مع استمرار الازمة السورية التي ترجمت اقفالا للمعابر البرية من سوريا في اتجاه الاسواق العربية، لم يعد امام حركة نقل البضائع الا اعتماد النقل البحري، مما اعاد النشاط الى مرفأ طرابلس باتجاه ميناء العقبة في الاردن وبور سعيد في مصر وضباء في السعودية. وكذلك أعاد مرفأ بيروت الى "عهده الذهبي" الذي أصبح يغرد خارج سرب مختلف القطاعات الاقتصادية التي تأثرت سلبا نتيجة الاوضاع في سوريا.
قبل اندلاع الحوادث في سوريا، كان عدد الشاحنات التي تمر يوميا من لبنان عبر سوريا يقارب الـ400، لكنه انخفض حالياً الى ما نسبته 10% "إن لم نقل أقل"، وفق ما أكد نقيب اصحاب الشاحنات شفيق القسيس لـ "النهار". لذا، لم يعد امام هذه الشاحنات الا طريق البحر رغم أنه يكلف أكثر بنحو 500 دولار للشاحنة، مشيرا الى نحو 25% من الشاحنات اعتمدت طريق البحر.
ورغم ان احصاءات الخسائر غير متوافرة حتى الآن، إلاّ ان القسيس أشار الى انها تناهز الـ 5 ملايين دولار، عدا عن البضائع التي تلفت من جراء تعرضها للشمس.
ولتدارك توقف النقل البري عبر سوريا، تمّ اطلاق خطين بحريين لنقل الشاحنات المحملة بالبضائع، واحد من مرفأ طرابلس الى العقبة، والثاني من مرفأ طرابلس الى مصر. ويضاف هذان الخطان الى خط بحري ثالث من طرابلس لنقل الشاحنات يربط بمرسين والاسكندرون في تركيا، إذ تم في شهر شباط الماضي تصدير نحو 251 شاحنة محملة بالضائع من تركيا الى طرابلس و264 شاحنة من لبنان الى تركيا. وقد تمّ امس إبحار باخرة من مرفأ طرابلس الى مصر محملة بضائع بنحو 37 شاحنة، وستبحر الاثنين المقبل باخرة الى ضباء قرب مرفأ جدة في السعودية محملة ببضائع الى الخليج العربي.
ولم يقتصر النشاط على مرفأ طرابلس فقط، فقد أفاد مرفأ بيروت كذلك من تعثر النقل البري عبر سوريا، بما دفع معظم المصدرين والمستوردين الذين كانوا يشحنون بضائعهم برا الى اعتماده لتنفيذ عملياتهم.
اذاً، سجل مرفأ بيروت، عكس بقية القطاعات نشاطاً لافتاً، وبدا ذلك واضحا من النتائج التي حققها المرفأ في الشهرين الأولين من السنة في مختلف نشاطاته، خصوصا في عدد البواخر، والشحن العام، والحاويات والعائدات. بدليل انه للسنة الثالثة توالياً، يدرج في لائحة المرافئ الـ 100 العالمية التي تتعامل مع أكثر من نحو مليون حاوية سنويا، وفق ما أكد رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور لـ "النهار".
ولفت الى ان حركة تصدير الحاويات المبردة وغير المبردة ارتفعت بشكل كبير، حتى بلغت بين 4 آلاف و5 آلاف حاوية شهريا. ويتوقع ان تستمر الوتيرة التصاعدية لحركة المرفأ في الفترة المقبلة، لا سيما بعد توقف حركة النقل البري عبر خطي لبنان سوريا - العراق، ولبنان سوريا - الاردن، والتي أكدت مصادر متابعة انها جاءت ردا على احراق شاحنات المحروقات السورية في لبنان.
هذه الوتيرة، وفق زخور، ستتعزّز أكثر مع اقتراب الانتهاء من انجاز مشروع توسعة المرفأ الذي يتم بوتيرة مرتفعة، إذ من المتوقع الانتهاء من هذه الورشة قبل النصف الاول من السنة، على ان تتم المباشرة في استخدام محطة الحاويات بكال طاقتها في مطلع تموز المقبل. وزيادة القدرة الاستيعابية ستمكنه كذلك من التعاقد مع شركات ملاحية عالمية لاعتماده كمركز للمسافنة (تشكل نحو 45% من اجمالي حركة المرفأ) باتجاه موانئ الحوض الشرقي للمتوسط.
الى ذلك، أشار زخور الى مسألة مهمة تصبّ في مصلحة الانتاج اللبناني الصناعي والزراعي المعد للتصدير. فلبنان يستورد بضائع بما يوازي الـ 21 مليار دولار سنويا في نحو 300 الف مستوعب (كونتينر) ويصدر بنحو 4 مليارات و500 مليون دولار عبر 50 الف مستوعب، بما يعني أن ثمة فائضا بنحو 250 الف مستوعب. لذا، فإن شركات الملاحة تعمد الى المنافسة في ما بينها عبر خفض الاسعار حتى لا تضطر الى ارجاعها الى المصدر فارغة، وتتحمل تاليا كلفة تحميلها وتنزيلها.
وفي خط مواز، دعا رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك السلطات الى "التحرك سريعا لفك اسر الشاحنات المحتجزة على المصنع وتأمينها بواسطة البحر الى مقصدها والسعي مع السلطات الاردنية والسورية الى عودة الشاحنات اللبنانية المحتجزة عند معبر النصيب"، مطالبا في الوقت عينه مؤسسة ايدال "بتحمل كل تكاليف خط العبارات الجديد لنقل الشاحنات الذي يصل مرفأ طرابلس بميناء العقبة".
وحمل السلطات لا سيما وزارة الزراعة "مسؤولية نتائج اقفال الحدود مع سوريا ان حيال الترانزيت او لجهة منع تصدير المنتجات اللبنانية الى سوريا، في وقت تجتاح المنتجات الزراعية السورية الاسواق اللبنانية محدثة مجازر على صعيد المنتجين اللبنانيين".
ودعا الحويك، المدير العام للزراعة لويس لحود "الى اتخاذ اجراءات رقابية صارمة على استيراد المنتجات الزرعية ووقف اغراق الاسواق بالفريز والبندورة والخيار والجنارك وانواع الخضر المختلفة، بعدما كانت وزارة الزراعة قد اباحت الاستيراد اي ضوابط او اجراءات او قيود غير جمركية.