أصبح مشهد الأطفال والرجال الذين يلاحقون صهاريج المياه في شوارع مدينة الحسكة السورية أمرا اعتياديا تماما، والتي أصبحت مهمة استثنائية إلى جداول يوميات سكان المدينة التي أنهكتها ظروف الحرب والحصار ، وذلك نتيجة قيام تركيا بقطع المياه من محطة علوك رداً على قيام تنظيم " قسد" بقطع الكهرباء من "سد تشرين" عن محطة تحويل المبروكة بريف راس العين التي تغذي مدن رأس العين وتل أبيض.
ورغم الإعلان عن بدء تشغيل تسعة آبار من أصل 30 بئراً في محطة علوك من قبل تركيا (يوم السبت)، بعد وصول 10 ميغا من الكهرباء إلى محطة مبروكة بريف رأس العين التي تغذي مدينتي رأس العين وتل أبيض وسلوك، لم يضخ المياه إلى الأهالي ولم تصل قطرة مياه واحدة إلى الخزانات الرئيسية بمدينة الحسكة حسب المؤسسة العامة لمياه الشرب في الحسكة لتبقى مشكلة انقطاع المياه قائمة دون أي حلول تبعد عن الأهالي شبح العطش.
لذلك بدأت المطالب والأصوات المحلية والدولية ترتفع بضرورة تحييد محطة آبار علوك وسد تشرين عن الصراعات التي لن تنتهي
أوضح سائق أحد صهاريج المياه الخاصة أوضح لموقع "سبوتنيك": إن "صهريجه بسعة 35 برميل يذهب مرات عدة من مركز المدينة إلى آبار نفاشة 12 كم بشكل يومي، وذلك لنقل المياه إلى المواطنين رغم الانتظار الطويل على مناهل المياه والتي تصل إلى 3 ساعات أو أربع ساعات لوصول الدور لكثرة الصهاريج".
في حين أبو أحمد وهو أحد سكان حي المساكن وسط مدينة الحسكة أوضح لــ " سبوتنيك " بان مليون نسمة يدفعون الثمن وأصبحوا ضحية، تركيا تتحكم بمصادر المياه و "قسد" تتحكم بالكهرباء وتسرق النفط والمواطن ضحية استغلال الطرفين للمياه والكهرباء لتحقيق المكاسب.
بدوره أبو محمد هو صاحب مطعم صغير لـ"سيبوتنيك" أكد "بأن الحل الوحيد هو أن يتدخل الجيش الروسي ويدخل إلى محطة علوك وتحيدها عن كل الصراعات لأنهم وصلوا إلى مرحلة كبيرة من التعب والإرهاق بسبب غياب مياه الشرب في ظل تضخم حجم خطر الإصابة بفايروس "كورنا"، يقولها ساخراً يطلبون منا "غسل اليدين بالماء والصابون" والماء غير موجود.
الشاب يوسف هو صاحب محل للحلاقة الرجالية شرح لـ "سبوتنيك" بان الزبائن يعانون من انتشار الفطريات والجراثيم والأوساخ في شعرهم واجسادهم وبشكل واضح، وذلك نتيجة استعمال المياه (المرة) المستخرجة من الآبار التي لا تصلح للشرب والنظافة، مؤكداً بان هناك خطر كبير على حياة الناس من الجانب الصحي والإنساني مع الارتفاع بدرجات الحرارة وانتشار الأمراض المعدية وأخطرها فايروس " كورونا " والذي تم تسجيل عدد لا بأس به من الإصابات في مدينة الحسكة وتوفي أكثر من مصاب.
مدير عام مؤسسة المياه الحكومية في الحسكة المهندس محمود عكلة أكد لمراسل "سبوتنيك" أنه لم يتم ضخ المياه باتجاه الحسكة حتى الآن ما يعني أن المشكلة قائمة وأن الحجج والذرائع التي يستند إليها المحتل التركي كاذبة، موضحا أنه لا حل لاستقرار المياه وضمان ديمومة عمل محطة علوك إلا بتسليم المحطة لعمال المؤسسة العامة لمياه الشرب بعد وضع نقطة عسكرية روسية في المحطة.
وأضاف العكلة بان تركيا قامت بإخراج عمال ومهندسي المؤسسة من محطة مشروع آبار علوك بريف راس العين بشكل كامل ويتعمدون إيقاف ضخ المياه، أو من خلال تخفيض عدد الآبار أو الكميات التي تضخ والتي وصلت في الآونة الأخيرة إلى 20 ألف م3 يومياً فقط، ما يهدد حياة مليون سوري بالعطش، منوهاً أن كميات المياه التي تحتاجها مدينة الحسكة وتل تمر وريفهما هو 100 ألف م3 يومياً.
ويعتبر مشروع آبار علوك القريب من مدينة رأس العين الواقعة تحت سيطرة تركيا المصدر الوحيد لمياه الشرب لمدينة الحسكة وضواحيها وبلدة تل تمر وريفها، ويقوم هؤلاء بين الحين والأخر بقطع المياه منه بحجة عدم التزام تنظيم "قسد" بالاتفاق وقطع التيار الكهربائي المغذي لمحطة مبروكة من سد تشرين.
وأكدت مصادر أهلية بالمنطقة بأن كميات الكهرباء الواصلة إلى محطة مبروكة لا تتجاوز الــ 10 ميغا من سد تشرين بريف حلب الواقع تحت سيطرة تنظيم " قسد" ، حيث تشترط تركيا زيادة كميات الكهرباء من 15 إلى 20 ميغا، باعتبار أن السد يضم 6 عنفات لتوليد الكهرباء وكل عنفة تولد 105 ميغا، إضافة إلى أن محطة تحويل مبروكة تغذي مدينة رأس العين وتل أبيض ورأس العين.
من جانبه المدير العام لشركة كهرباء الحسكة الحكومية المهندس أنور عكلة بين لمراسل "سبوتنيك" في الحسكة بأن "الجهات الحكومية السورية التزمت بكافة التفاهمات وقامت ورش الكهرباء بإصلاح الأعطال في الشبكة وصيانتها وإعادة تشغيل محطة تحويل مبروكة بريف رأس العين وتزويد المناطق بالكهرباء إلا أن تنظيم " قسد" يتعمد قطع الكهرباء من مصدرها من سد تشرين بريف حلب".
وأوضح عكلة بان "الشركة قامت بتزويد محطة أبار علوك بخط 20ك.ف.أ من محطة تحويل مدينة الدرباسية بطول 50 كم، إلا أن هذا الخط يتعرض لتجاوزات وتعديات ما يضعف التيار الكهربائي الواصل للآبار في المحطة".
وطالب عكلة بضرورة "تحييد جميع محطات التحويل الكهربائية ومحطات التوليد ومحطة مياه علوك عن الصراعات السياسية والعسكرية
يذكر بأن الاتفاق بين أطرف الفصائل المعارضة وطرف تنظيم "قسد" برعاية روسية تركية نص على تزويد محطة تحويل كهرباء مبروكة بكمية 20ميغا مقابل استمرار ضخ المياه من مشروع آبار علوك بريف رأس العين، حيث لم يلتزم تنظيم "قسد"