خاص B2B-SY
ذكر مؤخراً رئيس قسم التسويق الزراعي في وزارة الزراعة أسعد صباغ أن الأمن الغذائي من التحديات الرئيسة، وأن الزراعة لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية واتسعت الفجوة الغذائية وأصبحنا نستورد حوالى نصف احتياجاتنا من السلع الغذائية الرئيسة..
حيث أشار بحسب التقرير الذي حصل موقع " بزنس2بزنس سورية" إلى أن الإمكانات الكامنة لقطاع التصنيع الزراعي هائلة وأن ما يستخدم من المحاصيل الزراعية في الصناعة نسبته محدودة لا تزيد على 2.3 بالمئة، لافتا إلى استثمار أموال مهمة نسبيا في مجالات تنمية الإنتاج الزراعي من دون أن يصاحب ذلك ضخ استثمارات ملائمة لتطوير تسويق وتصنيع هذا الإنتاج، أي إهدار شطر كبير من الإنتاج، وتقليص الأثر التنموي للاستثمارات في قطاع الإنتاج.
الكلام أعلاه يعتبر دقيقاً، فرغم من أن سورية تملك إمكانيات هائلة للإنتاج الزراعي إلا أن هذا الأمر لم يتم توظيفه بالشكل الأمثل، وكان للأزمة التي تمر على سورية أثر سلبي كبير على هذا القطاع، ولكن لا يمكن أن نحمل الأزمة دائما كل العقبات، وإن كانت هي أحد أهم المسببات لها.
فمشكلة تحويل الإنتاج الزراعي إلى إنتاج صناعي لا يتم في سورية بالشكل الأمثل، كما ان مشكلة التسويق أصبحت مزمنة وبشكل كبير، مزارعي الحمضيات إلى الآن يعانون من مشكلة تسويق إنتاجهم، حتى لجئ البعض لقلع أشجار الحمضيات والاستغناء عنها واستبدالها بزراعات أسهل تسويقيا، وأكثر طلبا وربحا، ما يهدد قطاع الحمضيات الذي تشتهر به سورية عبر الزمن، بالاندثار شيئا فشيئا نتيجة عدم نجاح الخطط التسويقية التي طالما تم الحديث عنها دون أي جدوى تعود بفائدة على الفلاح.
ويشمل ذلك العديد من المنتجات منها البطاطا والتفاح وحتى الثوم الذي كان مصيره مكبات القمامة وفق ما ذكرته العديد من التقارير الإعلامية...والأغرب من ذلك فإن سلع كل هذه المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية مرتفعة الثمن، رغم هذا الفائض في الإنتاج فإن المواطن لا يحصل على هذه المنتجات بأسعار رخيصة، حيث يوجد تفاوت وتضخم بالأسعار بين المحافظات المنتجة والأخرى المستهلكة والسبب كما ذكرنا غياب التسويق الناجح لهذه المنتجات، سواء داخليا أو للأسواق الخارجية.
هذه المشكلة ذكرها مؤخراً مدير هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أنور العلي الذي دعا إلى إنشاء مؤسسة تسويق عملاقة للتسويق الداخلي والخارجي وتحقيق رغبات المواطن ومصالح المنتجين بالأسعار المناسبة لكافة الأطراف في العملية الإنتاجية والتسويقية، حيث بين وجود زراعات وصناعات سورية تتمتع بميزة تنافسية وليس بميزة تسويقية مثل الحمضيات وزيت الزيتون والحبوب والشوندر السكري وغيرها إضافة إلى نحو ست صناعات تنسحب عليها ذات الحال، وأشار إلى الحديث منذ ثلاثين سنة عن تسويق الحمضيات بلا جدوى داعيا إلى إنشاء شركة تسويق عملاقة من القطاع الخاص ترعاها الدولة تدرس احتياجات السوق الداخلية وحجم الإنتاج والكلف والأسعار وتضع أسساً لهذا العمل بالتعاون مع الاتحادات المهنية والمنظمات والجمعيات الأهلية.
ما نريد أن نؤكد عليه عبر الكلمات السابقة، هي أن الفلاح وصل إلى الرمق الأخير، ولم يعد يستطيع تحمل المزيد من الأعباء والخسائر، وخاصة أن صوته لا يصل للمسؤولين عن تصريف منتجاته…فلجأ بكل أسف إلى قطع الشجرة التي زرعها واعتنى بها وخاف عليها سنين طويلة..فهو شعور صعب وعلى المسؤولين في القطاع الزراعي والتجاري والاقتصادي، أن يفهموا هذا الأمر…
الفلاح بدأ بالاستغناء عن أهم شيء في حياته، وهذا مؤشر خطير، فمؤخراً ذكر رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع في المؤتمر الاقتصادي أنه يتوجب أن يتم توجيه الإنتاج إلى الداخل والبداية يجب أن تكون في القطاع الزراعي، فعندما نشبع نستطيع أن نتحرك…هذا ما وصفه القلاع وكان وصفه دقيقاً، فالزراعة هي أساس الصناعة وأساس التجارة، وعندما يشبع فلاحنا سيشبع المستهلك وتشبع الأسواق، وعندما يجوع فلاحنا سيجوع المستهلك وخاصة ذوي الدخل المحدود لأننا سنلجأ إلى الاستيراد وبالتالي دخول منتجات زراعية كنا نزرعها محليا إلى قائمة المستوردات، وهذا ليس ببعيد إن لم تتحرك الجهات الاقتصادية المعنية لإنقاذ المزارع الذي يتكبد خسائر يوما بعد يوم.
يشار إلى أن القطاع الزراعي الذي تعرض لخسائر مباشرة قدرت وفق وزارة الزراعة حوالي 94 مليار ليرة في حين وصلت الخسائر غير المباشرة والتي طالت أدوات الإنتاج النباتي والحيواني إلى حوالي 1100 مليار ليرة, لتصل بذلك قيمة الخسائر الكلية إلى حوالي 1194 مليار ليرة.