اعتبر كثيرون بأن القرض الحكومي الجديد لتمويل شراء القرطاسية للموظفين، إقراراً واعترافاً صريحاً من الحكومة بأن أسعار القرطاسية لوحدها أعلى من الدخل الشهري للموظف الذي لا يتجاوز 45 ألف ليرة، فيما يرى آخرون أن هذا القرض الذي تفتّقت عنه «عبقرية حكومية فذّة» يعبر من جانبٍ آخر عن ظلم وتهميش لباقي الشرائح الاجتماعية غير العاملة في الدولة.
يقول مصدر مسؤول من رئاسة مجلس الوزراء لـ «الأيام»: إن القرض شمل الموظفين في قطاع الدولة فقط لأن الراتب ضعيف جداً مقارنة مع أسعار السوق، لذلك فإن الموظف غير قادر على تأمين حاجات أطفاله المدرسية، لافتاً إلى أن الذين يعملون بالقطاع الخاص يتقاضون أضعاف الراتب، لذلك لديهم القدرة على الشراء من الماركات .
ويتابع المصدر قائلاً: يكون القرض بضمانة الراتب الشهري للموظف، على أن يتم إنفاقه في مراكز المؤسسة العامة للتجزئة والحصول على فواتير بالمواد المشتراة وتقديمها لمحاسبه في الدائرة التي يعمل بها.
السورية للتجارة تدافع
من جهته، يبين مدير المؤسسة السورية للتجارة المهندس عمار محمد أن الغاية الأساسية هي تأمين المستلزمات المدرسية للطلاب وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لذلك، حيث وجه رئيس مجلس الوزراء أن تكون القرطاسية بسعر التكلفة، مشيرا إلى أن السورية للتجارة قامت بطباعة الدفاتر المدرسية والألبسة المدرسية بحيث تم توفير هذه المادة للمواطنين بأسعار منافسة للأسواق، إضافة إلى منح الموظفين قرضا بقيمة 50 ألف ليرة ومن دون أي فوائد ولمدة عشرة أشهر، بعد أن يتم إحضار كتاب من المحاسب المعتمد وإرفاق صورة عن فاتورة الشراء إلى هذا المحاسب.
مشيرا إلى أنه سيتم أيضا تأمين سيارات جوالة إلى كافة القرى والمحافظات، كما يمكن لأمناء المكاتب الاستفادة من هذه القروض، بما يمكّن الطلاب من الحصول على قرطاسيتهم إما عن طريق المؤسسة السورية للتجارة أو أمناء المكاتب أو عن طريق السيارات الجوالة، ولافتا إلى أن هناك المعارض المتخصصة بالقرطاسية في كافة المحافظات، وستكون هذه التشكيلة موجودة في كل المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية. وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد نشرت قائمة تحدد فيها أسعار القرطاسية، التي تباع في فروع المؤسسة العامة للتجزئة، لكن وبالوقوف على تلك الأسعار يلاحظ الفرق الهائل بين أسعار السورية للتجارة وأسعار السوق.
أسعار متفاوتة
وفي التفاصيل، تباع في المؤسسة السورية للتجارة الصدرية المدرسية بـ 1500 ليرة، فيما يبدأ سعر البدلة المدرسية من 2000 ليرة، والقميص المدرسي بدءاً من 700 ليرة. أما في الأسواق فقد بدأ سعر الصدرية المدرسية من 3000 ليرة فما فوق للنوعية متوسطة الجودة، فيما بلغ وسطي سعر السروال المدرسي 6000 ليرة، والقميص المدرسي نحو 5000 ليرة، كما تراوح سعر الجاكيت المدرسي ما بين 6000 إلى 10000 ليرة سورية.
أما الحقائب المدرسية فحدّث ولا حرج، حيث تبدأ أسعارها من 5 آلاف ليرة للقياسات الصغيرة لتنتهي بـ 25 ألف ليرة للنوعيات الممتازة التي تباع على شكل مجموعة تتضمن الحقيبة ومقلمة وحافظة الطعام وحافظة الماء.
الحكومة تعصر جيوب المواطنين
الاقتصادي محمود حسين توقع أن يؤدي انطلاق عمليات الإقراض إلى زيادة عرض الليرة السورية، ما سينعكس سلباً على سعر صرف الليرة، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تعد ذكية بالنسبة للحكومة لأنها تلزم المواطن بشراء بعض المستلزمات المدرسية من مؤسساتها، حتى لو بالدين كونها على علم وثقة بأن كل موظف يعيش على التقسيط ويقترض كل مستلزماته المعيشية من السوق، فآثرت أن تجد لنفسها مكاناً يمكنها الاستمرار من خلاله في عصر جيوب المواطنين، رغم أن هذا النوع من القروض، الذي هو من جهة ينضوي على تمييز ضد شريحة كبيرة من المواطنين غير الموظفين متسائلاً:
«ماذا يمكن أن يفعل القرض الذي لا يتجاوز سقفه 50 ألف للقرطاسية فقط ولفئة محددة ونحن نعلم أن 73% يعملون في القطاع الخاص بينما 27% في القطاع الحكومي!
الأيام