يتطلب وضع صيدا الاقتصادي والتجاري مبادرة جدية، لضمان إنقاذ المدينة من الشرور المستطيرة التي قد تهب في أية لحظة، يتوافق عليها كل فعالياتها السياسية والاقتصادية والتجارية والروحية من أجل ضمانة نجاحها.
وتلحظ مصادر اقتصادية في صيدا أن "عاصمة الجنوب تمر بظروف غاية في الصعوبة على الصعد الأمنية والاقتصادية كافة، حتى بات انقاذ المدينة واعادة الحياة إلى عروقها، يحتاج عملية جراحية لاستئصال ما أصابها من أورام مرضية بدأت منذ نحو سنتين، إلا أنها استفحلت خلال هذه الفترة".
وتبدي المصادر عبر "السفير" خشيتها من أن يؤدي ما كان يحصل في صيدا من قطع للطرق واعتصامات وخطابات نارية إلى فقدان المدينة دورها الجامع بعدما انتقصت كل هذه التحركات من وظيفتها الريادية في محيطها، وتراجع اقتصادها بنسبة تصل إلى ما بين 70 إلى 75 في المئة، وبات أصحاب الرساميل والودائع الموجودة في مصارف صيدا يطالبون بنقلها إلى فروع خارج المدينة"، مشيرة إلى أنه "كل يوم هناك أحاديث عن افلاسات، وعن مؤسسات أقفلت أبوابها وشردت العاملين فيها، وحتى حركة الجنوبيين وأبناء شرق صيدا وإقليم الخروب الذين كانوا يقصدون المدينة يومياً للتبضع تراجعت بنسبة تتجاوز 60 في المئة، حتى أصبحت أسواق صيدا في حال شبه دائمة من منع التجول، ومستشفيات صيدا التي كانت تعج بالمرضى الوافدين من الجنوب، ومن جزين وشرق صيدا واقليم الخروب تقلص عملها وفقاً لمصادرها بين 25 إلى 30 في المئة.
وشكل الاقفال الجزئي الأخير، للمؤسسات التجارية والاقتصادية الذي نفذه التجّار في شارع رياض الصلح، أهم شريان حيوي في المدينة، إنذاراً حاسماً للقوى والفعاليات السياسية والدينية والبلدية والاقتصادية بضرورة العمل جدياً وسريعاً لوقف النزيف الممنهج الذي تتعرض له المدينة باقتصادها وتجارتها، وصولاً إلى انهاء دورها ووظيفتها في محيطها كعاصمة للجنوب ومحطة لجزء من إقليم الخروب وشرق صيدا وصولا إلى جزين.
"خسائرنا لا تحصى"
وجاء الإقفال الجزئي احتجاجا لما آلت إليه أوضاع التجار وأصحاب المؤسسات التجارية والاقتصادية في المدنية، حيث يؤكد نبيل مكاوي (صاحب استديو للتصوير) لـ"السفير" أن "خسائرنا لا تحصى ولا تعد بسبب الوضع الأمني والحركات الاحتجاجية والاعتصامات التي كانت قد شهدتها صيدا والتي أثرت سلبا على مجمل العجلة الاقتصادية في المدينة، وعلى حركتنا التي تراجعت بشكل دراماتيكي"، لافتا الانتباه إلى أن "الاقفال يعدّ جرس انذار للجميع"، موضحا أن "هذا الاقفال سببه الوجع الذي نعاني منه، ونحن علينا التزامات مالية وفي رقبتنا عائلات وموظفون ولا نريد أن نلقي أحدا في الشارع".
رسالة إلى المعنيين
ويوضح التاجر محمد عباس (صاحب مؤسسة لبيع النظارات) لـ"السفير" أن "الاقفال كان جزئيا وبدأ الساعة الواحدة والنصف ظهرا، واستمر لنحو نصف ساعة، وهو تحرك رمزي ومحدود، وغير مسيس، وبمثابة رسالة إلى المعنيين في المدينة بان الوضع لم يعد يطاق"، مشيرا إلى أن "هذه الحركة الاحتجاجية ستتكرر في أية لحظة في حال عدم معالجة الأسباب التي دفعتنا لهذا التحرك".
ويؤكد صاحب محل صيرفة أن "حركة الصيرفة تراجعت في صيدا بنسبة تفوق 55 في المئة هذه الأيام، ونحن نعمل مع المصارف ومع المواطنين والمودعين في الوقت نفسه بما فيها تبادل الشيكات، وانه إذا تراجعت الحركة لدينا فانها حتما ستتراجع في كل ما هو متعلق بالشأن النقدي في المدينة".
المرور في عبرا
وكما في صيدا كذلك في عبرا (شرق صيدا) فان ما شهدته البلدة من اعتصامات ومسيرات خلال الفترة السابقة أدى إلى تقلص دورها التجاري الواعد بخاصة أن الشارع العام المؤدي إلى جزين يمر وسط البلدة إلا ان ما يحصل فيها من حراك له طابع سياسي ومذهبي أدى إلى تقلص دورها وحتى ان عددا من المواطنين من شرق صيدا أو من المدينة عموما باتوا يفضلون عدم المرور في شوارع البلدة.
ويلفت عدد من السكان الانتباه إلى أن "مشاهد اللافتات المعلقة على أبواب المحلات أو مداخل البنايات التي تشير إلى "المحل للبيع أو للإيجار" أو "توجد شقة للبيع"، باتت كثيرة ومألوفة في أحياء البلدة وحتى ان مركزا تجاريا ضخما في البلدة لم يسلم من الشائعات التي أشارت إلى انه معروض للبيع".