تراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء بين 94-95 ل.س وقد اعتبر بعض المتابعين هذا السعر وهمي ولغايات المضاربة، وقالت مصادر مصرفية إن مصرف سورية المركزي نجح في تخفيض سعر صرف الدولار، بالنظر إلى أن تدخله في هذه المرة كان تدخلاً جدياً وفاعلاً أكثر مما كان في المرات السابقة، ولكن من جهة أخرى لم تكن الأسعار في السوق السوداء حقيقية، بل على العكس من ذلك، فهي أسعار مضاربة، وعمليات البيع والشراء كانت نادرة وشبه معدومة، لأن هذا السعر عبارة عن شائعات لتكريسه ورفعه لاحقاً.
المصادر استبعدت في حديثها لـ«الوطن» أن ينخفض الدولار في السوق السوداء إلى حدود 75-77 ليرة سورية كما توقع بعض المتابعين، وحتى إن انخفض سعر صرف الدولار إلى حدود 80 ليرة سورية، فسيكون انخفاضاً على مدى متوسط قد يصل لأشهر، وهي عملية غير ممكنة الحدوث خلال أيام أو أسابيع قليلة كما يعتقد البعض، بالنظر إلى أن انخفاضه بهذا المقدار متعلق بجملة من العوامل أحدها تدخل المركزي وآخرها العرض والطلب في السوق.
وعن مسألة التفريق بين تخفيض سعر صرف الدولار والحد من ارتفاعه، قالت المصادر المصرفية: إن الفارق بين العمليتين كبير، لأن التدخل الإيجابي لتحقيق التخفيض يتطلب ثلاثة أضعاف المبلغ اللازم للحد من ارتفاع سعره وتحقيق استقراره، ومن ثم تتطلب المرحلة الأولى من ضبط سعر الصرف الحد من ارتفاعه وتأمين تدخل بفرض سقف أعلى من الارتفاع، لأن التخفيض يتطلب أكثر من إجراء، كما يتطلب تدخلاً أقوى وبكميات أكبر من القطع، حيث يتطلب الحد من الارتفاعات، ربع ما يتطلبه تخفيض السعر في السوق السوداء.
وتؤكد المصادر المصرفية أن تخفيض السعر قد لا يكون مطلوباً في الفترة الحالية تبعاً للحالة النقدية والاقتصادية، بالنظر إلى أن التثبيت والاستقرار في السعر أهم، مشيرة في الوقت نفسه إلى تأييدها لفكرة التثبيت بدلاً من التخفيض، لأن تثبيت السعر بحد ذاته هو إنجاز يخلق استقراراً، وفي الوقت نفسه فإن التخفيض قد يخلق أضراراً اقتصادية تلحق بكثير من الجهات والفعاليات والقطاعات، فإذا استورد أحد التجار شحنة من البضائع وفقاً لسعر 98 ليرة سورية للدولار، وانخفض السعر إلى 75 ليرة، فستقع خسائر جمة على عاتقه لأنه سيكون ملزماً بالبيع وفقاً للسعر الجديد، والفارق بينهما 23 ليرة للدولار الواحد خسارة على عاتقه، ومن ثم يكون التثبيت أكثر جدوى حالياً من التخفيض، مع اعتبار التخفيض هدفاً آنياً وليس حالياً.