يبدو أن الإعلان الذي أطلقته الحكومة مع بداية العام الحالي" سورية خالية من المهربات" لم يشمل الجميع و إنما الذي بدأ واضح من إنطلاق الحملة أن المستهدف هم صغار المهربين و التجار و الباعة و تتغافل او تتجاهل حيتان التهريب.
حيث أن اوضح الخبير الاقتصادي " سنان علي ديب"أن هذه الخطوات محسوبة بدقّة من الحكومة، فهي تريد التعبير عن إمكانية استمرار الحياة الطبيعية، إضافة إلى إطلاق يد طبقة جديدة من رجال الأعمال الجدد الذين يعملون بعقلية "المافيا" على حد قوله.
وبحسب علي ديب، فإن قيمة حجم اقتصاد التهريب الذي يرعاه بعض المسوؤلين، لا يقلّ عن 6 مليارات دولار سنوياً، وهذه القيمة، الفائدة الكبرى منها بالنسبة للمهرّبين، هو الإعفاء من الضرائب والرسوم، ما يعني زيادة أرباح حقيقية.
مبيناً، أن الحكومة تدرك الخطر الكبير للمهرّبات على موارد خزينة الدولة، لكن خيارات استمرار التهريب من توقيفه، ليست بيد السلطة التنفيذية التقليدية تماماً.
حيث كثفت مديرية الجمارك حملاتها ودورياتها في جميع المحافظات لمكافحة البضائع المهربة في سياق الإستراتيجية الوطنية الشاملة التي تم إطلاقها بهدف مكافحة التهريب على المنافذ الحدودية وفي جميع المناطق داخل وخارج المدن وفي الأسواق التجارية، وتمكنت مديرية الجمارك من تحصيل مبلغ 6 مليارات ليرة سورية من غرامات التهريب.
تنشط عمليات التهريب بين المعابر الحدودية البرية المتاحة رسمياً مع لبنان "جديدة يابوس / المصنع، معبر نصيب" ويتغاضى عناصر الجمارك عن إدخال كل السلع والمواد التي يحتاجها السوريون، بمقابل بات يعرفه الجميع وفقا لما نشرته صحيفة " الأيام" السورية.
وانتقل المهرّبون من الطرق الجبلية المعتادة للتهريب، إلى الطرق النظامية، نتيجة الحرب، لكن شطارة المهرّبين بدأت، وفقا لأبي زياد (سائق تكسي عمومي سوري على خطّ بيروت دمشق) الذي أبدى أسفه لتساهل الجمارك مع مهرّبين معيّنين ومعروفين بولائهم للبلد.
وتحدث أبو زياد أن أهمّ السلع التي تُهرّب من لبنان إلى سورية حالياً هي الشمع والبطّاريات والشواحن واللدات، إضافة للأدوية، وعدد كبير من السلع الغذائية والمشروبات الروحية ومشروبات الطاقة، بالمقابل يسوّق المهرّبون القطنيّات السورية في لبنان، ويشير أبو زياد إلى أن المازوت والطحين وغيره من المواد المدعومة لم تعد تُهرّب من سورية إلى لبنان، بل ما يحدث هو تهريب هذه المواد بالاتّجاه المعاكس، لكن مازال الدخان سيّد المهرّبات وأكثرها ربحاً.
وفي النهاية القضية ليست كمّيات بسيطة من المواد الأساسية، إننا نتحدّث عن اقتصاد متكامل، يستحوذ باعترافات وزراء الحكومة على أكثر من ثلاثة أرباع موارد الخزينة العامّة، وعلى تقديرات حجمها يتجاوز سبعة مليارات دولار سنوياً، مقارنة مع حجم تهريب تصل قيمته إلى نصف الموازنة العامّة للدولة قبل الحرب فهل سيكون المال سيد الموقف في زمن أصبح ينطبق فيه على عنصر الجمارك القول الشعبي المأثور " أصبح غنيا في ثلاثة أشهر"؟