أطلقت جمعية العلوم الاقتصادية تحذيراً يفترض الأخذ به وعدم القفز فوقه كما جرت العادة، عبر تعرض سورية إلى كارثة حقيقية في حال لم يبادر المعنيون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة لمعالجة أزمة نقص المياه التي باتت تعانيها البلاد وخاصة بعد سنوات الحرب والظروف المناخية الصعبة التي مرت فيها خلال الفترات السابقة الماضية. ولم يلغ الحضور الكثيف، الذي فرضه موضوع الندوة المهم، حالة الهدوء الذي كان مخيماً على الوجوه، التي كانت في أغلبها من الباحثين الاقتصاديين المختصين والمسؤولين في الجهات الرسمية، الذين طغت على كلماتهم طريقة الطرح والمعالجة ذاتها من دون تقديم أي رؤية واقعية لحل الأزمة
د.جورج صومي باحث ومسؤول سابق في وزارة الري تحدث في البداية عن أسباب تدهور الوضع المائي في سورية، وتحديداً خلال سنوات الأزمة، حيث تعرضت معظم المشاريع المائية وبناها التحتية لعمليات تخريب كبيرة لأقنية الري والصرف ومحطات الضخ، وتوقف العمل في مشاريع جديدة ومشاريع إعادة التأهيل، والتوقف الكلي للأعمال الإنشائية في مشروع دجلة، وتوقف العمل في مشاريع السدود «برادون وخان طومان ووادي أبيض وأفاميا وزيزون»، وأيضاً مشاريع مياه الشرب، إضافة إلى السيطرة على سدود الفرات، وحفر آلاف الآبار المخالفة في كافة المناطق من دون مراعاة حرم الينابيع والأنهار، وسرقة ونهب معظم الآليات الثقيلة ووساط النقل الكبيرة والصغيرة في المستودعات التابعة للشركات والمؤسسات العاملة في أعمال الصيانة والتشغيل والإنشاء. مشيراً إلى محدودية الموارد المائية حالياً قياساً بحجم الطلب المتنامي نتيجة المعدلات السكانية وتدني حصة الفرد من الموارد المائية المتاحة، وتدني الكفاءة الفنية والاقتصادية لاستخدامات المياه في جميع القطاعات.
وبعد رصده الواقع الحالي للمياه في سورية وتشخيصه للمشكلة فعلياً واقتصادياً قدّم د.صومي رؤيته للمعالجة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، حيث أكد أنه على المدى القصير يفترض العمل على تأهيل المساحات المروية والمنشآت الهندسية في المناطق المحررة من الإرهابيين وتأمين كافة مستلزمات العملية الإنتاجية والزراعية وخاصة مصادر الطاقة وتأمين السيولة اللازمة للمصارف الزراعية وتخفيف الإجراءات البيروقراطية وتفعيل دور اللجنة العليا للموارد المائية ولجان الأحواض. أما على المدى المتوسط فقد طالب بإعداد الدراسات اللازمة للمخطط المائي العام في سورية مع وضع خطة واقعية لإعادة تأهيل مشاريع الري واستصلاح الأراضي وفق أولويات ومؤشرات الخطة الخمسية الحادية عشرة مع وضع معايير لتقييم الأداء الفني والإداري للجهات الوصائية عن إدارة وتنمية واستخدام الموارد المائية ومعايير تقويم أداء وكفاءة البنى التحتية للمشاريع المائية ومنشآتها مع تشجيع ثقافة الاستثمار المشترك للمياه الجوفية الآبار.
وقد تطرق الباحثون الاقتصاديون المختصون إلى نقاط غاية في الأهمية، حيث أكد الخبير حسان قطنا أن القطاع الزراعي استمر بالانتاج رغم تراجع الإنتاج، الذي وفّر لا شك في المياه، لكن بالمقابل هناك نقاط أثرت- على نحو بالغ- في الواقع المائي في سورية، وخاصة بوجود الآبار المخالفة، التي يجب إيجاد طريقة ما لمنع قيامها والتوجه إلى إيجاد آبار منظمة بغية التمكن من ضبط الموارد المائية، مطلقاً تحذيره بالانتقال من مرحلة الخطر إلى مرحلة الكارثة في ظل البتر غير المشروع للأراضي الزراعية بغية بناء مناطق سكنية وصناعية.وأشار باحث اقتصادي آخر إلى خطورة عدم الالتزام بالخطة الزراعية من الفلاحين، مرجعاً ذلك إلى أن الخطة ليست موجهة إلى الفلاحين الفقراء، وهذا يشكل قرابة 35% تقريباً.
تشرين