كشفت مصادر " وزارة الاتصالات والتقانة " عن أن أرقاماً نشرها نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الدكتور قدري جميل في سياق تناوله لأرباح وعائدات قطاع الاتصالات النقالة، تنطوي على مبالغة كبيرة، ولم تأخذ في الاعتبار النمو التدريجي لهذا القطاع خلال السنوات العشر الماضية، ناهيك عن تجاهلها عائدات الخزينة من هذه الإيرادات والتي تبلغ حالياً أكثر من 50% وذلك وفق ما تنص عليه العقود الموقعة بين المؤسسة العامة للاتصالات والشركتين المشغلتين.
مصدر الوزارة الذي فضل تسميته بـ«المختص» قال لـ«الوطن»: إن ما ورد في إحدى الدوريات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي على لسان النائب الاقتصادي قبل أيام وتناول خلاله قضية تأميم شركات الخلوي، لا يمكن أن يكون حلاً لزيادة الكفاءة الاقتصادية في هذا القطاع، وتوفير الخدمة للمواطنين بأفضل الأسعار وبجودة عالية، وهو يخالف التوجه الذي تمّ اعتماده في قانون الاتصالات، والذي يتضمن التوجه نحو تنظيم القطاع بحيث يؤدي إلى زيادة التنافسية فيه، بما ينعكس في تحسين واقع الخدمة من حيث انخفاض الأسعار وزيادة عدد المشتركين، حيث تؤكد الدراسات الاقتصادية العالمية أنه ينعكس في النهاية في زيادة الناتج المحلي الإجمالية وفي حفز عملية التنمية الاقتصادية في الدولة؛ وعلى العكس من ذلك، فإن التأميم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدني جودة الخدمة وتراجعها، كما أنه سيؤدي إلى عقبات جدية أمام خفض الأسعار بسبب استحالة إدخال منافسين جدد إلى هذا القطاع.
وأشار المصدر إلى أن البيانات المالية لقطاع الخليوي معلنة في سياق الإفصاحات الدورية التي تصدرها الشركات المشغلة كما المؤسسة العامة للاتصالات ويمكن العودة إليها للوقوف عليها بدقة أفضل.
وكان النائب الاقتصادي قال قبل أيام: «يشكل قطاع الاتصالات أحد القطاعات الاقتصادية السيادية نظراً لريعيته العالية وتكاليفه المنخفضة وأهميته الأمنية والعسكرية، ويمكن لهذا القطاع أن يكون احتياطاً مهماً لاقتصادات البلدان في مراحل أزماتها الاقتصادية، فعلى سبيل المثال، تصل الأرباح المعلنة لشركتي الخلوي في سورية إلى 16 مليار ليرة سورية سنوياً، على حين تبلغ الإيرادات السنوية لهما 80 مليار ليرة سورية، فإذا حسبنا أرباح عشر سنوات مضت لكان الناتج هو أرباح تزيد على 150 ملياراً، وإيرادات تصل إلى 600 مليار ليرة سورية.
في ظل هذه الأرقام، وفي ظل ظرف هو ظرف أزمة شاملة سياسية واقتصادية اجتماعية تحتاج إلى موارد باستمرار كي تسمح بتجاوزها، هنا يصبح تأميم شركات الخليوي وإعادة أرباحها ومواردها إلى الدولة ضرورة ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية أيضاً».
وأضاف مصدر الاتصالات المختص: إن التوجه العالمي حالياً في مختلف قطاعات البنية التحتية والخدمات يتمحور حول أن الخدمات تشكل العجلة التي تسير عليها عملية التنمية الاقتصادية في الدولة وفي القطاعات الاقتصادية المختلفة، فالمهم هو ما تقدمه هذه البنية التحتية للتنمية الاقتصادية وليس ما تجنيه من المواطنين من أسعار، ولو ذهبت هذه الأموال إلى الخزينة العامة للدولة، فهي في النهاية مبالغ تتحول من المواطنين إلى الخزينة العامة للدولة، ومن ثم فهي أموال تتحرك ضمن الاقتصاد، وما ينبغي أن يُهتّم به هو زيادة كفاءة الإنفاق والاستثمار في القطاعات المختلفة للبنية التحتية.
وأوضح المصدر أن هذا التوجه العالمي يصبح في منتهى الوضوح والشمول في خدمات الاتصالات النقالة، حيث إن التجارب العالمية تؤكد أن أغلب دول العالم بما فيها الدول ذات التوجهات الاقتصادية الاشتراكية، حسمت خياراتها في هذا الصدد، وتقوم بتنظيم هذا القطاع وفق أسس التنظيم التي أخذت بها وزارة الاتصالات والتقانة في سورية، وأن الحديث عن التأميم في هذا القطاع يخالف التوجهات الاقتصادية لهذا القطاع في معظم دول العالم إن لم تكن جميعها.