يكشف مسؤول سابق في رئاسة مجلس الوزراء رفض الكشف عن اسمه أنه يحق للوزير ضمن القانون أن يخصص بثلاث سيارات، الأولى من نوع «لكزيس» والثانية من نوع أقل فخامة، وأخرى للخدمة. وأشار المصدر إلى أن عدداً قليلا جدا من الوزراء يطبقون القانون، «فلا يكتفي الوزير حتى بـ 15 سيارة في كثير من الأحيان وهذا يشكل استغلالا للمنصب».
ويلفت المصدر إلى أنه «على الرغم من عدم وجود نفقة شخصية للوزير بالموازنة، إلا أن كثيراً من الوزراء ينفقون من مخصصات الوزارة، ولكل وزير أخلاقياته وضميره في استخدام موارد وزارته».
ويضيف أنه «للوزير مؤسسات ولها نفقاتها، وفي كثير من الأحيان يقيم الوزير ولائم وعزائم تحت بند المؤسسة ويحمّلها للمدير العام، ليصرفها من بند الدعاية والإعلام والمسألة ليست قانونية»، مؤكداً أن «اعتمادات الموازنة إما تُستغل بشكل سلبي، أو أن يأتي وزير «ابن حلال» بمحض الصدفة، فيسخر الاعتمادات بشكل إيجابي».
ورأى المصدر أن «لكل منصب استحقاقاته، خاصةً من وجهة النظر الاجتماعية، لأنه من الضروري الظهور بمظهر لائق أمام المواطن»، وكأن المظهر اللائق هو السيارات والمرافقة لا عمل الوزير وخططه وخدمته للمواطن!
ولا يتوقف استغلال المنصب على نفقات السيارات والولائم، لا بل يتعداها في كثير من الأحيان إلى تقديم «الهدايا» والرشى لمن يقفون خلفه، للمحافظة على المنصب لأكبر وقت ممكن وطبعاً كل ذلك على حساب الوزارة!
منذ زمن
المصدر في رئاسة مجلس الوزراء يشرح أكثر، حول بند السيارات المخصصة للوزراء فيقول «في البداية كان الوزراء يملكون سيارات من النوع المعروف بـ «مرسيدس شبح» فأتت بعد ذلك تعليمات كي يقوموا بتسليم سياراتهم «الشبح» ويأخذون «الليكزس» عوضا عنها.
وأوضح المصدر أنه «فيما يتعلق بالسيارة الثانية فقد تم التأكيد ألا تتجاوز سعة المحرك 2000 سي سي، وهو ما يعني سيارات من نوع تويوتا كاميري وما دون».
وأكد المصدر على أن «تلك السيارات هي حق بالقانون، ولكن لا أحد يكتفي بحقه فقط».
وذكر المصدر بأنه كثيراً ما كان يقول للوزراء حول كثرة عدد سياراتهم «لا تستطيعون وضع رجل في هذه السيارة والرجل الأخرى في السيارة الثانية!»
موازنة تتجاهل الأولويات
الأستاذة في الاقتصاد نسرين زريق ترى من جهتها أن «المسؤولين لا يرون حاجة للبحث العلمي أو العلم بقدر الحاجة للظهور بمظهر حياة باذخة، وهو ما يتمثل بالسيارات الفارهة دائمة التحديث، ولذلك فإن الميزانيات تبنى دائما بحسب أولويات المسؤولين، ولا يوجد أهمية للأمور الأخرى المتعلقة بلبّ عملهم».
وتضيف: «حتى النفقات الإدارية المتعلقة بالطبابة فهي خاصة بالوزير وليست مباحة لجميع موظفي القطاع العام، بدلالة أنه يحق للوزير العلاج خارج القطر». وترى بأنه كان من المفترض أن يتم تخصيص الفرق في الموازنة بين عامي 2018 و2019 والمتعلق بالنفقات الإدارية لصالح أمور «أهم»، ومن هنا - تقول زريق - كنا نحارب لتغيير البنود لصالح الشعب وليس تبعا للمصالح الخاصة.
جزء من الفساد
معاون وزير الصناعة السابق بركات شاهين يقول في حديث لـ «الأيام» إن موضوع مصاريف الوزراء، وخاصةً ما يتعلق بالسيارات هو جزء من ممارسات الفساد في سورية، ففي الوقت الذي يشكل فيه المنصب عبئا في دول العالم كافة، نجد الناس في سورية تلهث وراء المناصب، خاصة وأننا نقدم للمسؤول الكثير من المزايا مقابل عدم وجود أي شكل من أشكال المحاسبة.
وتساءل شاهين عن «سبب عدم خروج أي مسؤول من منصبه بوسام شرف»، مجيباً «لأن الوزير يخرج من منصبه دائما إما باتهام أو بتقصير أو يفسد وزارته أو القطاع الذي يعمل فيه قبل خروجه».
«منيح إنو طلع»!
ويقول معاون الوزير شاهين أن «90% من الوزراء خرجوا من الحكومة لسبب خفي، ففي كل دول العالم عندما تنتهي خدمة الوزير يتم وضع صورته في الوزارة أو أي أمر يذكر به، كي تتذكر الناس أعماله، «وأما نحن في سورية، فكلما خرج وزير نشكر الله على خروجه لأنه خرّب الوزارة».
وأكد شاهين أن المزايا التي يتم منحها فيا يتعلق بوسائط النقل أو أي شيء آخر هي جزء من سياسة الفساد، لافتاً إلى أن «أحد المسؤولين كان يملك أسطولاً من السيارات يتجاوز 30 سيارة، له ولزوجته ولحماته ولأولاده ولأحفاده، وحاليا لا يوجد وزير يملك أقل من سيارتين!».
3 ملايين كحد أدنى!
يشير شاهين إلى أنه «على فرض أن راتب المسؤول يبلغ 100 ألف ليرة سورية، فهو يخسّر الدولة 3 ملايين بين أعمال صيانة وإصلاح وبنزين»، ويلفت إلى «وجود وزراء خرجوا من الحكومة منذ 30 عاما وحتى الآن يأخذون مخصصاتهم من المحروقات من الدولة».
ويكفي لمعرفة الهدر والفساد المتعلق بامتيازات الوزراء أن نعرف أنه «في فترة الستينيات في سورية كان يوجد ما يسمى بتعويض المسؤولية، وهو ما يعني أن كل وزير مسؤول عن نفسه، وإذا كان لدى هذا الوزير أي اضطرار للذهاب من أجل العمل، عندها يقوم السائق بتوصيله وتعود السيارة إلى المرآب بعدها، أما اليوم فحتى سائق الوزير يحتاج إلى سائق، فما بالك بعائلته وأقربائه والمحظيين والمحظيات لديه؟».
أحد المسؤولين السابقين يؤكد من جهته أن «الوزير الدرويش يملك اليوم 3 سيارات، وأما الوزير المدعوم فمن المستحيل أن يملك أقل من 5 سيارات، والمدراء (المدعومين) على شاكلة الوزراء فيما يتعلق بسياراتهم».
عزائم وولائم وما خفي!
يؤكد أحد المدراء العامين (رفض الإفصاح عن اسمه) إلى أنه يوجد عدد كبير من الوزارات يتم فيها وضع حجم كبير من الإنفاق على الولائم والعزائم، فعلى الرغم من أن الرواتب متدنية إلا أنه يوجد أبواب أخرى يمكن للمسؤولين، سواء كانوا وزراء أو مدراء عامين اعتمادها للتحايل على ذلك.
وروى المدير قصةً حدثت معه قائلا «في إحدى رحلات العمل إلى خارج القطر التي قمنا بها، جاءني المحاسب قائلا: «بيطلعلك 200 دولار باليوم»، فأجبته ما السبب «قال منامة وإذا لم تأخذها سوف تحرج باقي المدراء لأنهم أخذوا جميعهم».
المصدر: صحيفة الأيام السورية