مع استمرار أزمة المازوت وارتفاع سعره وغياب الجهات المختصة عن ممارسة مهامها في قمع المخالفات ومنع التعدي على الغابات، فقد أصبحت مهنة التحطيب أسرع الطرق وأسهلها لتحقيق مرابح عالية وإن اختلفت الوسائل والطرق، فمن جرود صافيتا والدريكيش وما تشكله من غابات طبيعية وصولاً إلى غابات الشيخ بدر والقدموس مروراً بالأشجار بالطرق والأوتوسترادات وصولاً إلى تلك الأشجار الحراجية القليلة التي تنمو في الأراضي الزراعية وحتى بعض الأشجار المثمرة كلها أصبحت في مرمى تجار الأزمة وأعداء الطبيعة.
عدنان محي الدين مزارع ذهب صباحاً إلى أرضه المزروعة بالزيتون والتي يوجد بها بعض الأشجار الحراجية من سنديان وبلوط ليفاجأ باختفائها كلها في ليلة واحدة بينما لم يستطع هو وخلال عشرات السنين من قطعها بسبب عناصر الحراج، أما الآن فقطع الأشجار تجارة رابحة لا تحتاج إلى رأس مال باستثناء منشار وسيارة شحن وبعض الأولاد للتحميل، أما الزبائن فهم كثر، فغياب المازوت أدى لتحول الناس إلى استخدام مدافئ الحطب وبالتالي أصبح الحطب مطلوباً، وهناك تجار الفحم وهؤلاء يضعون مواصفات تبعاً لنوع الفحم والجميع يشتري دون السؤال عن المصدر، والغريب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني من 4000 ليرة لطن الحطب إلى 6000 ثم إلى 9000 وصولاً إلى 14000 ليرة حالياً، بينما وصل سعر طن الفحم الخاص بالشواء حجم كبير إلى 75000 ليرة بعدما كان سعره بين 35000 إلى 50000 ليرة في حين ارتفع فحم الأركيلة من 60000 ليرة إلى 125000 ليرة للطن الواحد وهذا طبعاً لأسعار الجملة... يقول أبو ابراهيم تاجر فحم: ارتفع سعر كيلو الفحم استخدام الشوي نوع أول من 40 ليرة إلى 50 ليرة ثم إلى 75 ليرة خلال شهر فقط بينما يباع سعر كيلو فحم الأركيلة أقلام بسعر 125 إلى 150 ليرة للكيلو وحسب جودته ويعود ارتفاع سعره إلى قلة العرض بسبب زيادة الطلب على الحطب وارتفاع سعره فطن حطب السنديان والبلوط تجاوز 12 ألف ليرة بينما كان سعره في أحسن الأحوال دون 4000 ليرة والمشكلة غياب آلية عمل منظمة وضمن شروط للذين يعملون بالتحطيب والتفحيم فالعشوائية تحكم العملية والتجاوزات على الحراج كبيرة جداً بينما يتساءل غسان ياسين عن فوضى في عملية البيع والتسعير وعن غياب الجهات الرقابية والاقتصادية فيما يتعلق بالكميات المسموح بتصديرها وخاصة إلى لبنان في هذه الظروف الصعبة وحاجة الناس لثروة بلادهم والمستفيد بنظره التجار وبعض المستفيدين من العملية.
في محافظة طرطوس وبحسب صحيفة " تشرين" لا توجد مناطق خارج سيطرة الدولة والحمد لله ولا يوجد أي عمليات عسكرية ولا حتى اضطرابات عادية ولم يسجل حوادث اعتداء على أي موظف حكومي يقوم بواجبه، وفي وقت ليس ببعيد كان مراقب الحراج يعلم بحركة القشة الصغيرة في منطقة عمله بينما يختفي جزء من غابة دون تحريك ساكن... في طرطوس الطبيعة جذابة والمحافظة عبارة عن غابة كبيرة فكيف نسكت عن تدميرها؟
ولا نعرف لماذا لا تقوم وزارة الزراعة مديرية - زراعة طرطوس بتشديد إجراءاتها التي كلفت بها من خلال قانون الحراج القاسي لمنع التعدي على الغابات وعلى الأشجار الحراجية، أما كان من الأجدى حماية الغابات الموجودة بدلاً من تشجير أخرى بمناسبة عيد الشجرة، ولماذا لم توافق على بيع حطبها للمواطنين لمساعدتهم في أزمتهم بدلاً من تركهم يعتدون على الأشجار الحراجية والمثمرة طلباً للدفء أو تركهم يشترونها من لصوص الغابات بأسعار مرتفعة؟ بينما تبيعه لمتعهدين وبسعر بخس لا يتجاوز 2000 ليرة للطن والحجة عدم موافقة الوزارة على مقترح البيع المباشر للمواطنين، وربما مديرية زراعة طرطوس لا تريد الدخول في متاهة البيع المباشر للأفراد، من جهتهم يضم العاملون في الزراعة صوتهم لأصوات المطالبين ببيعهم حطب مديريتهم من باب أهل البيت أولى بالبيع في هذه الظروف الصعبة، من جانب آخر يتحدث متابعون عن زيادة كبيرة في كميات الحطب المصدرة إلى لبنان، اضطر وزارة الاقتصاد لإصدار قرار بمنع تصدير الحطب ولو جاء متأخراً علماً بأننا لم نوفق في لقاء رئيس دائرة الحراج في طرطوس بسبب وجوده غالباً في مهمات خارج مقر عمله.