعقيدات صعبة في ظل الأوضاع القائمة، لا سيما بالنسبة لقطاع السياحة الذي كان يدر دخلا بنحو 6 مليارات دولار سنويا، وقد تراجع بما يفوق 90% خلال النصف الثاني من العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي.
كما تقلصت بشكل حاد الصادرات النفطية وبعض الصادرات غير النفطية بفعل العقوبات العربية والأوروبية والأميركية وبفعل تعطل الإنتاج أو تقلصه في الكثير من المصانع والإنتاج الزراعي.
ويحذر معهد التمويل الدولي، وفق ما ورد في النشرة الدورية لبنك بيبلوس، من انكماش الاقتصاد السوري بنسبة 20% في نهاية العام الحالي إذا استمرت الأوضاع السائدة على ما هي عليه حاليا.
إذ يتوقع تراجع الاقتصاد بنسبة 14% خلال العام الحالي، معززا بذلك التراجع البالغ نسبته 6% خلال العام الماضي. وذلك نظرا إلى التراجع الكبير في الإنتاج الزراعي واستمرار هبوط حركة الاستثمارات والتصدير بسبب تزايد معدلات العنف والعقوبات الاقتصادية.
ويلفت التقرير إلى تراجع حاد في حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة لتصل إلى حدود 100 مليون دولار فقط هذا العام، مقابل 600 مليون دولار في العام الماضي. وذلك انحدارا من 1500 مليون دولار سجلتها في عام 2010.
وتعاني البنوك اللبنانية عموما، وبالأخص منها التي تملك حصة الغالبية وحق إدارة 6 مصارف خاصة من أصل 14 مصرفا خاصا عاملا في السوق السورية، من ضغط مزدوج مرده إلى الأزمة المستمرة في سوريا على مدى 17 شهرا متتاليا من جهة، ومن رقابة مالية أميركية صارمة وتفصيلية في تطبيق العقوبات الصادرة عن جهات عربية وغربية في حق أشخاص ومؤسسات من سوريا، فضلا عن إيران وحزب الله.
ويقدر مصرفيون تدني أصول المصارف الستة العاملة في سوريا المقومة بالدولار بما يقارب 50% حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، بسبب الخسائر المباشرة والتراجع الحاد في حجم الأعمال.
وقد عمدت هذه المصارف إلى تخصيص مؤونات لتغطية التعثر المحقق أو المرتقب في المحفظة الائتمانية، لكنها تتريث في اتخاذ تدابير إضافية بما فيها الخروج الذاتي من السوق بانتظار جلاء مسار التطورات الحاصلة ونتائجها.
من جهته، قال رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربيه إنه لا خطر على القطاع المصرفي اللبناني من تأثيرات الحوادث الدموية المريرة الجارية في سوريا، لكنه دعا جميع المتعاطين في الشأن المالي والاقتصادي وخصوصا المصارف، أن يأخذوا في الاعتبار المخاطر التي تواجهها سوريا، لافتا إلى أن تأثير هذه الحوادث سلبي على المصارف العاملة هناك.
وتضم مجموعة البنوك اللبنانية الستة العاملة في سوريا: بنك بيمو، بنك سوريا والمهجر، بنك عودة سوريا، بنك بيبلوس سوريا، فرنسبنك سوريا، وبنك الشرق التابع لمجموعة اللبناني الفرنسي، إضافة إلى مساهمة أقلية في بنك لبنان والخليج.
المصدر: العربية نت