تهدف القرارات التي صدرت مؤخراً عن المصرف المركزي إلى الحد من المخاطر التشغيلية أو مخاطر الائتمان والسيولة والفوائض النقدية، وتهدف القرارات المتعلقة ببيع القطع الأجنبي إلى ضبط سعر الصرف في السوق غير النظامي، والمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة السورية، كما وضعت القرارات آليات تمويل المستوردات بالقطع الأجنبي.
هذا ما أكده الخبير المالي والمصرفي فادي الجليلاتي لـ«الوطن» حيث قال: «إن لهذه القرارات أثر إيجابي، ضامن لاستمرارية عمل المصارف بشكل سليم وممنهج، للمحافظة على سلامة القطاع المصرفي كله وذلك وفقاً للسياسة النقدية التي يتبعها المصرف المركزي».
ولفت الجليلاتي إلى أن القرارات الصادرة مؤخراً كانت حصيلة لدراسة مستفيضة وفقاً لواقع الحال، وتم بناؤها على المتغيرات والظروف في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلد، وبالتنسيق مع مديري المصارف، للاستفادة من مقترحاتهم من جانب كونهم العاملين فعلياً في الساحة وعلى دراية بكل معوقات العمل المصرفي، ومن ثم يمكن القول إن هذه القرارات صدرت وفقاً لنظام عمل مؤسساتي بين المصارف والجهة الوصائية المشرفة على عملها وهي مصرف سورية المركزي.
واستشهد الجليلاتي على سبيل المثال بالقرار المتعلق بتعديل تعليمات بيع القطع الأجنبي الذي أجاز بيع المواطن عن طريق المصارف وشركات الصرافة بواقع 1000 دولار بالسنة لغايات شخصية وبواقع 5000 دولار لغايات الادخار وأن هذا القرار كان له دور فاعل في التخفيف والحد إلى درجة كبيرة من تلاعب سماسرة القطع الأجنبي، وقد لاقى هذا القرار استجابة كبيرة، تمثلت في وجود طلب كبير على شراء القطع من المصارف من قبل الجمهور بناءً على هذا القرار.
وكشف الجليلاتي أنه ثمة تعليمات ستصدر قريباً تتعلق بإعادة النظر بالقرار رقم 597 المتعلق بتصنيف الديون وتكوين المخصصات حيث يهدف منها لتخفيف العبء على المقترضين من جهة ومنحهم مدداً زمنية أطول لسداد التزاماتهم كما أنه يخفّف العبء أيضاً على المصارف من جهة المخصصات ومن ثم يساهم في تخفيض النفقات وتحقيق نسبة أعلى من الأرباح لديها.
وأشار الجليلاتي إلى التعامل الموضوعي لمصرف سورية المركزي مع الأزمة -على حد تعبيره- بكل ظروفها واتباعه لسياسة نقدية مرنة تهدف بنهاية المطاف للمحافظة على القطاع المصرفي السوري، وإشرافه التام على عمل المصارف ومتابعة نتائج أعمالها ومراقبة أدائها بما فيه صنع القرارات العلاجية اللازمة لضمان استمرارية عملها ولاسيما في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
وأضاف الجليلاتي: إن المصارف بالمجمل اتبعت سياسة تحوطية، إن صح التعبير، لمواجهة تبعات الأزمة منذ بدايتها، وهناك فرق عمل متخصصة ذات خبرة في كل مصرف، تعمل على مدار الساعة، في إدارة العمل المصرفي في ظل هذه الأزمة، مؤكداً وجود خطوط حمراء لدى المصارف للمحافظة سواء على نسب السيولة بحدودها القانونية ووضع الضوابط والإجراءات اللازمة لعدم تجاوز نسبة الديون غير العاملة للنسب المسموح بها، بما في ذلك تكوين المخصصات اللازمة لمواجهة الديون غير العاملة أو المتوقع تعثرها.