يقول طرف «تفضل أنت أولا» فيرد الاخر «لا بل أنت أولا»..هكذا يدعو كل طرف الاخر للاقدام على اتخاذ الخطوة الاولى.
وتقترب منطقة اليورو ببطء من التوصل الى خطة جديدة لمعالجة أزمة الديون في ظل لعبة اقدام واحجام بين الاطراف الرئيسة.
وكانت أحدث مناورة في هذه اللعبة هي عرض البنك المركزي الاوروبي الاسبوع الماضي بالتدخل لشراء سندات من أجل خفض تكلفة الاقتراض على اسبانيا وايطاليا.
فكل من الاطراف الرئيسة -وهي البنك المركزي والدول التي تتعرض لضغوط وألمانيا قائدة الاتحاد الاوروبي والحكومات التي تطبق بالفعل خطة انقاذ- ينتظر من الطرف الاخر اتخاذ الخطوة الاولى باتجاه تحمل عبء التكلفة.
وتدور اللعبة نفسها كذلك بين البنك المركزي الاوروبي والمستثمرين في سوق السندات الذين قادوا منطقة اليورو التي تضم 17 دولة الى حافة التفكك بسبب الافتقار للثقة في قدرة صناع القرار على التغلب على الازمة.
وحاول ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الاوروبي تخويف المضاربين من المضاربة ضد اليورو بقوله انه «لا رجوع عن الوحدة النقدية الاوروبية».
التحدي السياسي
وتشير التوقعات الى ان الاوضاع ستزداد سوءا في الاسواق بسبب التحدي السياسي وفي شوارع اثينا ومدريد قبل ان يتخذ اجراء حاسم منتظر في أواخر سبتمبر المقبل.
وكانت اسبانيا وايطاليا تأملان في ان يتدخل البنك المركزي الاوروبي لدعمهما على أساس إجراءات التقشف المطبقة بالفعل في البلدين دون الحاجة لتحمل الوصمة السياسية التي يمثلها التقدم بطلب لخطة انقاذ مالي.
لكن البنك المركزي الاوروبي وهو الجهة الاتحادية الوحيدة القادرة على تدخل سريع وكبير أبدى استعداده للتدخل فقط اذا تقدمت اسبانيا أولا بطلب مساعدة وقبلت شروطا صارمة تتعلق بالسياسات والخضوع للرقابة واذا قدمت حكومات منطقة اليورو أموالها من خلال تفعيل صناديق الانقاذ.
مساعدة مجانية
وقال أحد صناع القرار البارزين في منطقة اليورو والذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الامر «يبدو ان الاسبان يعتقدون ان بامكانهم الحصول على مساعدة مجانية من المركزي الاوروبي دون شروط. وهذا ما كان ليحدث أبدا».
وفتح رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي الباب الآن أمام طلب المساعدة قائلا انه سيتخذ القرار وفقا لما «أتصور أنه سيحقق مصلحة الشعب الاسباني» فور ان يعرف ما الذي قد يقدمه المركزي الاوروبي وبأي شروط.
وقال دبلوماسيون ان رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي سعى الى دفع راخوي في هذا الاتجاه عندما اجتمعا الاسبوع الماضي على الرغم من ادراكه لخطر ان تحصل مدريد على خطة انقاذ وهو ما سيدفع الاسواق للتكهن بأن ايطاليا ستكون التالية وتوجيه سهامهم اليها.
وتناور المانيا أكبر مساهم في أموال انقاذ منطقة اليورو من أجل ان تقوم الاطراف الاخرى بدورها حتى لا تزيد التزاماتها المالية الاجمالية.فلا تريد المستشارة انجيلا ميركل ان تعود للبرلمان لتطلب المزيد من الاموال لخطط انقاذ في عام ما قبل الانتخابات خاصة لليونان.
ومن ناحية أخرى تأمل اليونان التي قد تستنفد أموالها الشهر المقبل ان يخشى زعماء العالم من ان يؤدي خروجها من منطقة اليورو الى زعزعة الاقتصاد الاوروبي والعملة الموحدة فيعطوها مزيدا من الوقت لتنفيذ برنامج انقاذ ثان ويشطبوا المزيد من ديونها.
وتسعى ايرلندا التي حصلت على خطة انقاذ عام 2010 الى ضمان حصولها على الامتيازات التي تحصل عليها اسبانيا أو اليونان لتخفض تكلفة تصحيح أوضاع بنوكها.
قيود خاصة
ويواجه دراجي قيودا خاصة به اذ ينظر البنك المركزي الالماني بشك الى تحركاته.ومن أجل مصداقية المركزي الاوروبي لا يمكنه طباعة النقود دون شرط لدعم الحكومات المدينة.
وفضلا عن ذلك قال المركزي الاوروبي انه سيشتري سندات ذات اجال أقصر وهو ما يجعل المستفيدين تحت ضغط لتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية.
والهدف من الخطة التي تتشكل ملامحها هو الابقاء على مدريد وروما في أسواق المال بتكلفة محتملة بالنسبة لهما ولحكومات منطقة اليورو التي لا تكفي اموال الانقاذ الخاصة بها لتغطية الاحتياجات التمويلية لاسبانيا على مدى ثلاث سنوات ناهيك عن ايطاليا.
ويظل البنك المركزي الاوروبي الجهة الوحيدة التي تملك القيام بعمل يفاجئ الاسواق.ولم يستبعد دراجي -وهو على علم بأوجه القصور في برنامجه السابق المحدود لشراء السندات- تدخلا أكبر بكثير هذه المرة قائلا ان التدخل سيكون «كافيا».
والحيلة في لعبة الاقدام والاحجام التي يلعبها المركزي الاوروبي ستكون ان يخيف أولئك الذين يضاربون ضد منطقة اليورو دون ان يخسر الدعم الالماني أو يريح الدول الاعضاء المتلقية للمساعدات من عبء تنفيذ الاصلاحات.
واشارة راخوي ربما تعني ان اللعبة بدأت.
المصدر: الوطن الكويتية