أكد تقرير التجارة والتنمية لعام 2012 الذي صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تراجع النمو العالمي من 4.1 % في عام 2010 إلى 2.7% في عام 2011، ومن المتوقع استمرار الانخفاض في عام 2012 إلى أقل من 2.5% .
ويركز المعنون بـ «سياسات النمو الشامل والمتوازن»، أساساً على عدم المساواة في الدخول، ويشير إلى أن تقليص الفجوات المتسعة في الثروة والدخل لن تكون له منافع اجتماعية فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى نمو اقتصادي أكبر.
ويبين التقرير أن العديد من البلدان النامية تدعم الطلب والنمو المحليين بسياسات اقتصادية لمواجهة التقلبات الدورية، و لكنه يؤكد أنه ليس بوسع تلك البلدان تجنب حدوث بطء اقتصادي في الوقت نفسه الذي تتعرض فيه تلك الدول للتأثر المستمر للتدهور في الاقتصاديات المتقدمة.
ويُتوقع أن يكون التوسع الاقتصادي في اقتصاديات البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية أقوى خلال عام 2012 - بنسبة 5% في البلدان المجموعة الأولى و4% في البلدان المجموعة الثانية - ولكنه سيقل عما تحقق في السنوات السابقة. وقد أصبح العالم النامي، بفضل التقدم المحرز في عدد من الاقتصاديات الكبرى، أقل اعتماداً من ذي قبل على الاقتصاديات المتقدمة، وكذلك أصبح لديه طلب محلي أكثر قدرة على التكيف.
ويشير التقرير إلى أن حوالي 74% من نمو الناتج العالمي الذي شهدته الفترة الممتدة بين عامي 2006 و2012 قد تحقق في البلدان النامية، مقابل نسبة 22% فقط في البلدان المتقدمة وعلى العكس من ذلك، كانت البلدان المتقدمة، في الثمانينيات والتسعينيات، تستأثر بنسبة 75% من النمو العالمي، وهي نسبة انخفضت إلى ما يزيد قليلاً على 50% بين عامي 2000 و2006.
ووفقاً للتقرير، لا تزال البلدان النامية عرضة لضعف الطلب على صادراتها من الاقتصادات المتقدمة، ومن المرجح أن يظل الوضع على حاله مع تواصل برامج التقشف، وخاصة مع شدة تأثيرها في أوروبا.
ويتجلى هذا الاتجاه في ركود كميات الصادرات الموجهة إلى أسواق البلدان المتقدمة، وفي اتجاه أسعار السلع الأساسية نحو الهبوط منذ الربع الثاني من عام 2011.
ويؤكد التقرير أن عدم الاستقرار المالي الذي تشهده البلدان المتقدمة يؤثر في التدفقات المالية نحو اقتصاديات الأسواق الناشئة ويزيد من التقلبات الملازمة لأسعار السلع الأساسية.
ويشير تقرير الأونكتاد الجديد إلى أن اتساع الفجوات في توزيع الدخل والثروة في مختلف أنحاء العالم ليس نتيجة ثانوية حتمية من نتائج العولمة والتغير التكنولوجي.
ويؤكد أن تزايد تركيز الدخل في أيدي قليلة يقيد إمكانات البلدان في المجال الاقتصادي بإضعاف الطلب على السلع والخدمات والحد من آفاق التعليم والارتقاء الاجتماعي المتاحة لسكانها بوجه أعم - فلا تُستغل مواهبهم وإنجازاتهم الاقتصادية الممكنة استغلالاً كافياً ويمكن عكس مسار هذه الاتجاهات، بل ينبغي فعل ذلك، عن طريق تدخل الحكومة بسياسات مالية وسياسات لسوق العمل، حسبما يرد في التقرير.
ويعتبر التقرير أن الاعتقاد السائد منذ الثمانينيات بأن على الحكومات في سعيها لزيادة الكفاءة الاقتصادية، أن تتغاضى عن سوء توزيع الدخول، اعتقاداً خاطئاً. و يوصي بخطوات يمكن اتخاذها للحد من أوجه التفاوت في الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي في الوقت ذاته.
ويفيد أيضاً أن السياسات التي تحافظ على حصة العمال في الدخل القومي وتعيد توزيع الدخل عن طريق الضرائب التصاعدية والإنفاق العام ستحسن المساواة فضلاً عن الكفاءة الاقتصادية والنمو.
ويشير تقرير التجارة والتنمية 2012 أيضاً إلى أن نموذج مرونة سوق العمل لم يفشل فقط في الحد من البطالة، بل غالباً ما يؤدي إلى تفاقمها فبالاعتماد على ضغط وتخفيض الأجور باعتباره أداةً رئيسيةً لزيادة فرص العمل، تُغفل «إصلاحات سوق العمل» أهمية مساهمة توزيع الدخل في نمو الطلب وخلق فرص العمل.