كشفت مصادر بموانئ فرنسية ,يوم الخميس, إن "شركة تجارية تعتزم بيع شحنة من القمح الفرنسي إلى سوريا لأول مرة منذ عامين, حيث يبلغ قوامها 32 ألف طن وتقدر قيمتها الإجمالية بنحو 12 مليون دولار على الأقل", مشيرين إلى أن "عملية البيع ستتم من خلال الوسطاء في لبنان".
وذكرت وكالة (رويترز) إن بيانات ملاحية أظهرت أن سفينة تدعى "محي الدين" ستصل إلى نانت يوم الخميس لتحميل 32 ألف طن من القمح قبل أن تتجه إلى مونتوار لتحميل تسعة آلاف طن أخرى اعتبارا من 19 آذار", مشيرةً إلى أن "السفينة كانت قد توقفت بميناء طرطوس السوري للبضائع في أواخر شباط الماضي".
ويظهر اسم شركة الحبوب الفرنسية "سوفليه" في الوثائق على أنها شركة تصدير الشحنة, لكن مصادر ملاحية قالت إنها "تورد القمح بنظام التسليم على ظهر السفينة إلى تاجر بالشرق الأوسط لديه عقود لتسليم الحبوب إلى سوريا", في حين امتنعت "سوفليه" عن التعليق.
وقال تجار إن "سوفليه" ما كانت لتدخل في صفقة التصدير ما لم تكن واثقة في قدرة الشركة الموردة لسوريا على الدفع", فيما أشار تاجر دولي في السلع الأولية أن "هذا نشاط يدر هامش أرباح مرتفعا ولن تبحر السفينة حتى يتم الدفع."
وأردف تاجر فرنسي متخصص في التصدير "المهم هو الارتياح للشركة التي تسعى للحصول على القمح, لكن بالنسبة لسوريا فإن البائع بنظام التسليم على ظهر السفينة لا علاقة له بهم."
وأوضح تجار إن الصعوبات في تمويل المشتريات الناجمة عن العقوبات المصرفية أدت إلى قيام وسطاء من الشرق الأوسط بترتيب الصفقات في ظل إحجام كثير من الشركات العالمية.
وقالت المصادر التجارية "لا أحد يريد التعرض لمتاعب التسليم مباشرة إلى سوريا هذه الأيام, لذا فإن العمل عبر لبنان وسيلة أيسر للتجارة يتأكد البائع أيضا من أن السفينة المستخدمة إما لبنانية أو سورية", مشيرةً إلى أن "وسطاء في لبنان يديرون بشكل متزايد تجارة سوريا إذ تصل الشحنات إلى لبنان قبل أن تشحن في سفن أخرى أو بالشاحنات عبر الحدود إلى سوريا".
وفي السياق نفسه, قال تاجر شرق أوسطي في السلع الأولية له أنشطة في السوق السورية انه "نظرا للعقوبات المصرفية فإن سوريا عليها أن تستخدم شبكة من الشركات في لبنان للحصول على احتياجاتها, لكن الأموال سورية والمشترين النهائيين سوريون."
وانسحب كثير من ملاك السفن على مستوى العالم من الأنشطة التجارية مع سورية نظراً لتنامي المخاطر ومن بينها سلامة السفن.
ولا تزال سورية على قائمة المناطق عالية المخاطر من قبل سوق التأمين على النقل البحري في لندن، وهو ما يزيد على الأرجح التكلفة الإجمالية للشحن.
وتستورد سورية، التي تنتج 20 صنفاً من القمح، القمح الطري، الذي يدخل في عدد من الصناعات الغذائية، لتعزيز مخزونها من القمح، كما تصدر الفائض من إنتاجها من القمح القاسي وهو بجودة عالية مرغوبة عالمياً، لتستفيد من فارق السعر بين نوعي القمح المذكورين، حيث السعر الأعلى للقاسي, وكانت الحكومة السورية أكدت أنها غير قلقة على وضع القمح لديها ولا يوجد أي نية للاستيراد وخاصة في ظل وجود مخزون إستراتيجي يكفي لأكثر من عام قادم.
وفرضت عدة دول غربية وعربية, سلسلة عقوبات على سورية, على خلفية الأحداث التي تشهدها سورية, شملت عدة مجالات, ويعتبر القمح من المواد المستثنية من العقوبات التجارية.
وتأثر الاقتصاد السوري في الآونة الأخيرة جراء الأزمة في البلاد، إضافة إلى معاناة المواطنين من نقص احتياجات أساسية من خبز وغاز وماوزت، وسط وعود حكومية بتوفيرها، عقب أزمات متفاقمة واختناقات للحصول على هذه المواد، إضافة إلى ارتفاع الأسعار جراء انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار، وعقوبات اقتصادية على الحكومة السورية.
وفي فبراير قال مسؤولون سوريون لـ"رويترز": "إن احتياطيات القمح تبلغ نحو ثلاثة ملايين طن وهو ما يكفي احتياجات البلاد لمدة عام تقريباً، مدعومة بمحصول العام الماضي الذي بلغ 2.3 مليون طن، إضافة إلى حوالي 700 ألف طن معظمها من أوكرانيا والبحر الأسود تم شراؤها في العام حتى يناير كانون الثاني".
لكن تجارا دوليين شككوا في تلك الأرقام مشيرين إلى الاضطرابات والصعوبات التجارية.
وبحسب موقع "swissinfo.ch" الالكتروني، طرحت سورية بانتظام مناقصات لشراء القمح في الأشهر القليلة الماضية، إلا أن المصادر التجارية قالت إن عدد الشحنات التي تم تسليمها غير معروف.
ويرى تجار فرنسيون الشحنة الجديدة باعتبارها تحركاً لاستغلال فرصة سانحة لتغطية المبيعات إلى سورية بعد هبوط الإمدادات المتاحة للتصدير في دول البحر الأسود مثلها في ذلك مثل شحنة أخرى من الشعير الفرنسي بيعت إلى سورية في أوائل يناير كانون الثاني هي أيضاً الأولى منذ مايو أيار عام 2011.