بشكل ملحوظ تراجع وجود البضائع العربية من منشئها الصيني في دول الخليج، لصالح البضائع والمنتجات ذات المنشأ الحقيقي، وبات شحيحا طوفان السلع والمنتجات والبضائع التي كانت ترد إلينا من دول الخليج، بعد استيرادها من الصين ووضع لصاقة عليها تفيد بأنها من انتاج خليجي.
وفي الاتجاه الآخر نجد أن البضائع الصينية باتت أكثر وجودا في الأسواق السورية بل بأسعار أرخص، وجودة تفوق تلك التي كانت ترد إلينا من دول الخليج، وباتت مراكز البضائع الصينية منتشرة وبقوة في بعض أحياء دمشق ومناطقها، مما يفسح المجال واسعا للسؤال عن سبب عدم تنظيم استيراد هذه المواد من الصين بموجب اتفاقيات رسمية توقع بين الحكومتين؟
ولإيضاح الأمر فان الكثير من المواطنين بات يقصد مراكز البضائع الصينية، تبعا للتنوع الشديد الذي تؤمنه، من كل أنواع البضائع وفي مكان واحد، بدل أن يتجول المواطن بين مجموعة من الأسواق للحصول عليها، إضافة إلى الجودة فوق المتوسطة التي تتمتع بها هذه المنتجات، ما يؤمن للمواطن سلعته التي يريد بسعر مقبول بالنسبة إليه ولفترة غير قصيرة، بحيث يتمكن من إعادة تجديدها بعد فترة لأن المواطن وببساطة غير قادر على الأسعار المرتفعة، وبالتالي ما المانع من استيراد هذه السلع؟
مصادر مديرية الجمارك العامة وفي تصريح للثورة قالت أن الصين تعتبر من الشركاء التجاريين الرئيسيين بالنسبة إلى سورية استيرادا، حيث يستورد منها توليفة هائلة التنوع من السلع والبضائع التي تلقى رواجا شديدا في الأسواق السورية، وبالعودة قليلا إلى الوراء قبل الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على الشعب السوري، كان يلاحظ أن دول الخليج ولا سيما الإمارات المتحدة والمملكة السعودية، كانت تستورد السلع والبضائع من الصين، وتضيف إليها لصاقة أو تغلفها بالبلاستيك، لتتذرع بها في بيانها المتضمن أن هذه السلعة تحمل ما نسبته 40% من القيمة المضافة، وباتت تستحق الدخول إلى الأسواق السورية معفاة من كل الرسوم الجمركية، عملا بأحكام اتفاقية التجارة الحرة العربية، في حين لا تحمل هذه المنتجات (في الغالب ) أية قيمة مضافة من دول إعادة التصدير الخليجية، ولم يتم إدخال أية إضافات تصنيعية عليها، فتكون قد استجرت من الصين كميات كبيرة من السلع، واستفادت منها وباعتها في الأسواق السورية محققة ربحا لا بأس به.
وتضيف مصادر مديرية الجمارك العامة أن بالإمكان دراسة تأطير استيراد المواد من الصين، من خلال اتفاقيات تنظم العمل بهذه الصفقات، بحيث يكون من المعروف للشركات الصينية أن وجهة بضائعها هي سورية ومن يستجر إنتاجها هي سورية، وما يندرج وراء هذه المعرفة من المحافظة أكثر على العلاقة مع سورية إن لم يكن لشيء فللحفاظ على سوقها، وبالمقابل فان سورية تكون قد استفادت من الرسوم الجمركية المقررة على استيراد هذه المواد من قبل التجار والمستوردين، وحققت إيرادا صافيا للخزينة العامة للدولة من خلالها.
وبالتأسيس على هذه المعطيات، يمكن دراسة الاتفاق على إقامة بعض الشركات المنتجة الصينية مراكز تسويقية لها في سورية، بحيث تباع بضائع تلك الشركات تحت الاسم الصيني دون وسيط، وما تضمنه هذه العملية من ثقة المواطن وإقباله نظرا لانخفاض تكاليف الحلقات التجارية، وهامش ربحها الذي يضاف إلى ثمن السلعة مباشرة ويدفعه المواطن من جيبه مباشرة، في حين تكسر المراكز مباشرة البيع حلقة الوساطة التجارية هذه وتعفي المواطن من إضافات الربح.