بدأ موسم الشتاء فعلياً قبل بضعة أيام بموجة من البرد والأمطار التي تحمل الخير إلى محافظة حماة وريفها رافقه موجة من ارتفاع أسعار الخضراوات وبعض المواد الأساسية وانخفاض لأسعار مواد أخرى وفقدان بسيط جداً وبشكل جزئي في عدد من المناطق لمادة الدقيق الذي يتوقع المستهلكون أنها لعبة من تجّار الأزمات لاستغلالهم برفع السعر ليتوافق السعر الجديد مع نهمهم لإرضاء غريزة حب المال التي لا تروى لديهم بل يعشقون التلذذ بكثرتها ولو على حساب قوت الفقراء والمعدمين.
تصدّرت لوائح التسعير بحملها رقم /50/ كسعر شبه موحّد لعدة أنواع من الخضر من أهمها: البندورة، الباذنجان، الكوسا، الفاصولياء المبرومة، والكرّاث.. وكانت كما تقول السيدة أم ياسين من مدينة حماة: إنه قبل موجة البرد كانت بنصف السعر، حيث كانت البندورة تُباع بين 20-25 ليرة، ومثلها الباذنجان، واليوم تضاعف السعر، وأخبرني البائعون أن الفلاح لا يستطيع العمل في الأرض لأنها موحلة بسبب كثرة الأمطار فأنا لست مقتنعة لأن ربطة البقدونس لم يتغير سعرها وبقي ما بين ليرة واحدة وليرتين ونصف الليرة، ومعظم الحشائش كالبقلة والنعناع والجرجير والفجل والبصل الأخضر والسبانخ والخبيزة لم يتعد سعر الربطة الواحدة منها 5 ليرات، كما انخفض سعر الخس البلدي من 15 للكغ إلى حوالى 7 ليرات.
وأكدت الموظفة هناء أن الأسعار بالنسبة لمستلزمات الطبخ الخاصة بالاستهلاك اليومي مقبولة جداً مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، فالبطاطا تُباع ما بين 25 و35 ليرة، والزهرة بـ25 ليرة والملفوف بـ15 ليرة والشوندر الأحمر بـ30 ليرة، والكوسا بـ30 ليرة، والفليفلة 40 ليرة والسلق لم تتجاوز تسعيرته العشر ليرات.
أطلّت لوائح أغلبية أسعار الفواكه بتسعيرتها المفرحة للقلوب المتعبة والأيادي السمراء التي تغلب على أصحابها صفة الكادحين بشرف واعتزاز في هذا الوقت العصيب حيث لم تتعد تلك التسعيرات الـ25 ليرة لأغلب الحمضيات من البرتقال بأنواعه والكرمنتينا والكريفون واليوسفي والليمون كما قالت المعلمة شيرين، مشيرة إلى أن هذه الأنواع من الفواكه مناسبة جداً لجميع المواطنين في أسعارها وتشكل غذاء معقولاً للفقراء لأنني أشهد على أن بعض الأسر وبسبب أزمة الغاز والمازوت وانقطاع الكهرباء تحوّلت من الطبخ إلى تناول البرتقال مع الخبز في وجباتها الأساسية ولاسيما الأسر العفيفة أو التي لا معيل لها ولا تستطيع ركوب موجة البحث والركض خلف صفوف وأرتال المتزاحمين للفوز بتبديل أسطوانة غاز أو تعبئة ليترات من المازوت... الخ.
ونفض أبو سعيد عن كاهله بزفرة طويلة هماً ربما كان يؤرقه بقوله: كنا نتخوّف كثيراً من الظروف الصعبة التي نمرّ بها ومازال لدينا بعض من ذلك الخوف، لكن ما يطمئننا استقرار شبه كامل للوضع الاقتصادي لأن الفواكه التي كانت تخص الطبقة الراقية والمرتبة في المحلات كالأفوكادو والمنجا والكيوي متوافرة للجميع الآن بسعر يقلّ عن 125 ليرة للكغ والموز يتراوح سعره بين 75 إلى 60 ليرة والتفاح يُباع بين 25 ليرة تصاعداً حسب النوع والمظهر، والجزر ما بين 20-30 ليرة، ويمكن للمستهلك أن يختار ما يناسب دخله ومستواه المعيشي، فالأسعار المعروضة وسطية تقريباً، ويوجد الأغلى، ولكن الأنواع الأرخص أكثر توافراً وبكميات كبيرة.
في حديث لتشرين مع تاجر الألبان والأجبان أبو غالب قال: يوجد رفع جديد لأسعار المنتجات الحيوانية خلال الأسبوعين الماضيين بشكل عام، فقد ارتفع سعر الحليب البقري من 35 ليرة إلى 40 ليرة للكغ، وزاد سعر اللبن البقري من 45 ليرة إلى 55 ليرة، وظهرت بوادر إنتاج الشمندور حيث بدأ موسم توالد الأغنام و يُباع بسعر أدناه 175 ليرة، للكغ صعوداً حتى 250 ليرة، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار الأغنام الحية في أسواق بيع المواشي، حيث وصل سعر الكغ للخروف الحي إلى أكثر من 285 ليرة والنعجة قارب سعرها الـ20 ألف ليرة مع وليدها.
ويقول الحاج أبو معاذ: إن سعر الفروج الحي انخفض إلى 150 ليرة خلال الفترة الماضية، وعاد لينخفض مرة أخرى قبل أقل من أربعة أيام إلى 130 ليرة، وأتوقع أن يتابع الانخفاض لوفرة الإنتاج في المحافظة وصعوبة التصريف، لافتاً إلى تزايد ملحوظ في عدد باعة الأسماك الجوالين الذين يبيعون بأسعار تقلّ عن أسعار المحلات بحوالى 25 ليرة للكغ حيث الأسماك حالياً بأسعار مرتفعة، فقد وصل ثمن الكغ من سمك المشط إلى ما يزيد على 450 ليرة للحجم الكبير والكرب يُباع بحوالى 275 ليرة والسللور وصل سعره إلى 150 ليرة والقطاع سعره نحو 250 ليرة ويُباع الهامور المثلج بـ250 ليرة للنوع الثاني و300 ليرة للأول.
تكثر في مدينة سلمية أفران صناعة الخبز المشروح من دقيق القمح الكامل الذي يلقى رواجاً كبيراً في المنطقة وريفها والتي توقّف عدد كبير منها عن العمل خلال الأسبوع الماضي بحجة عدم توافر المازوت –كما قال العم اسماعيل- وفجأة عادت هذه الأفران إلى العمل بعد رفع سعر الرغيف من 12 ليرة إلى 15 ليرة، ويكون بذلك ارتفع خلال العام الحالي أربع مرات من 8 ليرات إلى 10 ليرات إلى 12 ليرة إلى سعر اليوم، وترافق رفع السعر مع غياب وفقدان شبه كلي في بعض مناطق المحافظة لمادة الدقيق المعدّ للبيع والذي كان يُباع بسعر 45 ليرة للكغ، وظهر لدى عدد من الباعة بسعر 56 ليرة بكميات قليلة أملاً برفع السعر أكثر، ونأمل من الجهات الرقابية في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حماة التنبه إلى هذا الأمر ومعالجته بسرعة ولاسيما مع ظهور تلاعب مفضوح في المتاجرة بالخبز التمويني بالتنسيق بين ضعاف النفوس في كوات البيع العامة وأصحاب الأفران الخاصة وتجّار الأزمات لتحقيق أرباح لن يشبعوا منها وتستنزف طاقة الفقراء وتمسّ لقمة عيشهم.
وختاماً نقول: أمل الصغار معقود على حسن وسرعة تصرّف الكبار بعدم تجاهل ما يتم طرحه عبر وسائل الإعلام أو بالإخبار المباشر لأن التقاعس في تحمل المسؤولية والاكتفاء بالجلوس خلف المكاتب المترفة والمكيفات يزيد من تفاقم الأزمات والحلول بسيطة والعقوبات الرادعة متوافرة حسب إجماع المطلعين والمهتمين من أصحاب الضمائر الحية وبرأيهم لا تحتاج المعالجة سوى إلى الشجاعة في اتخاذ القرار بعيداً عن الانطوائية والتخفي خلف النظارات السوداء في جو غائم.