خاص B2B-SY | طلال ماضي
بعد أكثر من 18 عاما على منح التأمينات الاجتماعية الحق في استثمار 50% من فائض أموالها، في مشاريع تحقق ريعية استثمارية، بقيت الأموال حبيسة الصناديق الحديدية، وأحلام أصحاب المعاشات ممن يشعرون أن حقوقهم ضائعة لدى الحكومة، بسبب عدم استثمارها بشكل يحقق لهم معاشات أفضل، حبيسة الخوف وقلة الخبرة .
الاستثمار في مؤسسة التأمينات لم يرتق الى مستوى فكر صاحب دكان في ابعد قرية سورية، بالرغم من ان القانون منح ادارة التأمينات الحق بالاستعانة بمن تراه مناسباً من الخبراء والعاملين في الدولة والخبرات المحلية والعربية عند الضرورة، وشكلت المؤسسة مجلس ادارة ومديرية الاستثمار في الإدارة العامة ودوائر استثمار في المحافظات، الا أن اليوم بجردة حساب بسيطة استثمارات المؤسسة يشوبها الكثير من المعوقات، وبحاجة الى غرفة عناية مشددة، لإنقاذ حقوق اصحاب المعاشات وتحسينها .
مجلس إدارة المؤسسة يرجع اسباب بحسب ما إطلع عليه موقع "بزنس2بزنس سورية" وجود الاشكالات الكثيرة والعقبات في وجه الاستثمار الى الخلل، وأسباب عديدة منها: قانوني وإداري ورقابي ، ويرى ان طوق النجاة والخروج من هذا الواقع لا يكون الا من خلال الاستعانة بالخبرات الاستشارية من القطاع العام، ضمن إطار تنظيمي واضح، لتأسيس شركة استثمارية على القانون 29، تدير استثمارات المؤسسة بكفاءة وجدوى لا تستطيع المؤسسة بواقعها الحالي تحقيقها، وهذا اعتراف واضح بفشل المؤسسة في ادارة فائض أموالها، واستمرارها في الاستنزاف، وتحقيق الخسائر المتتالية .
المؤسسة تبحث عن تعزيز مواردها، من خلال تسجيل العاملين في القطاع الخاص، واستنفار فرق التفتيش على المعامل والشركات الخاصة، وعينها على تشميل التعويض المعيشي بالتأمينات، ووضعت على طاولة ادارتها تقارير مالية لا تحسد عليها ،حيث استثماراتها لا تحقق اي عائد، وخاصة خلال الأزمة، وعقاراتها لا تحقق ريعية، ووضعت في حيرة بيع بعض موجوداتها الثابتة او تحصيل ديونها مقابل عقارات ميتة .
ومع بداية هذا العام قالت لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء وفقا لمتابعة موقع "بزنس2بزنس سورية": انها وضعت المؤسسة في حجرة العناية الحكومية الفائقة ،دون أن يرشح عنها سوى التصريحات الاعلامية، والمطالبات بتعديل القوانين والتشريعات، وتفعيل لجان التفتيش على المنشآت الخاصة، والتي يشوب عمل هذه اللجان الكثير الكثير من الملاحظات والثغرات، كون اسلوب التسجيل التقليدي المتبع في المؤسسة اثبت فشله، وصاحب العمل يذهب بالعمال بعد اسبوعين الى مديرية العمل لتقديم استقالاتهم، وكون ورقة "الفيتو" موجودة بيده بشكل دائم، ويحق له الاعتراض والتحفظ على الرواتب والاجور المسجلة من قبل اللجنة، حيث تنخفض اجور العمال بعد الاعتراض من 75 الف ليرة سورية الى 20 الف ليرة، وفترة التأمينات من 15 عاما الى 15 يوما .
ويرى بعض التجار ان المؤسسة لا تتبع الطرق التسويقية الصحيحة لترغيب صاحب العمل في تسجيل عماله، ولو اتبعت اسلوب الاستثمار الصحيح ومنحت من يسجل عماله نسبة من عائد استثمار الاموال التي يدفعها مقابل تسجيل عماله لكانت شجعت جميع اصحاب العمل الى المبادرة وتسجيل عمالهم ، لكن كون القصة تحل برشوة الى لجنة التفتيش ،أو باللف والدوران على القوانين، فلا احد مستعد للمغامرة ودفع الأموال للمؤسسة .
ويستغرب أحد مدققي الحسابات عدم الربط الالكتروني بين المالية والتأمينات، كون صاحب العمل يقدم في بياناته للمالية رواتب عماله وهمية وبنسب عالية، حتى يخفف من كتلة الربح والضريبة، وعدم استخدام الباركود والبطاقة الذكية لزبائن المؤسسة، والتأخير في صرف مستحقاتهم ، علما ان بيانات الزبائن تكون موجودة لدى المؤسسة منذ أكثر من 25 عاما، وعدم استخدام الوسائل الحديثة لتوعية العمال بحقوقهم ومتابعتهم، كون العامل هو الخاسر الوحيد، لم يسجل براتبه الحقيقي ولا بتاريخ التحاقه .
ويرى المتقاعد عدنان أن العامل بعد 25 الى 30 سنة من الاشتراك في التأمينات، يحس انه عم "يشحد" راتبه التقاعدي بدلا من حصوله على بطاقة التقاعد من ثاني يوم انتهاء خدمته، ومن ثم يمشي بأوراقه، ولو كانت المؤسسة لديها اتمتة وارشفة الكترونية لكانت الأمور أسهل، لكنه في الواقع يحتاج المتقاعد الى شهرين أو ثلاثة حتى ينتهي من اللف والدوران على المؤسسات المعنية من المالية والجهاز المركزي وغيرها .
وللأسف بالرغم من وجود 14 مديرية في ادارة المؤسسة، لا يوجد خطة استثمار استراتيجية لاستثمار الفائض من الأموال، أو لاتخاذ القرار بالاستثمارات القائمة ولم تكتمل، او التي منيت بخسارة كبيرة، فهل فعلا ستضع الحكومة الملف في العناية الفائقة؟ أم انها وصلت لقناعة أن المؤسسة ميتة ولا أمل منها؟!