علمت «الوطن» من مصادر أن الحكومة وافقت على رفع القيود التي كانت مفروضة على قروض المصرف العقاري، والسماح للمصرف بإعادة منح بعض هذه القروض خلال الفترة القصيرة القادمة بمعدل لا يزيد على سبعة إلى عشرة أيام.
وحسب المصادر فإن رئاسة مجلس الوزراء وافقت على السماح للمصرف العقاري بإعادة استئناف شريحتين من القروض هما قرض بطاقة الاعتماد المحلية SYRIA CARD والبالغ عشرة أمثال الراتب المقطوع بسقف 200 ألف ليرة سورية، لكل من موطن راتبه لدى المصرف العقاري إضافة إلى القرض الشخصي لشراء المسكن بسقف مقداره 1.5 مليون ليرة سورية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن المسألة باتت حالياً بين يدي مصرف سورية المركزي لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القوانين والأنظمة النافذة، وتبليغ المصرف العقاري باستئناف منح هذه القروض للزبائن والمتعاملين مع المصرف فور تبلغه بذلك.
ووفقاً للمصادر، فإن المبررات الفنية والاقتصادية التي قدمها المصرف العقاري خلال الشهر الماضي، لعبت دوراً حاسماً في إعادة الحكومة النظر بقرار وقف هذه القروض، لجهة الآثار السلبية التي بدأت تظهر في حجم الإيداعات والسيولة المتوافرة لدى المصرف، قياساً إلى شريحة زمنية سابقة يوم أوقفت القروض في كل المصارف السورية، حيث تدنت سيولة المصرف العقاري بعد الوقف الشامل، وقلّت الإيداعات بشكل جلي، على حين ارتفعت نسبة السيولة وازدادت الإيداعات بعد السماح للمصارف كافة باستئناف الإقراض، ليأتي القرار القاضي بوقف قروض العقاري كعبء إضافي على عاتق المصرف العقاري، ما شكل له تهديداً حقيقياً يوصله إلى حافة الهاوية في عمله، تأسيساً على العامل النفسي الذي يلعبه هذا القرار لدى الجمهور والمتعاملين مع المصرف في توجيه إيداعاتهم بجميع شرائحها إلى حساباتهم لدى المصرف، وهو ما حصل فعلاً حين سحب الكثير من الزبائن أموالهم من المصرف العقاري لاعتقادهم تردي حالته وهشاشة ملاءته المالية.
وتعليقاً على ما طرح خلال الفترة الماضية من أن المصرف العقاري وجد لأجل غايات محددة جلّها اجتماعي، ولكنه خلال السنوات الماضية حاد عن هذا المسار وجمَّد مليارات كثيرة جداً من سيولته في مشاريع استثمارية غير ذات جدوى اقتصادية، قالت المصادر إن هذا الأمر حصل فعلاً خلال السنوات الماضية، حين مول المصرف العقاري قروضاً ضخمة بمليارات الليرات السورية لمشاريع عديدة استثمارية وخدمية وإنتاجية وربما سياحية أيضاً، وقع بعضها في مطبات أفرزت ضعفاً في المردود وبالتالي عدم تحقق الجدوى الاقتصادية بشكل جزئي في بعضها وبشكل شبه كلي في بعضها الآخر، ولكن- تضيف المصادر- الفترة التي موَّل فيها المصرف العقاري هذه القروض كانت فترة تحوله وبقية المصارف العامة إلى مصارف شاملة، خروجاً من عباءة المصرف التخصصي الذي أصبح نادراً في كل القطاعات المصرفية حول العالم، ومع ذلك فإن وقف القروض لا يساهم إلا بنسبة قليلة جداً في الحفاظ على سيولة العقاري بالنظر إلى أن القروض التي أوقفت ذات مبالغ ضئيلة جداً، على حين أن آثارها السلبية كبيرة جداً على المصرف، إضافة إلى أن العقاري أوقف ومنذ حوالي 16 شهراً تمويل القروض الكبيرة سواء السكنية منها أو سواها.
وتشير المصادر إلى أن القروض التي أوقفت تعبر وبشكل حقيقي عن الوظيفة الاجتماعية الأساسية للمصرف لكونها موجهة إلى متوسطي ومحدودي الدخل، ومرغوبة بشدة منهم، على حين أن وقفها من شأنه إغلاق الباب أمام متنفس حقيقي لهذه الشريحة من المواطنين في تأمين مسكن متوسط، أو توفير المال اللازم لسد احتياجاتهم الحياتية غير المكلفة، مع الأخذ بالحسبان تدني نسبة المخاطرة في هذه القروض، وضمان استعادة المصرف لها بنسبة عالية، تبعاً لأن الراتب هو ضمان أولها، والمسكن نفسه هو ضمان ثانيها بشكل كامل.