لعل أبرز ما تمخض عن الاجتماع التشاوري الأول لحاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول مع مدراء المصارف العامة والخاصة هو إعادة النظر بالقرار 52 لعام 2017 والمتعلق بالدرجة الأولى بضوابط إدارة مخاطر الائتمان المثير للجدل لاسيما الحيثية المتضمنة منه مفهوم “رصيد المكوث”، الذي يقضي باستيفاء عمولة رصيد المكوث من المتعاملين، وذلك لقاء الحصول على وثيقة تثبت أن للمتعامل رصيداً في حسابه المصرفي المفتوح لدى أي من المصارف العامة، ليتم احتسابه رصيد مكوث عند التقدم بطلب للحصول على قرض من القروض المستأنفة، أي أن العمولة التي سيتم استيفاؤها تشبه عمولة منح المتعامل كشف حساب لرصيده المصرفي، لكونها تُحمل المصرف تكلفة إضافية تتمثل بثمن الورق والطباعة ناهيكم بالقيام بعملية الاستعلام عن الوضع المصرفي للمتعامل.
ورجحت مصادر مطلعة أن يتم إلغاء “رصيد المكوث” كشرط لازم عند منح التمويل لأي عميل، وذلك ضمن سياق التوجه العام للمصرف المركزي باتجاه إعطاء المزيد من المرونة للقطاع المصرفي الذي يواجه حالياً العديد من العوائق خاصة لجهة التسهيلات الائتمانية.
وفي ذات السياق تمنّع عدد من مدراء المصارف الحديث عن فحوى هذا اللقاء الذي عقد بعيداً عن الإعلام مكتفين بالقول “إنه كان جيداً”، باستثناء مدير عام المصرف التجاري السوري الدكتور علي يوسف الذي توافق مع زملائه بأن “الاجتماع كان إيجابياً”، وتحدث عن أن الحاكم عرض رؤيته للقطاع المصرفي في سورية ودور المصرف المركزي في المرحلة القادمة بما يتناسب واحتياجات المرحلة من جهة والمعايير العالمية من جهة أخرى.
وأشار يوسف إلى أن المصارف قد أشبعت بحجم كبير من السيولة باتت تستوجب ضخها في المشاريع التنموية، ما سيدفع بالنتيجة إلى دراسة طرح منتجات مصرفية جديدة، متوقعاً أن تشهد المرحلة القادمة رؤية مصرفية مختلفة ومنسجمة مع التطورات المعاصرة.
وفي خضم هذا الحديث عن القطاع المصرفي والتوجه نحو إعطائه المزيد من المرونة لتلبية احتياجات المرحلة، يبرز لدينا التمويل السكني، إذ يفترض أن يتم لحظ هذا التمويل سواء من ناحية حجم التمويل المطلوب، أم من ناحية العقبات الروتينية التي تعترض طالبه، إذ لا يعقل أن يكون سقف التمويل العقاري 5 مليون ليرة في ظل التضخم الحاصل وارتفاع أسعار العقارات..!؟
كما أنه من غير المنطقي عدم إيجاد آليات استثنائية للتعاطي مع يكتنف القطاع العقاري –لدى منح أي تمويل سكني- من إشكالية أن النسبة الأكبر من الشقق في سورية غير نظامية 100% ولا تمتلك سند تمليك “طابو أخضر” خالي من إشارات الحجز والرهن، فأغلب الوحدات السكنية -وإن كانت نظامية- ملكيتها مثبتة إما بكاتب عدل أو بحكم محكمة وغير ذلك من الأوراق التي لا يتم بموجبها وضع إشارة رهن لصالح البنك، وبالتالي فإن البنك لا يمول هذا النوع من الشقق، ناهيك عن أن 80% من العقارات في سورية غير مفرزة فضلا عن الإشارات القديمة التي لم ترفع عنها حتى الآن ومثال ذلك الأراضي التي يمر بها الخط الحديدي الحجازي عليها إشارات قديمة لا مبرر لوجودها…!.
المصدر: صاحبة الجلالة