مع التحول نحو العمل عن بعد نتيجة آثار جائحة كوفيد-19، اضطرت الشركات في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي إلى البحث عن طرق لتسهيل التعاون دون معوقات بفعالية وكفاءة ضمن فرق لا يمكنها التواصل جسديًا. أصبحت المؤسسات المهيكلة على أساس الاعتماد على السحابية أو الاستثمار فيها، باستخدام منصات مثل Microsoft Office 365، وأدوات مؤتمرات الفيديو مثل Zoom وTeams/ موجودة في كل مكان. بشكل عام، حظيت صناعة التقنية بنمو كبير وزيادة الاستثمار، حتى في هذه الأوقات العصيبة.
بدأ أصحاب العمل المبتكرون الذين تأثروا بالوباء على الفور في البحث عن ما هو أبعد من الحلول الحالية، وبدأوا في استكشاف ما يمكن أن يشكل مكان العمل في المستقبل. تكمن الإجابة بالنسبة إلى الكثيرين في التقنيات الغامرة مثل الواقع الافتراضي (VR)، ما يؤدي إلى زيادة الاهتمام بهذا الوسيط الناشئ أكثر من أي وقت مضى في عام 2020. تم بيع سماعة رأس الواقع الافتراضي المستقلة Oculus Quest من شركة فيسبوك عدة مرات في جميع أنحاء العالم في الأشهر الستة الماضية، بينما أبلغ المطورون من أمثال شركة Pico عن زيادات كبيرة في الطلب على سماعات رأس VR التي تركز على المؤسسات.
بدأت الشركات في تقدير القوة الحقيقية والإمكانيات لما يمكن أن تقدمه تقنية الواقع الافتراضي، بعد أن أدركت أن الواقع الافتراضي كان أكثر من مجرد أداة ألعاب أو اتجاه تقني. ينطبق هذا بشكل خاص على منصات الواقع الافتراضي الاجتماعية متعددة المستخدمين، والتي يمكن أن تسهل على الزملاء الالتقاء معًا في مساحات افتراضية لتنظيم الاجتماعات والعروض التقديمية والأحداث. لقد انتقلت المؤتمرات وورش العمل والندوات، وحتى عروض الأزياء - على سبيل المثال لا الحصر - التي لم يعد من الممكن أن تحدث فعليًا، إلى العالم الافتراضي.
تكمن الفائدة الأكثر فعالية لوسيلة الواقع الافتراضي بالنسبة إلى العديد من المؤسسات في الشعور "بالحضور" الذي يمكن لهذه التقنية إنتاجه بالنسبة إلى مستخدميها. لقد أصبح من الواضح مع إجبار عالم العمل على العمل عن بعد هذا العام، أن الأعمال يمكن أن تستمر، ولكن كان من الصعب إعادة إنتاج الشعور "بالمجتمع" الذي يتم تعزيزه داخل المكتب من خلال مكالمات Zoom. لا تستطيع الوسائط ثنائية الأبعاد التقليدية، مثل أدوات مؤتمرات الفيديو، تحقيق الشعور الجماعي الذي يمكن تحقيقه من خلال منصات الواقع الافتراضي متعددة المستخدمين، مثل AltSpace أو ENGAGE أو VirBELLA. يعد هذا هو السبب الجوهري للإشارة إلى الواقع الافتراضي وغيره من التقنيات الغامرة، مثل الواقع المعزز (AR)، على نحو متزايد باسم "الحوسبة المكانية". حيث يمكن للمستخدمين ضمن المساحات الافتراضية ثلاثية الأبعاد، التفاعل بعضهم مع بعض بطريقة عضوية أكثر تحاكي ديناميكيات الحياة الواقعية.
بدأ المزيد من الشركات هنا في الإمارات العربية المتحدة استخدام حلول الواقع الافتراضي لكل شيء، من التعاون عن بعد إلى تدريب الموظفين وتطويرهم إلى التسويق وما بعده. يسلط تقرير برايس ووترهاوس كوبرز الأخير حول التأثير الاقتصادي للتقنية الغامرة في دولة الإمارات العربية المتحدة الضوء على إمكانات النمو الهائلة، حيث من المتوقع أن تنمو مساهمتها الاقتصادية بشكل كبير من 0.1 مليار دولار في عام 2019 إلى 4 مليارات دولار بحلول عام 2030. وتتصدر الإمارات العربية المتحدة الطريق في المنطقة من حيث الاعتماد على الواقع الافتراضي. ويقول أحد الخبراء في هذا المجال: "لقد شهد مستوى الاهتمام وتطبيق الواقع الافتراضي في الإمارات العربية المتحدة مزيدًا من الإجراءات والمعنى هذا العام، لا سيما فيما يتعلق باستخدام المؤسسات للتعلم والتطوير".
كما لاحظت المؤسسات التعليمية ذات التفكير المستقبلي نمو الاعتماد على الواقع الافتراضي، وقد استثمر العديد من المدارس هنا في الإمارات العربية المتحدة في هذه التقنية بشكل ما. وطبق العديد منهم مجموعة من حلول الواقع الافتراضي، حيث صممت خيارات الأجهزة لمراحل تدريس منفصلة. لقد أصبح من الواضح الآن أن الواقع الافتراضي سيكون تقنية أساسية ومتكاملة للعالم الأكاديمي. يعد ضمان حصول الطلاب على فرصة التعامل مع هذه الأداة الرائعة الآن هو أفضل طريقة لضمان استعدادهم لأماكن العمل المستقبلية المليئة بالتقنية الغامرة. كما يجب على الشركات أن تضع في اعتبارها أنها تتخذ قرارات استراتيجية الآن لإنشاء بنية تحتية يمكنها استيعاب طرق العمل المستقبلية، وخاصة الواقع الافتراضي.
لقد أصبحت هذه الوسيلة أقوى حقًا بعد وباء كوفيد-19 من أي وقت مضى، على الرغم من التصريح المنتظم إلى حد ما بأن "الواقع الافتراضي قد مات". يبدو أن هناك المزيد من النمو لا مفر منه، خاصة مع اقتراب شركة Apple على ما يبدو من دخول مجال التقنيات الغامرة، بعد أن استحوذت مؤخرًا على مجموعة من استوديوهات الواقع الافتراضي، بما في ذلك NextVR وSpaces. أصبحت سماعات الرأس أصغر حجمًا وأرخص سعرًا وأكثر قوة ومستقلة، ما يلغي الحاجة إلى أجهزة كمبيوتر ألعاب متطورة لتشغيلها، ويبدو أن الواقع الافتراضي مهيأ ليأخذ مكانه كواحد من التقنيات الأساسية المستخدمة في العديد من القطاعات في العقد القادم، وباعتبارها أحد مراكز الابتكار العالمي، ستسعى دولة الإمارات العربية المتحدة، بلا شك إلى الحفاظ على مكانتها في طليعة التكامل التكنولوجي الغامر.
المصدر: فوربس الشرق الأوسط