يقول خبراء إنه لمن المؤسف أنه عندما أصدر المكتب المركزي للإحصاء مجموعة من البيانات الإحصائية عام1974، كانت أفضل من التي أصدرها المكتب ذاته قبل أشهر، ومع الأسف فإن معظم الأرقام والبيانات التي تصدر لا تملك غاية أكبر من الصدور!
ويتحدث بعض الخبراء أنه بين عامي 2006 و2010 والتي تعد من فترات الازدهار الاقتصادي التي شهدتها سورية، كانت معظم الأرقام مضلّلة وحتى الصحيح منها لم يبلغ من الدقة درجة يمكن فيها وضع سوى استراتيجيات عامة، وحتى تلك الاستراتيجيات لم يكن من الممكن نقلها إلى حيز التنفيذ.
وفي الوقت الذي تتضخّم فيه المشاكل في قطاع الأرقام، يرى البعض أنه مثل أي قطاع آخر يعاني اليوم من العجز والخيبة والنقصان، فقد وضعنا الخطة الخمسية العاشرة ولم تنفّذ، وكذلك الخطة الخمسية الحادية عشر ولم نقم خلالها بأي خطوة ولذلك من الطبيعي جدا ألا تكون أرقامنا وبياناتنا صحيحة.
أرقام مضللة
حول واقع أرقامنا والحالة المرضية المزمنة التي يعاني منها الرقم الإحصائي، قالت الدكتورة والباحثة الاقتصادية رشا سيروب إنه «على الرغم من أننا نسمع دائما بضرورة إعادة هيكلة القطاع العام الاقتصادي، لأنه خاسر يظهر لدينا بعدها بالموازنة على أنه رابح، وهو ما يعني أننا نعتمد على أرقام وهمية وهي مجرد أرقام».
وأكّدت أنه «لو كان يوجد لدينا برلمان وجهات رقابية تحاسب أي مسؤول يقدّم أرقاماً خاطئة خلال تصريحاته لكان الوضع مختلفا».
إن كنت تدري!
ربما تنطبق المقولة القائلة «إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم» على الحسابات الرقمية والإحصاءات التي تجري في القطاعات الحكومية، وهنا أكّدت الدكتورة سيروب «أن تلك الأرقام غير المعبّرة عن الواقع من غير الممكن أن تكون خاطئة بسبب الجهل، فلا يوجد أحد جاهل اليوم، وإذا اعتبرنا أن الأمر عبارة عن جهل فهو معيب وإهانة بحق الحكومة».
ورأت سيروب أن «المشكلة هي تضليل الرأي العام وعدم التعامل بشفافية مع المواطن، وهو السبب الرئيسي في عدم تقديم أرقام دقيقة، ما يشير إلى وجود استخفاف بالرأي العام لأن الحكومة لو كانت مهتمة لكانت عرفت أن هذا المواطن سيحاسبها يوما ما».
وتابعت «فإذا اعتبرنا أن الأمر عبارة عن جهل فهذا فشل، وإذا رجحنا باقي الأسباب فهذا يعني عدم إشراك المواطن بالقرارات».
قرارات تتخذ
وحول القرارات الخاطئة التي تصدر بناء على الأرقام المضللة، قالت سيروب «هذا إذا افترضنا أن تلك القرارات تصدر بناء على الأرقام».
وتابعت «هذا ما قلته في أحد المؤتمرات، فقد أظهرت نتائج الإحصاءات التي تمت في وقت سابق، أننا نحتاج إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، ومع ذلك لم نزل نقدم الدعم إلى المشاريع الكبيرة، وهو ما يعني أن أرقامنا غير مجدية لأننا لا نبني قراراتنا بناء عليها».
نظام إحصائي مترهل
الزلق يؤكد وجود نظام إحصائي مترهل، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري في المكتب المركزي للإحصاء وذلك بالمقارنة مع الإنفاق الجاري، بالإضافة إلى عدم وجود من يريد استثمار الكوادر التي تعمل بمجال الإحصاء، فالخريجون الجدد يشعرون اليوم بأن لا أحد يريدهم في سوق العمل، ولذلك نجد الواقع الإحصائي بأشد الحاجة إلى الاهتمام الحكومي كي تضع رؤية واستراتيجية.
منهجية مموهة
رأى الزلق أن «معظم البيانات المنشورة تفتقر إلى الحجة ولذلك هي بيانات غير موثوقة، متسائلا كيف سنتمكن من إنتاج رقم إحصائي سليم ولا توجد إمكانية تدعم إنتاج هذا الرقم».
ولفت إلى وجود مشكلة أخرى هي «التأخر بإصدار النتائج نتيجة الابتعاد عن العمل الإلكتروني، والذهاب إلى استخدام الورقيات»، مؤكداً أن «معظم الأرقام غير الدقيقة أنتجت بطريقة غير مقصودة ومشكلتها الأساسية تكمن في عدم إمكانية محاججة الطرف الآخر بها، الأمر الذي يضطرنا إلى أخذ معلومات من جهات أخرى».
المصدر: صحيفة الأيام