أكد تقرير صدر مؤخراً أنه لم ينقلب العجز في "الميزان التجاري بين لبنان وسوريا " إلى فائض لمصلحة لبنان، سوى مرتين بين أعوام 1993 و2012: الأولى في العام 2007، إذ بلغ ثلاثة ملايين و400 ألف دولار، وفي العام 2012، بعدما بلغ ـ وللمرة الأولى في تاريخه ـ 28 مليونا و100 ألف دولار. وعدا ذلك، كان الميزان التجاري بين البلدين يسجل عجزا مستمرا لمصلحة سوريا، يتراوح بين مليونين و300 ألف دولار حدًّا أدنى كما هو الحال في العام 2006، و292 مليونا و700 ألف دولار حدًّا أقصى كما في العام 2001.
وتشيرالاحصاءات الرسمية حول التبادل التجاري بين البلدين في العام 2012، زيادة قيمة الصادرات اللبنانية إلى سوريا 79 مليونا و500 ألف دولار، أي بارتفاع نسبته 37 في المئة (من 214 مليونا و800 ألف دولار في العام 2011 إلى 294 مليونا و300 ألف دولار في العام 2012)، وتراجعا بقيمة المستوردات منها 43 مليونا و900 ألف دولار، أي بانخفاض نسبته 14,2 في المئة (من 310 ملايين و100 ألف دولار في العام 2011 إلى 266 مليونا و200 ألف دولار في العام 2012).
الترانزيت يتراجع 69% والاسمنت يزيد 92%
ووفقاً للتقرير الصادر «مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان» والذي حصل موقع "B2B"، تراجع الصادرات اللبنانية عبر المعابر البرية بنسبة 6,7 في المئة، والمستوردات بنسبة 23,6 في المئة، وقيمة حركة الترانزيت بنسبة 69,7 في المئة، بيد أنه كان لافتا للانتباه ارتفاع قيمة صادرات الطحين إلى سوريا من مليون و300 ألف دولار في العام 2011 (3401 طن) إلى سبعة ملايين و200 ألف دولار في العام 2012 (17435 طنا) أي ما نسبته 453,84 في المئة، كذلك ارتفعت قيمة صادرات المشتقات النفطية من 144 ألف دولار في العام 2011 (266 طنا) إلى 61 مليونا و200 ألف دولار (58182 طنا) في العام الماضي، أي زادت حوالي 425 ضعفا (ما نسبته 42380,55 في المئة)، وما نسبته 21 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى سوريا. ويسجل في هذا السياق، ارتفاع صادرات الاسمنت 92,2 في المئة.
ويظهر التقرير السنوي الصادر عن «مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان» والذي حصل موقع "B2B" على نسخة منه ، أن سوريا «احتلت المرتبة الخامسة على لائحة أهم أسواق الصادرات اللبنانية في العام 2012، واستأثرت بنسبة 6,6 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية. وهي كانت في المرتبة السادسة في العام 2011 واستأثرت بنسبة 5 في المئة من الصادرات. ويشير إلى أن سوريا «انحدرت إلى المرتبة 24 على لائحة أهم مصادر الاستيراد اللبناني في العام 2012، واستأثرت بنسبة 1,3 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية. وهي كانت في المرتبة 19 في العام 2011 واستأثرت بنسبة 1,5 في المئة من إجمالي المستوردات».
ويبرز التقرير التأثيرات الاقتصادية للأزمة السورية سلباً وإيجاباً على الاقتصاد اللبناني منذ مطلع العام الماضي، فمن الناحية السلبية أحجم المستثمرون عن القرارات الاستثمارية المهمة بانتظار جلاء الأوضاع السياسية في سوريا، من دون نسيان التراجع الحاد في الحركة السياحية عبر البر.
لكن اشتداد الأحداث الأمنية في سوريا، وما نتج منها من تراجع الانتاج في معظم القطاعات الاقتصادية فيها، أدى إلى ارتفاع الطلب على المنتجات اللبنانية، ومقابل ارتفاع أسعار معظم المواد الغذائية في سوريا نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليها، اندفع التجار السوريون إلى الاستيراد عبر لبنان. كما وجد عدد من المستثمرين والمواطنين السوريين ملاذاً في لبنان، وهذا ما شكل دفعاً لسوق العقارات.
وعلى صعيد المستوردات اللبنانية من سوريا في العام 2012، حافظت مستوردات الاسمنت على قيمتها تقريباً، في ما انخفضت مستوردات البلاستيك بنسبة 21 في المئة، والحديد بنسبة 19 في المئة، والصابون ومحضرات الغسيل بنسبة 13,1 في المئة.
الصادرات الزراعية تنخفض 5,24%
أما ما يتعلق بالتبادل التجاري الزراعي بين البلدين، فانخفضت الصادرات الزراعية إلى سوريا في العام 2012، بنسبة 5,24 في المئة من حيث القيمة و15,7 في المئة من حيث الوزن، إذ بلغت قيمة المنتجات الزراعية التي صدّرها لبنان حوالي 31 مليونا و80 ألف دولار (10 في المئة من اجمالي الصادرات اللبنانية إلى سوريا)، مقارنة مع 32 مليونا و799 ألف دولار في العام 2011، ومن أسباب ذلك تراجع صادرات الفواكه والحمضيات بنسبة 20,5 في المئة، ومحضرات الخضار والفواكه بنسبة 9,8 في المئة.
وعلى الرغم من انخفاض مستوردات الألبان والبيض بنسبة 46,5 في المئة، سجلت المستوردات الزراعية من سوريا في العام 2012، ارتفاعا بنسبة 19,2 في المئة من حيث القيمة، و32,7 في المئة من حيث الوزن، إذ استورد لبنان منتجات زراعية من سوريا قيمتها 43 مليونا و347 ألف دولار، (15 في المئة من اجمالي المستوردات اللبنانية من سوريا)، مقارنة مع 36 مليونا و366 ألف دولار في العام 2011، ومن أسباب ذلك ارتفاع مستوردات الخضار 25 في المئة.
ارتفاع أسعار الشحن وبوليصة التأمين
وإذ يشير التقرير إلى أن تراجع حركة التبادل التجاري اللبناني عبر النقل البري، بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها سوريا، يلحظ أن «هذه الاضطرابات أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، وأسعار بوليصة التأمين بشكل كبير ولافت للانتباه، وتالياً تراجعت حركة الشاحنات إلى حوالي النصف».
ورفعت الكلفة الإضافية على أسعار الشحن وعلى بوليصة التأمين مثلاً، كلفة الشاحنة المحمًلة بالبضائع من لبنان إلى السعودية حوالي 50 في المئة، ما حدا بالمصدّرين إلى البحث عن بدائل للمعابر البرية. وفي دراسة لإحدى شركات النقل البحري، تبين بنتيجتها أن اعتماد السفن التي باستطاعتها حمل الشاحنات على متنها لنقلها بحراً من لبنان إلى أقرب نقطة في الخليج، ومن ثم إلى المقصد النهائي للشاحنة، هي من أكثر الخيارات توفيراً، ما يرفع من كلفة الشاحنة حوالي 11 في المئة فقط.