موقع بزنس2بزنس سورية| مروة ياسين
سجلت الإجراءات الاستراتيجية بعيدة المدى غيابها عن منطومة و عمل " مصرف سورية المركزي" خلال الفترة السابقة، والذي كان يتبع سياسية الإجراءات الإستدراكية المرحلية والمؤقتة بهدف استقرار سعر الصرف الليرة السورية و التدخلات الإيجابية التي كان يطلق عليها للحفاظ على هذا الاستقرار خوفاً من انهيار او هبوط كبير.
تلك الإجراءات الإستدراكية والآنية كانت على حساب إهمال بقية الأدوات النقدية التي يملكها المركزي، جاء لتسليط الضوء على عمله فقط من خلال استقرار سعر الصرف، لكن و كما هو معروف فإن لدى أي مصرف مركزي العديد من الأدوات النقدية التي يملكها التي يستطيع ان يكون فيها المؤثر و المحرك الأساسي لحركة واداء الأسواق.
الإهمال المغطى ببريق استقرار سعر الصرف لأكثر من عام، بدأت تظهر تأثيراته السلبية ، وذلك عند البدء بفتح أي ملف من ملفات تلك الأدوات النقدية التي بدأ حاكم مصرف سورية الجديد يتبعها، والذي بدأ يعمل على إعادة تفعليها و تنشيطها مثل أي مصرف مركزي في العالم لتدخل حيز التنفيذ، سعياً منه لضبط الاقتصاد على المدى الطويل، والمساهمة في اعادة التوازن و الاستقرار الحقيقي لا الوهمي.
أولى تلك الأدوات التي عمل عليها الحاكم الجديد هي التي يملكها " مجلس النقد و التسليف" من خلال إصدار شهادات الايداع بقيمة مليون ليرة للشهادة و بسعر فائدة 4.5% بآجل لمدة عام، خطوة بالرغم من كونها أمر من طبيعي لدى كل البلدان إلا أنها وصفت «بالجريئة» بعد كل الركود الذي عاناه المركزي لسنوات.
شهادات الإيداع التي تقوم على جذب المبالغ مالية بالليرة السورية هدفها تخفيف حجم النقود المتداولة كما يستخدم كأجراء لتقليل التضخم، بالإضافة إلى تقديم فائدة بنسبة %4,5 تعمل تخفيف المضاربات أي أن النقود التي كانت تستثمر في المضاربات نقوم بجذبها لتستفيد من الفوائد على شهادات الإيداع وهي بالتالي استفادة مضمونة أكثر من مضاربات الدولار.
امتصاص السيولة من السوق وتأثيرها على سوق المضاربات لن يكون تأثيره لحظي وآني بل سيأخذ من ثلاثة أشهر فما فوق لتبدو نتائجه على السوق، حيث يتوقع انخفاض الأسعار بنسبة 5% تقريباً، السيطرة على التضخم النقدي من قبل جهة واحدة سيجعلها الجهة المتحكمة بالسوق بدل من ملاحقة المضاربين والتدخل في السوق للسيطرة على سعر الدولار، وجعل خطوات المركزي رهن أيدي المضاربين.
لنصل إلى استقرار حقيقي في سعر الدولار وتحكم المركزي فيه أمر يتطلب حزمة من الإجراءات على أرض الواقع وبالتالي التحسن البطيء لكن الطرق الصحيحة التي تعطي الاستقرار والتحكم الذي تحدثنا عنه يتطلب مثل خطوة شهادات الإيداع وغيرها مما يفعل الأدوات التي كانت محنطة وأدت إلى هذا التذبذب غير المضبوط.
أول خطوة على طريق العمل الصحيح أتت لتعالج سياسة حبس النقد التي شكلت قيوداً على النشاط الاقتصادي، والتي حبست معها ثقة الناس ووسعت الفجوة بينهم وبين المصرف المركزي، تلك الثقة هي أهم ما أعلن عنه حاكم مصرف سورية المركزي للعمل عليها في سياسته الحالية.