أوضح المستشار الفني في "اتحاد الغرف الزراعية السورية" عبد الرحمن قرنفلة، أن التنمية الزراعية تحتاج لنص تشريعي يحدد أولوية الزراعة في بنية الاقتصاد السوري، ويضع إستراتيجية قابلة للتطوير واضحة المعالم للنهوض بالقطاع الزراعي تكون ملزمة لراسمي السياسات الاقتصادية ولصانعي القرار.
مشيراً إلى أن التجارب التي مر بها الاقتصاد السوري عبر الحقبة الزمنية الماضية أثبتت أن حرف بوصلة هذا الاقتصاد عن الأولوية الزراعية لم يأت بنتائج ملبية لطموحات البلاد، فالاقتصاد السوري يعتمد إلى حد كبير على القطاع الزراعي حيث أن الزراعة تؤمن نسبة كبيرة من التوظيف لليد العاملة.
كما نوه إلى أن القطاع الزراعي يعمل فيه حوالي 724012 عاملاً وعاملة تكافئ 14.32٪ من إجمالي القوة العاملة بالبلاد كما يعمل نسبة كبيرة من القوى العاملة السورية في قطاع التصنيع الزراعي "صناعات غذائية ونسيجية" والذي يلعب دوراً حاسماً في نقل الحوافز السعرية إلى المزارعين وهو يعتمد على المنتجات الزراعية في تشغيله الحبوب، الزيوت، السكر، الألبان، الأقطان والصوف والجلود، ويعيش أكثر من 9.827 ملايين من السكان في المناطق الريفية ومعظم الصادرات السورية ذات أساس زراعي ونسبة كبيرة مما يصنع في البلاد يعتمد على التصنيع الزراعي حيث تعتبر الزراعة مصدراً وحيداً للمواد الأولية لهذا القطاع وهناك جزء كبير من التجارة يعتمد على الزراعة ويرتبط الكثير من الخدمات بالإنتاج الزراعي.
وأكد قرنفلة وفق صحيفة "الثورة" الحكومية، انه من الثابت أن لتطوير قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء أثراً هاماً في خلق فرص العمل وتخفيض نسبة الفقر في البلاد والنهوض بالاقتصاد الوطني، وتحويله إلى اقتصاد حركي مولد للنمو وصاعد في الارتقاء، لذلك مطلوب التركيز على دعم التوجه نحو إعطاء الأولوية في توظيف الاستثمارات في القطاع الزراعي وتحسين فعاليتها، لأن الاستثمار في الزراعة هو احد أكثر الاستراتيجيات فعالية لمكافحة البطالة ويزيد من توافر الأغذية في الأسواق ويحافظ على أسعار منخفضة للمستهلكين، مما يجعل الأغذية في متناول الجميع وعندما تكون الأغذية الأساسية رخيصة نسبيا تمكن المستهلكين من تحسين وجباتهم الغذائية بمجموعة أكثر تنوعا من الأغذية كالخضار والفاكهة والبيض والحليب، ويجب أن يكون المزارعون محور أي إستراتيجية لزيادة الاستثمارات في الزراعة كونهم اكبر المستثمرين في هذا القطاع.
وأضاف قرنفلة أن المطلوب وضع السياسات والتشريعات المناسبة ليكون القطاع الزراعي موقع جذب للاستثمارات المحلية والعربية الأجنبية، لتستفيد من المقومات الكبيرة التي يتيحها القطاع الزراعي السوري في مجال تحقيق عوائد نقدية مجزية على تلك الاستثمارات، حيث أن دور الإدارة الاقتصادية الحكومية العمل على التأثير في قرارات المستثمرين وتوجيههم إلى القطاع الزراعي كونه يخلق شروط التنمية الذاتية وبالاعتماد أساساً على الداخل، ويجب على الحكومة أيضاً مساعدة أصحاب الحيازات الصغيرة على تذليل المعوقات التي يواجهونها في توسيع أصولهم الإنتاجية، من خلال توفير حوافز اقتصادية تمكينية وخلق مناخ مؤات للاستثمار الزراعي الواسع لا سيما وان الاستثمارات الواسعة النطاق في قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء مفيدة اجتماعياً واقتصادياً ومستدامة بيئياً ويمكن للاستثمار الواسع أن يقدم فرصاً لزيادة الإنتاج وزيادة المكاسب التي يحصل عليها المصدرون، وتوليد فرص عمالة وتشجيع نقل التكنولوجيا، كذلك يتعين الاهتمام بالاستثمار الحكومي في قطاع الزراعة كونه يشكل عامل حاسم لتوفير بيئة مناسبة للاستثمارات الخاصة في هذا المجال.
كما السيد قرنفلة إلى أن الثوابت الجغرافية والتاريخية والمعطيات البيئية والمناخية والحقائق الديموغرافية والموروث الثقافي للنسيج السكاني السوري تؤكد الهوية الزراعية للاقتصاد السوري، ففي سورية نشأت أول المستوطنات الزراعية البشرية التي أثبتت التحريات المعتمدة على الكربون المشع C14 أنها تعود إلى 7790 سنة قبل الميلاد وفي سورية تمت صناعة المنجل الأول بالعالم وتم تطوير صناعة الأدوات الزراعية المختلفة، كما تم تطوير طرق للري منذ 750٠ سنة قبل الميلاد وتدجين الحيوانات قبل الألف التاسع قبل الميلاد وأي خروج عن هذه الحقائق يأتي بنتائج غير مستقرة للاقتصاد الوطني.