يقال أن رأس المال جبان، ولكن أن يمتد الجبن لسنين طويلة، دون أن يتجرأ بأن يكون نشيطا فهذا يعني أنه اعتاد على أن يكون جباناً لدرجة الخمول والوهن، وهذا ما لاحظناه بالعديد من الاتحادات الاقتصادية في سورية، التي لم تحرك ساكنا ولم تمارس أي نشاط اقتصادي قوي من شأنه أن يدعم الاقتصاد الوطني.
طبعا لا يمكننا أن نعمم، فهناك اتحادات نشهد لها بالحراك الاقتصادي القوي خلال سنوات الأزمة كاتحاد المصدرين السوري الذي احتل الصدارة في نشاطه الاقتصادي سواء من حيث قدرته على جذب رجال الأعمال من الدول العربية والأجنبية عبره معارضه التي لم تستكن طيلة السنين الماضية، إلى قدرته على خرق الأسواق الخارجية وإيصال البضائع السورية لها.
المشكلة أن عدوى النشاط الاقتصادي لم تصب بقية الاتحادات لدينا، ففي سورية ليس لدينا اتحاد واحد فقط، بل لدينا العديد من الاتحادات الاقتصادية، التي تضم أهم الأنشطة الاقتصادية، إلا أن هذه الاتحادات كما ذكرنا خمدت منذ بدء الأزمة، ولم تتجرأ على تحريك أي نشاط يذكر أو يسجل لها.
فأين هو اتحاد الغرف الزراعية؟ وماذا قدم للفلاحين خلال سنوات الأزمة وما هي نشاطاته الاقتصادية التي لم نسمع عنها أبداً… وأين محاولته في خلق أسواق جديدة للفلاح ودرء الخسائر عنه، وتسويق منتجاته داخليا وخارجيا؟..
أيضا، أين هو اتحاد غرف التجارة السورية؟.. لم نسمع عن نشاط قام به خلال السنوات الماضية، اللهم إلا هذا العام مع إعلانه عن بعض المعارض والبازارات..أين كان خلال السنوات الماضية؟..وما هي منجزاته؟..وماذا قدم للتاجر السوري، وكيف دافع عن قضايا التاجر.. طبعا لا يمكن إغفال دور التاجر في ظل الحرب القذرة التي مرت على سورية، وقدرته على كسر الحصار المفروض على سورية وتوفير السلع بالأسواق، ولكن هذا الأمر لا يكفي، حيث كان باستطاعة اتحاد غرف التجارة السورية التحرك بشكل أقوى وأكثر نشاطا في كسر الحصار الجائر المفروض على سورية، وجذب رجال الأعمال والاستثمارات إلى سورية ومساعدة المواطنين والتجار بآن واحد عبر أنشطة مستمرة له.
اتحاد غرف الصناعة السورية، أين نشاطه الاقتصادي؟.، وقدرته على تحقيق الميزة التنافسية للصناعة السورية، هل اكتفى اتحاد غرف الصناعة على بعض الأنشطة التي تصب بصالح الصناعي أولا، كحال مهرجانات التسوق الشهرية؟.. هل هذا النشاط يوازي قدرات اتحاد غرف الصناعة في سورية..بالتأكيد لا..فهو يملك قدرات أكبر في تنشيط الاقتصاد وفي كسر الحصار على الاقتصاد السوري ورفع عجلة الإنتاج وتوفير السلع بأسعار مناسبة.
اتحاد غرف السياحة، نادرا ما نسمع عن منجزاته، ربما كون السياحة كانت من أوائل القطاعات الاقتصادية المتضررة من الحرب التي تشن على سورية، ولكن هذا لا يعني أن يبقى خامدا دون حراك يذكر، فالسياحة عصب اقتصادي يجب التعويل عليه في هذه المرحلة والمراحل القادمة، داخليا وخارجيا.
كلماتنا السابقة ليس هدفها النقد، بل هدفها التحفيز على الحراك الاقتصادي من جميع الاتحادات الاقتصادية في سورية، لدعم الاقتصاد الوطني، ودفع عجلته للتقدم السريع، وإعادة نشاطه، كلاً وفق مهامه ومجال عمله، فلو أن كل الاتحادات لدينا نشطت بآن معاً، فإن ذلك سيؤدي دون أدنى شك لحركة نهوض اقتصادية سريعة تنعكس على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن وعلى جميع فئات المجتمع، فالوقت الراهن الذي يمر على الاقتصاد السوري رهان تكاتف جميع الجهات الاقتصادية.