أوضحت وزارة المالية أن استراتيجية مكافحة التهريب بدأت لدعم الإنتاج المحلي وإحلال المنتجات السورية بدلاً من المستوردة، لكنها أيضاً تأتي في سياق اجتماعي, وخاصة بعد الأضرار التي ألحقتها المنتجات والبضائع الأجنبية المهربة بالسوق المحلية، إذ تلعب هذه البضائع دوراً في إضعاف الطلب على المنتج المحلي ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في المعامل والمزارع والمداجن السورية، بينما يؤدي انقطاع المواد المهربة إلى تحريك عجلة الإنتاج المحلي ودعم المعامل والمزارع والمحاصيل والمداجن السورية، وهذا يؤدي إلى دفعة اقتصادية تنعش الاقتصاد السوري حتى لو ارتفعت أسعار الإنتاج المحلي في الفترة الأولى، لكنها تبقى أفضل من تحطيم مصادر الإنتاج السوري من خلال البضائع والمواد المهربة، كما حصل في قطاع المداجن في فترة سابقة حيث تمكن الفروج التركي من كسر أسعار الفروج السوري، وإلحاق خسائر كبيرة مدمرة بقطاع المداجن المحلي الذي عاد لينتعش قليلاً في الأيام الماضية بعد حملة مكافحة التهريب التي أثرت إيجاباً في أسعار الفروج.
وقدر حجم البضائع المهربة من تركيا ومن دول أخرى بنحو ملياري دولار، أي إن التهريب أصبح عبئاً لناحية سحب جزء من السوق لاعتبارات يسوغها البعض بالأسعار التي تناسب القوة الشرائية، بالرغم من كونه أقل جودة من المنتج السوري، علماً أن الكثير من البضائع ولاسيما الحيوانية مضرة صحياً وغير مطابقة للمواصفات.
خريطة
وتضيف المالية أن الحكومة وضعت خريطة طريق متكاملة تهدف إلى «إعلان سورية دولة خالية من المواد المهربة»، وحددت برنامجاً زمنياً لتنفيذها حتى نهاية العام الجاري، لكون سورية تشهد حرباً وضغطاً هائلاً على مواردها ومرتكزاتها الاقتصادية، ما يستدعي محاولة البحث عن كل ليرة ضائعة على الخزينة العامة، وسد كل منفذ يتسبب بتسرب الموارد، وضبط التهريب هو الأساس في تحقيق سياسات ترشيد المستوردات والحفاظ على القطع الأجنبي، وفي الإجراءات المكثفة الهادفة إلى حماية الاقتصاد الوطني.
حزمة
من هذا المنطلق قررت الحكومة رفع أداء عمل الجمارك وتقديم حزمة معززات لأداء الجهاز على المستوى المادي ومستوى الصلاحيات والمهام الواسعة، إضافة إلى ترتيب جديد لبيئة العمل شمل إلغاء منح الموافقات والاستثناءات الخاصة بنقل المشتقات النفطية بين المحافظات، خاصة إلى القرى والبلدات المتاخمة للمناطق الساخنة، وإلغاء تجديد التراخيص للمعامل الواقعة في هذه المناطق وإدخال منتجاتها التي يجري التلاعب بمنشئها وإلصاق علامة المنشأ السوري عليها تزويراً، وتشكيل لجان مركزية وقطاعية من غرف الصناعة ووزارات الزراعة والصناعة وحماية المستهلك ومديرية الجمارك العامة لضبط وتحديد ماهية السلع الداخلة فيما إذا كانت سورية المنشأ فعلاً أم ذات منشأ مزيف.
منع
كما قررت ضبط عملية تهريب السلع غير الخاضعة لمعايير الصحة والسلامة عبر المحافظات الحدودية مع هذه المناطق إلى الأسواق السورية، ومنع تمرير أي سلعة من المناطق التي ما زالت غير محررة تماماً من الإرهاب إلى المحافظات السورية باستثناء بعض المواد الغذائية الضرورية.
كل هذه الإجراءات مشفوعة بوضع مصفوفة تنفيذية مع آلية عمل زمنية لتطوير قطاع الجمارك وتنسيق السياسات المتعلقة به بشكل تفصيلي وكامل، ومراجعة كل ما له علاقة بتنفيذ السياسات التجارية المتعلقة بالدولة وخاصة على مستوى القطاع الخارجي في مجالي التصدير والاستيراد من خلال تسهيل الإجراءات وشفافيتها، للوصول إلى تحقيق المصلحة الوطنية للقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية المحلية وأيضاً توفير المواد والمستلزمات في السوق المحلية. وتمضي الحكومة في مساعيها الحثيثة لترسيخ تطبيقات رؤيتها التي أعلنت عنها منذ بداية عملها، وبشكل متسارع ومتواكب وفقاً للإمكانات.
تشرين