وجهت غرفة صناعة دمشق مذكرة إلى النائب الاقتصادي تناولت فيها الواقع والظروف الصعبة التي يمر بها الصناعيون والتجار والتي تقتضي ضرورة اتخاذ إجراءات إسعافية وعاجلة تتعلق بمعضلة معالجة القروض التجارية والصناعية المتعثرة نظرا للظروف الراهنة والاستثنائية.
وبينت المذكرة التي حصلت الوطن على نسخة منها أنه وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تنعكس سلباً على قدرة التجار والصناعيين والشركات وكل شرائح المواطنين على سداد القروض والتسهيلات التجارية للمصارف العامة والخاصة، صدر مؤخراً المرسوم رقم /51/ تاريخ 11/8/2012 بإعادة جدولة القروض والتسهيلات الممنوحة للمتعاملين المتأخرين عن سداد التزاماتهم تجاه المصارف العامة حتى غاية صدوره، ولمدة لا تتجاوز عشر سنوات، ما ترك ارتياحاً كبيراً لدى الأوساط التجارية والصناعية المتعاملة مع المصارف العامة.
على حين أن المصارف الخاصة العاملة في القطر قامت برفع سعر الفائدة على القروض والتسهيلات المصرفية الممنوحة للتجار والصناعيين حتى 16% خلافاً لما يقتضيه منطق الأمور وواقع الحال، ما أدى إلى تفاقم المشاكل التي تواجه التجار والصناعيون، ضمن الأوضاع الحالية التي تعيشها التجارة والصناعة، والتي يتعرض فيها التجار والصناعيون للخطف والسطو المسلح وسرقة بضائعهم وسياراتهم وأموالهم وتهديدهم بالقتل وإحراق مراكز عملهم، وعدم القدرة على تحصيل الديون، أيضاً انخفاض سعر صرف الليرة، والتي أدت إلى تكدس البضائع بسبب ضعف القدرة الشرائية وانعدامها ضمن بعض القطاعات، واقتصارها على الحاجات الأساسية فقط، الأمر الذي أدى بشكل حتمي إلى نقص حاد في السيولة، ما جعل تسديد تلك الاستحقاقات في وقتها المتفق عليه قبل الدخول في هذه الأزمة أمراً شبه مستحيل، حيث إن تسديد تلك القروض والاعتمادات يتم بالدولار أو باليورو، والأمر الذي زاد تعقيداً ترتيب فوائد كبيرة من المصارف الخاصة، وبإرادة منفردة، ما ضاعف قيمة القرض الأساسي بشكل غير مبرر وغير محق، ويتنافى مع مقتضيات مصلحة الاقتصاد الوطني، ولاسيما أن هذه المصارف سارعت إلى اتخاذ إجراءات قضائية لتحصيل هذه المبالغ غير المحقة وإلقاء الحجوزات على ممتلكات التجار والصناعيين مع كفلائهم بدلاً من التعاون معهم لتجاوز هذه الأزمة، مع العلم أن التعاملات المصرفية للتجار والصناعيين لم يتوقف عن السداد، إضافة إلى دفع رواتب موظفيهم.
وطالب الصناعيون في مذكرتهم من الحكومة ضرورة توجيه المصارف الخاصة (التقليدية والإسلامية) للقيام بمنحهم فترة سماح لا تقل عن ستة أشهر، وإعادة جدول القروض والتسهيلات الممنوحة للتجار والصناعيين والأفراد، والناتجة عن تسهيلات واعتمادات وحسابات جارية مدينة وحسم سندات وكفالات قروض وعقود مرابحة لتقسيط للسيارات والعقارات وغيرها، وإعفاء هذه الديون من غرامات وفوائد التأخير والعودة إلى الفائدة العقدية العادية بحدها الأدنى، وذلك عن المدة الأساسية فقط دون احتساب فوائد أو غرامات عن فترة الأزمة أو عن مدة الجدولة الناجمة عن مفاعيل الأزمة الحالية، والعمل ضرورة إيقاف تصنيف الديون المستحقة وغير المسددة بسبب الظروف الحالية لحين جلائها، كون التعثر في سدادها انحصرت أسبابه في الأوضاع الحالية ولا ذنب للتجار والصناعيين ولا يد لهم في هذا التقصير مطلقاً، وهذا ما قامت به المصارف المركزية في عدة دول أثناء الأزمات المالية والاقتصادية الناجمة عن ظروف قاهرة، وأكبر مثال على ذلك ما قام به المصرف المركزي في لبنان أثناء الأزمة، حيث ألزم المصارف العاملة في لبنان بمعالجة القروض الممنوحة لعملائها المتضررين وفق إطار مصرفي وقانوني عن طريق إعفاء العملاء المتضررين نتيجة التغيير في التدفقات النقدية لهم من غرامات التأخير في تسديد تلك القروض وفوائدها، وإعادة جدولة تلك القروض لفترة زمنية يحددها المصرف المركزي معفاة من الفوائد، والذي قام حينها بإيقاف العمل بتصنيفات الديون وما يتبعها من إجراءات، حماية للاقتصاد الوطني ولفرض التعاون المجدي ليتعافى الاقتصاد بأسرع وقت.
وأكد الصناعيين في مذكرتهم أنه في حال عدم الاستجابة سوف يضطر الكثير منا لإعلان إفلاسه بشكل قانوني وتوقفنا عن السداد نهائياً. وفي حال العكس سوف يتمكن التجار والصناعيين والمستثمرين والذين تضررت معاملهم أو تجارتهم أو تدفقاتهم المالية، من الاستمرار في النشاط الاقتصادي بما يضمن لهم الاستمرار في تسديد التزاماتهم المالية، وحماية عمالهم وموظفيهم، والحفاظ على الإنتاج، بما يدعم جهود الحكومة في تجاوز هذه الأزمة بأقرب وقت.